الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا يُحاكم هؤلاء عسكرياً أيضاً ؟

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 5 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا يمكن أن يكون هناك نصير لحقوق الإنسان ، و يكون في ذات الوقت يكون نصير لتقديم المدنيين لمحاكم عسكرية ، لما يشوب تلك المحاكمات من نقص في ضمان حقوق المتهمين ، و لما يشوبها من تسرع في إصدار الأحكام ، و صرامة ، و تشدد ، في إختيار أحكامها .
المحاكم العسكرية بطبيعتها هدفها في الأساس هو حفظ الإنضباط في القوات المسلحة ، و لهذا تجب فيها السرعة ، مع الصرامة .
على إن رفض وقوف المدنيين أمام المحاكم العسكرية ، لا يعتمد فقط على ما ذكرته آنفاً ، بل و أيضاًَ لأن محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية هو بذرة كراهية بين الشعب و جيشه ، أو فجوة كره بين الشعب ، و جيشه ، كما ذكرت في مقال : إنه إسفين بين الشعب و جيشه ، و الذي نشرته منذ سنوات ، بعد التعديلات الدستورية التي صدرت في عهد مبارك ، و التي أجازت تحويل المدنيين لمحاكم عسكرية .
هذا هو موقفنا في حزب كل مصر من إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية ، و لكن هذا الموقف لا يلتزم به المجلس العسكري الحاكم .
أمامنا أمثلة كثيرة لمحاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية ، بعضها في أحداث جنائية ، كالحكم بإعدام شخص قتل آخر عمداً ، و جهاراً ، و الأهم على ناشطين سياسيين ، تهمهم تتراوح بين تظاهر ، و إعتصام ، و نقد للمجلس العسكري ، أو نقد لفكرة ، أو قانون .
إذاً المجلس العسكري الحاكم ليس لديه مانع في اللجوء لسيف المحاكم العسكرية ، فلماذا لا يستعمل سيفه هذا في ما هو ضروري الآن ، و يحتاجه الشعب ، و يطالب به ؟؟؟
جميعاً نرى الفتنة بعد أن تم إيقاظها عمداً ، تستفحل ، و تهدد بإلتهام مصرنا ، و جميعاً نرى محاولات إجهاض الثورة ، و جميعاً نشعر بالإحباط من المسار الذي إتخذته الحياة السياسية المصرية ، و كذلك الوضع الأمني ، فلماذا لا يستخدم المجلس العسكري الحاكم سيف المحاكمات العسكرية لحماية الثورة ، أي لحماية مكتسبات الشعب التي تحققت بعد الخامس و العشرين من يناير 2011 - و هي بالمناسبة مكتسبات هزيلة للغاية - خاصة إنه يتشدق بإستمرار بإنه حامي الثورة ؟؟؟
هناك ثورة مضادة ، أو بتعبير أفضل محاولات لإعادة الأمور لما كانت عليه قبل الثورة ، فلماذا لا يُظهر المجلس العسكري حزمه ، و يحيل مبارك لمحكمة عسكرية ، و معه حبيب العادلي ، و قيادات جهاز الشرطة ، لمحاكمات عسكرية عاجلة ، خاصة أن التهمة واضحة ، و ثابته ، و ضخمة ؟؟؟
لقد صدر حكم سريع بالإعدام من محكمة عسكرية بحق شخص مدني بسبب قتله لفرد واحد ، فلماذا لا يحاكم رئيس سابق ، و رئيس جهاز إستخباراته ، و وزير داخليته ، و قادة الأمن المركزي ، و قادة جهاز مباحث أمن الدولة ، أو أمن النظام في الواقع ، و مديري أمن القاهرة ، و السويس ، و الإسماعيلية ، و محافظات أخرى ، بسبب قتل أكثر من 800 شخص أعزل ، و هذا الرقم نشر في موقع دويتشه فيليه ، الإخباري الألماني ، في الثالث عشر من مايو 2011 ، و هو رقم أكبر بكثير من رقم 380 الذي نشرته بعض وسائل الإعلام النظامية ؟؟؟
هل التظاهر السلمي ، و إعتصام العزل ، و كتابات المدونين - سواء إتفقنا مع كتاباتهم ، أو لم نتفق - جرائم أكبر بكثير من قتل أكثر من 800 مدني أعزل ، لم يكن لهم مطالب سوى الديمقراطية ، و العدالة ، و الكرامة ، و الرفاهية ؟؟؟
البلد يسير نحو الفوضى ، فلماذا لا يرسل المجلس العسكري الحاكم رسالة حازمة ، واضحة ، و صريحة ، و عاجلة ، لمن يعبثون بأمن مصر الداخلي ، تقول لهم : لا أحد فوق الحساب ، و ها هو من كان أكبر رأس في البلد ، و معه عمر سليمان رئيس جهاز إستخباراته ، و كبار رجال جهاز الشرطة في عهده ، و الضباط الذين نفذوا جريمة قتل المدنيين العزل ، قد صدرت بحقهم أحكام بالإعدام ، و تم تنفيذها بسرعة ؟؟؟
المجلس العسكري عليه أن يثبت للشعب المصري بإنه ليس إمتداد لعهد مبارك - سليمان ، و إنه لن يكون هناك حبيب عادلي أخر ، و أن لا عودة لجهاز مباحث أمن الدولة تحت أي مسمى ، و أن الشرطة ستعود خادمة للشعب ، و ليست سيدة عليه ، و أن ضابط الشرطة سيعود ليكون مواطن عادي ، و ليس ديكتاتور صغير ، أو جبار من الجبارين .
من يقدم المدنيين لمحاكم عسكرية ليس لديه عذر لعدم تقديم هؤلاء المجرمين لمحاكم العسكرية ، فالجريمة واضحة ، ثابته ، حديثة ، و ضخمة ، و الذين قاموا بإصدار الأوامر ، و المتابعة ، كلهم ينطبق عليهم وصف شخص عسكري بشكل أو أخر ، فمبارك كان القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية ، و عمر سليمان كان رئيس جهاز الإستخبارات ، و ربما لازال ، و العادلي كان وزير للداخلية ، و بقية المجرمين من وزارة الداخلية ، أي كان لهم صفات عسكرية ، أو شبه عسكرية ، و في كل الأحوال هم أقرب للصفة العسكرية من متظاهرين ، و معتصمين ، و مدونيين ، و ناشطين سياسيين ، كلهم عزل ، و قفوا أمام محاكم المجلس العسكري الحاكم العسكرية ، أو يقبعون للآن خلف أسوار الأسر بدون محاكمات على الإطلاق .
كما أن بإمكان المجلس العسكري إضافة تبرير أخر - إن كان يحتاج لتبرير - هو أن مبارك هو الذي شرع تقديم المدنيين لمحاكم عسكرية ، و جعل ذلك نص من نصوص الدستور ، و لم يعترض سليمان ، و لا العادلي ، إذا لا ظلم لو تجرعا ، و معهما أخرين أجرموا بحق الشعب ، نفس السم الذي وضعوه للشعب .
كما يمكن للمجلس العسكري الحاكم عمل إستفتاء بشأن تقديم مبارك ، و سليمان ، و العادلي ، و كبار رجال وزارة الداخلية في عهد مبارك ، للمحاكم العسكرية ، ليغسل يديه من المسئولية ، و يلقي بالمسئولية على عاتق الشعب ، إن كان يحتاج لذلك .
الشعب يريد أن يثبت المجلس العسكري الحاكم إنه لا يكيل بمكيالين .
إما أن يقف مبارك ، و أركان نظامه ، أمام المحاكم العسكرية ، و إما أن يتم التوقف عن محاكمة المدنيين عسكرياً .
الشعب يريد أن يثبت المجلس العسكري الحاكم إنه حامي الثورة فعلاً .
الشعب يريد الأفعال ، لا الأقوال ، لأنه لم يعد يصدق الأقوال .
الشعب يريد حسم تلك القضية ، و قطع دابر ذيول النظام الذي أسسه مبارك ، و أداره عمر سليمان ، و لازال له دور ، و لعبت فيه الشرطة دور الهراوة .
الشعب يريد إرسال رسالة حازمة ، واضحة ، و عاجلة ، لأعداء الثورة ، أعداء الشعب .

من خلف أسوار رومانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة