الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول الصحة العقلية

جواد الديوان

2011 / 5 / 17
الطب , والعلوم



يتمتع الانسان بصحة عقلية كاملة عندما يستطيع التعرف على قابلياته، ويتغلب على التوترات الطبيعية في الحياة اليومية، ويعمل لانتاج مثمر، ويشارك مجتمعه. وتعارف العلماء بان اي شيء اقل من الصحة العقلية الكاملة يؤدي الى العجز والعوق.
تزايد الاهتمام بالصحة العقلية في السنوات الاخيرة، فتقرير منظمة الصحة العالمية في 2001 تم تخصيصه بالكامل تقريبا للصحة العقلية. والبنك الدولي اشار بوضوح الى اهمية الصحة العقلية في استراتيجيات اصلاح الاقتصاديات المتعثرة. والدول الاوربية الاعضاء في منظمة الصحة العالمية (52 دولة) والاتحاد الاوربي قدمت خطة لتعزيز الصحة العقلية في 2005، كما اصدر الاتحاد الاوربي ورقة خضراء تتناول سبل تعزيز الصحة العقلية والارتقاء بها.
الاهتمام العالمي بالصحة العقلية تاخر كثيرا، فهناك شخص من كل اربعة يصاب بمرض نفسي طيلة حياته. وهناك فجوة واضحة بين العلاج المتوفر والحاجات لذلك العلاج. والانتحار على قمة الاسباب العشرة للوفيات المبكرة في اوربا، وينتشر بين الذكور بشكل اكبر منه بين الاناث. والانتحار السبب الثاني بعد حوادث الطرق بين اسباب الوفيات بين الذكور في اعمار 15 الى 35 سنة. ولا تتوفر معلومات حول انتشار الانتحار في دول العالم الثالث. ورغم ان مشاكل الصحة العقلية سبب ل20% من العوق في اوربا الا انها تحصل على النسبة الاقل من الصرفيات (اقل من 5%).
اشكاليات الصحة العقلية تنعكس على الصحة الجسمية والعلاقات العائلية وتؤثر سلبا على الشبكة الاجتماعية وعلى العمل وكسب الرزق وبالتالي الحالة الاقتصادية. وتبقى الوصمة مرتبطة بالامراض العقلية وقد تكون سببا لفرقة اجتماعية. ورغم تنامي الاهتمام بالصحة العقلية والتعرف على الامراض العقلية وعلاجها، فهناك مناطق من العالم تسوء فيها الصحة النفسية. وفي اوربا على سبيل المثال فان التغيرات الاجتماعية والاقتصادية ترتبط مع تناقص الصحة العقلية، ويعني ذلك زيادة في مشاكل الكحول والانتحار والعنف.
اشكاليات الصحة العقلية تنتشر بين المهاجرين بسبب النزاعات والصراعات او هربا من الاضطهاد (هجرة بالاكراه) وقد عانى العراقيون من هذه الهجرات في العقود الماضية قبل وبعد التاسع من نيسان 2003. وتنتشر كذلك بين المهاجرين لاسباب اقتصادية، او بين الذين يعانون من الاشكالات الاقتصادية في بلدانهم والعراق مثال ذلك حيث نسب البطالة العالية وكذلك الهجرة بسبب الحصار الاقتصادي الخانق لفترة تربو عن عقد من السنوات. والتغيرات الديموغرافية تؤثر في الصحة العقلية وفي اوربا مثلا ستظهر مشاكل الصحة العقلية المتعلقة بالعمر في العقود القادمة. ولابد من الاشارة الى ان ضغوط عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لا ترحم بالمجتمع، ويعاني العراق من عدم استقرار اقتصادي واجتماعي واضح ومن دون معالجات مما يزيد من التحديات مستقبلا.
هناك علاقة واضحة بين الحرمان الاجتماعي وعدم التمتع بالصحة العقلية الكاملة، فالاشخاص في مناطق ذات نسب بطالة عالية معرضون للاصابة بمشاكل الصحة العقلية (الامراض العقلية) وهذا خطر واضح للعيان في العراق. والوصمة ذات الجذور العميقة في المجتمع مع الجهل تقلل فرص التعليم والعمل لمستخدمي خدمات الصحة العقلية (المرضى). كما ان احتمالا ت الاحتكاك باجهزة القضاء والشرطة عالية للمصابين بالامراض العقلية ضحايا او مرتكبين. واخيرا فان اطفال المصابين باشكالات الصحة العقلية سيعانون من الاهمال واضطراب الدراسة مما يؤثر سلبا على مستقبلهم وصحتهم العقلية.
كلفة معالجة الامراض العقلية عالية، وتقدر في الاتحاد الاوربي 3 الى 4% من الناتج القومي. وكلفة الامراض العقلية واسعة الانتشار وتاثيرها الاقتصادي اكبر واكثر وضوحا خارج قطاع الصحة. فالخسائر في الانتاج نتيجة الاجازات المرضية الطويلة والقصيرة، وكذلك تقلل الاصابات الاداء وتقلل فرص التطوير الوظيفي وتؤدي الى التقاعد المبكر وتقلل الانتاج في الحياة بسبب الموت المبكر. وهناك خسائر في قطاعات اخرى مثل العناية الاجتماعية والاحتكاك مع القضاء والشرطة وبين العوائل.
بناء الصحة العقلية الكاملة يحتاج الى سياسة صحية تجمع كل انشطة مؤسسات الصحة وتنسق بينهم. وهذه دعوة للبحث عن المشتركات والحاجات والخبرات والاستجابة وتفهم اسباب الخلاف في كل مناطق العراق، لنتوقع تعزيزا للصحة النفسية العقلية ومتابعة عقابيل مشاكل الصحة العقلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #شاهد .. باكستان تستقبل 44 طالباً من غزة لدراسة الطب


.. لماذا يتأخر تشخيص سرطان الثدي عند الرجال؟




.. لماذا يتأخر تشخيص سرطان الثدي عند الرجال ؟


.. لما يهل عليكي الاكتئاب بسعراته الحرارية ??




.. في مواجهة الخصوم الأجانب.. مايكروسوفت تستعد لـ “سيناريو الفو