الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا حدث فى مؤتمر العمل العربى بالقاهرة؟

عبدالوهاب خضر

2011 / 5 / 17
الحركة العمالية والنقابية


عناوين:
ننشر وثائق"العمل العربى" بالقاهرة :
*عدم وجود موارد مالية وزيادة عدد الداخلين الجدد لسوق العمل يهدد الخطة القومية للتشغيل فى مصر!

*تحسين مناخ الأعمال بتوسيع استخدام الشباك الموحد وتيسير الدخول للأعمال ومحاربة الفساد و تقديم حوافز للاستثمار و تحسين الأجور أبرز وصايا "لقمان"

ا*لمنشآت الصناعية تتعرض لمخاطر الفشل خلال السنوات الثلاث الأولى من قيامها لاسباب اقتصادية وغياب الكفاءة والإدارة

*دعوة الى تشجيع المبادرات لإحياء الصناعات والحرف التقليدية ومنح عناية خاصة للإبداع

*شبح البطالة وانخفاض المرتبات و التحويلات المالية تحديات تواجه سوق العمل

*تطبيق معايير العمل العربية والدولية الداعية إلى المفاوضة الجماعية وتنظيم علاقات العمل تمهد الطريق لتطور الحوار الاجتماعي بين الاطراف


*حركة التوظيف العربية ضعيفة بسبب الاختلالات الهيكلية الناتجة عن الفجوة بين العرض والطلب و السياسات التعليمية والتدريبية الفاشلة

*توقعات بأن يظل النمو في القوى العاملة متجاوزا النمو في التوظيف في المستقبل.

*مطالب بتوسيع اختصاصات الاتحاد العام للعمال لتكون له سلطة الاشتراك في الحوار الاجتماعي وإبرام اتفاقات العمل الجماعية



يوم الاحد 15 مايو 2011 بدأت فى القاهرة الدورة الثامنة والثلاثون لمؤتمر العمل العربى والذى ينتهى فعالياته 22 مايو الجارى، حيث كان مقررا عقده فى لبنان الا ان الظروف السياسية والامنية حالت دون ذلك وتقرر تنظيمه فى دولة المقر.
و"مصر" التى تحتضن هذا المؤتمر الذى يحضره عدد كبير من ممثلى اصحاب الاعمال والحكومات والعمال لا تقل توترا على الاقل على المستوى الاقتصادى عن دول اخرى مجاورة ، وهو الامر الذى يفرض على المشاركين التعامل بجدية مع الملفات التى فجرت الثورات والاحتجاجات العربية خاصة البطالة والاجور وتدهور المشروعات الصغيرة تحت براثن الروتين وانهيار منظومة التعليم وغياب التدريب . المؤتمر الذى يأتى تحت رعاية د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء ويحضره نائبه يحى الجمل وزير العمل المصرى احمد البرعى، ويتحدث فيه خبراء ومتخصصين كبار وتنظمة منظمة العمل العربية برئاسة احمد لقمان يضم العديد من الوثائق والاوراق والمعلومات الخاصة بالحياة الاقتصادية والمشروعات الصغيرة وملف الحوار الاجتماعى بين اطراف العمل الثلاثة" حكومة ورجال اعمال وعمالا" .
حصلنا على هذه الوثائق التى سيجرى مناقشتها والتى تضم بعض وصايا "احمد لقمان" المدير العام للمنظمة من اجل انعاش الاقتصاد فى مصر و الدول العربية.. فإلى التفاصيل؟


فرص عمل
تشير ورقة المدير العام لمنظمة العمل العربية أحمد لقمان أن منطلق جميع الاحتجاجات الشعبية المستمرة حتى الان كان يتركز على فرص العمل وتحسين الأجور وتطوير ظروف وشروط العمل فإنطلاق شرارة الاحتجاج تجسم ذلك بوضوح ، إذ هى مأساة شاب متعلم لم يجد فرصة عمل لسنوات، فاتجه للقطاع غير المنظم ليقتات بما يسد رمقه لكن ممثل القانون والأمن رأى فى ذلك مخالفة ومبررا للإذلال ،وعندما سعت الضحية للبحث عن الإنصاف فى مقام إدارى أرفع صدت أمامه الأبواب فتملك اليأس والغضب من الضحية بما يكفى لحرق نفسه حيا ليشعل جسمه الملتهب شرارة الغضب آلاف المشاعل ثم ملايينها .
ومن هنا ترى وثائق المؤتمر أهمية مواجهة ازمة البطالة موضحا أنه فى مصر جارى اتخاذ الإجراءات اللازمة لاعتماد العقد العربى للتشغيل من الجهات الرسمية المختصة وقد تم إعداد نظام معلومات وطنى عن قضايا التشغيل حيث تم تطوير 186 مكتب تشغيل على مستوى الجمهورية وجارى تطوير عدد (121) مكتب كما تم اعتماد خطة قومية لتشغيل الشباب تهدف إلى توفير 650 ألف فرصة عمل للشباب سنويا فى حين جارى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقنين أوضاع العاملين بالقطاع غير المنظم مرحليا.
وتطالب الوثائق بضرورة تخفيض معدلات البطالة إلى النصف حيث تقدر نسبة البطالة المصرى فى عام 2009 مثلا بــ 9.4% وهى بين الذكور 5.2% ، وبين الإناث 23% وان حجم المشاركة الاقتصادية فى العمالة القطرية تبلغ 22975300 ( 18397000 من الذكور ، 4578300 من الإناث) وانه من المتوقع بحلول عام 2015 الانتهاء من تنفيذ الخطة القومية لتشغيل الشباب إلا ان من معوقات تنفيذ هذه الخطة اشتراك جهات متعددة وصعوبة الربط بينهم وعدم وجود موارد مالية كافية فضلاً عن زيادة عدد الداخلين الجدد لسوق العمل المصرى (750 ألف سنويا) يستلزم توفير فرص عمل لهم وتواصل الوزارة مساعيها بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى لإيجاد حلول لهذه المعوقات ، موضحا ان العمالة القطرية الناشطه اقتصادية تبلغ 25353400 والعمالة العربية المتنقلة تبلغ 6847 فى حين تبلغ العمالة الأجنبية الوافدة 133302 وذلك حسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء – نشرة القوى العاملة لعام 2009.ودعا التقرير الى رفع نسبة الملتحقين بالتعليم والتدريب المهنى حيث يبلغ اجمالى خريجي البرامج التدريبية بمراكز التدريب التابعة لوزارة القوى العاملة 11889 خريج عدد الإناث منها 8780 خريجه فقط

المشروعات الصغيرة

وتؤكد وثائق المؤتمر انه لا حل لمشاكل البطالة وتحسين الاقتصاد فى مصر ومعظم الدول العربية الاخرى الا بالمشروعات الصغيرة ،خاصة بعد أن خرج علينا خلال الاسبوع الماضى تقرير رسمى يؤكد مدى اعتماد الدول المتقدمة على المشروعات الصغيرة وهى معلومات صادر عن مؤسسة دويتش بنك للأبحاث لتوضح أهمية مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمشروعات العائلية فى النشاط الاقتصادى، خاصة فى مجال التوظيف,فرغم أهمية المشروعات الصغيرة إلى أن عددا كبيرا من الدول يستهين بمساهمة هذه الدول، مشيرا إلى وجود اعتقاد خاطئ بأن الدول المتقدمة تتصف بمساهمة الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات فى معظم النشاط الاقتصادى،فنسبة الشركات الكبيرة إلى إجمالى الشركات ضئيلة، ففى قارة أوروبا التى تضم 27 دولة أوروبية، تبلغ نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى قطاع الأعمال غير المالى حوالى 99.8% من إجمالى 20 مليون منشأة، وتتسم مساهمة هذه الشركات بالأهمية، حيث تصل نسبة مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى 50% فى الدول مرتفعة الدخل، و فى ألمانيا تعتبر هذه المشروعات شريكا تجاريا هاما تبلغ مساهمته 25% من إجمالى صادرات ألمانيا.
انعاش الاقتصادى
ومن هذا المنطلق تاتى اهمية المشروعات الصغيرة خاصة فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد فهى احدى اليات تسريع الانتعاش الاقتصادى ولذلك جاءت وثائق الدورة الثامنة والثلاثين لمؤتمر العمل العربى حول المنشآت الصغيرة والمتوسطة ، ويمثل ذلك عودة مبررة لموضوع طرح فى الدورة (21) للمؤتمر عام 1994 وكان بندا فنيا فى الدورة (35) لعام 2008 .
وأسباب العودة - كما تشير الوثائق- تتمثل خاصة فيما طرأ على علاقات التبادل التجارى السلعى والخدمى منذ اتفاقية الجات عام 1994 وبرامج الإصلاح الاقتصادى التى باشرتها أغلب الدول العربية ، والتى هدفت فى مجملها ، إلى تدعيم اقتصاد السوق ، ومنح دور متزايد للقطاع الخاص فى التنمية والتشغيل ، وتشجيع المبادرة الحرة ، وعمادها المنشآت موضوع التقرير، وخلال هذه الفترة واجهت هذه المنشآت صعوبات فى التمويل والإدارة والتسويق ، وفي رفع كفاءتها الاقتصادية وأداء العاملين فيها ، وفي مواجهة منافسة شديدة ، تزداد ضراوة إلى حد الإغراق .
وتشير اوراق المؤتمر الى انه ومنذ آخر تناول للملف المشروعات الصغيرة فى مصر والعالم العربى ساد العالم أزمة مالية تحولت إلى أزمة اقتصادية ثم أزمة اجتماعية وأزمة تشغيل ، وعانت هذه المنشآت من الأزمة لأنها الأضعف فى حلقات الإنتاج، رغم ان المنشآت الصغرى تمثل ما يزيد عن 85% من المنشآت العربية ، وتقع نسبة هامة منها فى القطاع غير المنظم،وهى أكبر مولد لفرص العمل ، من خلال التشغيل الذاتى وبرامج تشغيل الشباب وبرامج موجهة لتشغيل فئات خاصة من الداخلين الجدد فى سوق العمل مثل المرأة أو المتعلمين أو فى برامج هدفت إلى توطين الوظائف ، ويقدرعدد هذه المنشآت فى بلداننا العربية بنحو 12 مليون منشأة تشغل قرابة 30 مليون عامل ، ويفتقر التقدير الدقيق إلى مسوح ميدانية وبيانات شاملة ومحدثة ، وما هو متاح من بيانات يشير إلى وجود 2.6 مليون منشأة عاملة فى مصر تشغل قرابة سبعة ملايين عامل .
وتوضح الاوراق الرسمية للمؤتمر أن هذه المنشآت تمثل 95% من القطاع الصناعى فى المغرب وتشغل 50% من العاملين فى القطاع الخاص وهى تنتج 30% من صادرات المغرب وتنتج 40% من الناتج المحلى ،كما يمثل إنتاج هذه المنشآت 14% من الإنتاج الصناعى فى المملكة العربية السعودية ، و8% من صادراتها الصناعية ، وفى سلطنة عُمان تساهم هذه المنشآت بـ 22% من الناتج المحلى الإجمالى ، ورغم أن هناك تخطيط لزيادة عدد هذه المنشآت وتشجيع تطورها فى عدد من البلدان العربية فمخطط التنمية فى الجزائر يتضمن زيادة عدد هذه المنشآت بـ 40 ألف سنويا حتى عام 2014 ، وفى تونس تقدر الزيادة السنوية بنحو 14 ألف ، الا أننا بحاجة إلى زيادة عدد هذه المنشآت ، فنسبة عدد هذه المنشآت إلى كل ألف من القوى العاملة لايزيد عن (0.47%) فى البلدان العربية لكنها ثلاثة أضعاف ذلك فى بلدان آسيا ، ونجد فى أمريكا اللاتينية ضعف ما لدينا من منشآت .
مخاطر ووصايا
ورقة المنشأت الصغيرة التى يجرى توزيعها على المؤتمر بالقاهرة قالت أن هذه المنشأت تتعرض لمخاطر الفشل خاصة خلال السنوات الثلاث الأولى من قيامها ، وأهم عوامل الفشل هى اقتصادية فى الأساس خاصة فى قطاعات الزراعة والتعدين والخدمات ، وتأتى بعدها العوامل الخاصة بالكفاءة والإدارة ونلاحظ ذلك خاصة فى أنشطة الإسكان والمقاولات والنقل والمواصلات وتجارة التجزئة وهى نفس الأنشطة التى قد تتعرض للفشل بسبب نقص المبيعات وتقدم هذه الورقة بعض التوصيات لانقاذ المشروعات الصغيرة اذا كان هناك رغبة فى الاصلاح الاقتصادى ومن ابرز هذه التوصيات اعتبار المنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة كقاطرة النمو الداعمة للتشغيل ، والعمل على العناية بها فى مستويات التخطيط والتمويل ، واعتمادها من أهم وسائل تحقيق غايات التشغيل .
ولانقاذ المشروعات الصغيرة ايضا تطالب وثائق المؤتمر بدعوة مصر و البلدان العربية لإنشاء جهاز حكومي يهتم بالمنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة ويقوم بالتنسيق بين مختلف البرامج والسياسات الداعمة لهذه المنشآت، وينشأ بجانب ذلك مجلسا أعلا استشاري موسع يتألف من المعنيين بهذه المنشآت : مشروعاتٍ وإدارةً وتدريبا وتمويلا وتسويقا ومشروعات خاصة بتشغيل الشباب أو التشغيل الذاتي وصناعات تقليدية وتعاونيات حرفية على أن تكون منظمات أصحاب الأعمال والتنظيمات العمالية ممثلة فى المجلس بالقدر الكافي ، ويعني هذا المجلس بالسياسات المتكاملة المتناسقة حول هذه المنشآت ، كذلك السعى لتقنين وتنظيم عمل المنشآت بأنواعها الثلاثة من خلال إقرار قوانين ونظم وطنية شاملة تنظم عمل هذه المنشآت وصور التعامل معها تمويلا ، ودعما فنيا ، وتدريبا ، وتسويقا ، ومعاملة ضريبية ، وتوفيرا للمعدات والخامات وأماكن العمل ، إلى غير ذلك من الأوجه الحيوية الضرورية لنجاح عمل هذه المنشآت ، وتخصيص مركز أو أكثر من مراكز التدريب ليعني بصورة خاصة بالتدريب في مجالات المنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة لإنشائها أو إدارتها أو تطويرها , يتم فيها تقديم المهارات الفنية والإدارية اللازمة لنجاح هذه المنشآت ، والعمل على أن تضم برامج مراكز التدريب وإعداد المدربين وبرامج بعض الكليات برامج خاصة بهذه المنشآت ، وتشجيع المبادرات لإحياء الصناعات والحرف التقليدية ومنح عناية خاصة للإبداع فيها لزيادة قيمتها المضافة وحضورها الفاعل في الأسواق العالمية وتطوير التعاونيات الحرفية لدعم الحرفين وتطوير مهاراتهم وفتح الأسواق أمامهم وتذليل صعوبات التمويل والتدريب التي تواجه منتسبيها ، والعناية بالمنشآت ضمن القطاع غير المنظم لإسنادها وحل مشاكلها التدريبية والتمويلية والتسويقية والإدارية الخاصة بمساهمة نشطة من تفتيش العمل بتقديم العون أكثر من الردع ومتابعة أوضاع هذا القطاع من أرفع مواقع صنع القرار ، والتحسين المستمر في مناخ الأعمال بتوسيع استخدام الشباك الموحد وتيسير الدخول للأعمال إجراءات ووقتا ومحاربة للفساد الذي يعرقل ذلك وفى نفس الوقت تقديم حوافز للاستثمار الأجنبى المباشر لإقامة مشاريع متوسطة وصغيرة تتنوع أنشطتها وتتوزع مرافقها بصورة ملائمة ، والتوسع في تطبيق حاضنات الأعمال ومراكز الأعمال لتقديم النصح والرعاية لمنشآت في مرحلة التخطيط وبدء الأعمال ومرافقتها في السنوات الحرجة الأولى والعناية بإزالة آثار تعثرها ، وإعطاء اهتمام خاص بالحاضنات التكنولوجية وربطها بمحيط البحث والتقنية من معاهد ومراكز وجامعات متخصصة خاصة في مجالات الاقتصاد الجديد وتوسيع باب التعاون بمشاركة أجهزة البحث والتقنية العربية خارج البلدان الأصلية ، وتقديم تسهيلات لتشبيك المنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة ليتكامل إنتاجها وتعمل في اعتماد متبادل فيما بينها وتقوم بدور فاعل كوسيط بين المنشآت الكبيرة واحتياجات الأسواق والمستهلكين ، وتنظيم تسويق منتجات هذه المنشآت من خلال معارض تجارية محلية وخارجية وتحقيق شبكة معلومات افتراضية بين هذه المنشآت تبصر بالفرص ومجالات التكامل والتعاون وتقديم دعم حكومى لإقامة هذه المعارض ، وتدعيم الإقراض والتمويل المتناهي الصغر وتوسيع مجالاته وتغطيته الجغرافية لاستهداف قرابة خمسة ملايين مقترض صغير وإشراك المنظمات غير الحكومية التي أثبتت فعاليتها وإسناد المقترضين المتعثرين ومد خدماتها على الريف والصناعات الغذائية الريفية ، وإنشاء صناديق احتياط وطنية لدعم هذه المنشآت وقت الأزمات الاقتصادية أو تغير الدورات الاقتصادية أو ظهور علامات اشتداد المنافسة أو الإغراق


الأزمة الاقتصادية
وترى التقارير الخاصة بالوضع الاقتصادى فى مصر والدول العربية أنه من الضرورى وضع خطة عربية مشتركة لإنقاذ الحياة الاقتصادية من الانهيار خاصة فى ظل الظروف الراهنة وموجات الاحتجاجات الشعبية المستمرة ، وتؤكد التقارير أنه ظل ولازال هاجس الأزمة الاقتصادية وتأثيراتها على أسواق العمل العربية من أهم التحديات التى واجهت الدول العربية خلال الأعوام الماضية وحتى الان نظرا لأن معدلات البطالة السائدة قبيل الأزمة من أعلى المعدلات العالمية، ويتضح من البيانات الرسمية أن تقديرات البطالة في تزايد عبر الزمن ولكن هنالك بعض الدلائل التى تفيد بأن نسبة البطالة في خلال فترة الأزمة أكبر بقليل من سابقتها، أي أنه لايوجد خلاف كبير يذكر قبل وبعد الأزمة في عملية خلق الوظائف الناتج عن النمو الاقتصادي، وهذا يعني أن حركة التوظيف فى مصر والدول العربية لم تتأثر فقط بالأزمة بل هي ضعيفة تاريخيا بسبب مجموعة عوامل من أهمها الاختلالات الهيكلية الناتجة عن الفجوة بين عرض وطلب الوظائف بسبب السياسات التعليمية والتدريبية،كل هذه العوامل أدت لأن يكون المعروض من الأيدي العاملة العربية أكبر من الطلب عليها.
وتقول التقارير أنه ينبغي أن ننظر إلى الزيادة النسبية في حجم البطالة في خلال فترة الأزمة مقارنة بسابقتها بحذر لأن معدلات البطالة كانت ومازالت في إرتفاع منذ التسعينات بصرف النظر عن تأثيرات الأزمة الاقتصادية،وحسابات مرونة التوظيف في الفترة قبل وبعد الأزمة أوضحت أنه لا خلاف كبير يذكر في خلق الوظائف نتيجة للنمو الاقتصادي، وأن حركة التوظيف العربية لم تتأثر فقط بالأزمة بل هي ضعيفة تاريخيا، ولذلك فإنه يمكن القول أنه ليس من الأمور المسلم بها أن تعزيز النمو الاقتصادي في الوطن العربي يمكن أن يوجد وظائف جديدة، أي أن الربط بين النمو والتوظيف أمر غير مسلم به لأن الدول العربية وعلى مدى العقود الثلاث الماضية ، وبصرف النظر عن تأثير الأزمة الاقتصادية لم يحقق النمو الاقتصادي ما هو مطلوب منه في مجال التوظيف، وربما يكون السبب الرئيسي أن النمو في الدول العربية إعتمد بشكل أساسي على النفط والسياحة والعقارت وكذلك على المعونات الخارجية في الدول العربية الفقيرة، بمعني أن النمو الاقتصادي لم ينجح لحد كبير في إنتاج حقيقي من السلع والخدمات التى تعرف بأن لها تأثير كبير على مستويات التوظيف، والوضع المستقبلي ليس بأفضل مما سبق، ومما لا شك فيه أن الدول العربية شهدت ولازالت تشهد نموا في مستويات التوظيف مقارنة بمستويات النمو في القوى العاملة على مستوى العالم ككل، إلا أن هذا التشغيل لم يرتبط كثيرا بمستويات النمو الاقتصادي، ونظرا لضعف النمو الاقتصادي خلال فترة الأزمة وما سيتبع ذلك من تذبذب متوقع في معدلات النمو على مدار السنوات القادمة فإننا نتوقع أن يظل النمو في القوى العاملة متجاوزا النمو في التوظيف في المستقبل، ومتوسط عدد الوظائف السنوية المطلوبة حتى 2020 إختلفت من مجموعة اقتصادية لأخرى، وبلغت 3.6 مليون وظيفة سنوية في كل الحالات، وهنالك نحو 41% من مجمل الوظائف العربية ينبغي توفرها في مجموعة الدول العربية ذات الاقتصاد المتنوع، بينما أقل نسبة من الوظائف التى ينبغي توفرها في الدول العربية البترولية ذات الاقتصاد المختلط بنسبة 14% فقط من الوظائف العربية، ولاشك أن الركود الذي لازم الأزمة مليء بالمشكلات من أهمها زيادة معدلات البطالة (نتيجة للإستغناء عن العمالة في ظل الأزمة وضعف فرص العمل الجديدة نتيجة لإنهيار المؤسسات أو نقل مراكز أعمالها في كل الدول العربية)، على سبيل المثال بطالة الشباب خاصة في الجزائر، السعودية، مصر والسودان، إذ لا يزال نحو 25 % من الشباب العربي دون وظائف مقارنةً بمتوسط عالمي 14% فقط.
انقطاع الصلة
ويشخص التقرير لنا حقيقة الازمة الاقتصادية والمستمرة حتى الان فى عدد من الدول العربية وعلى راسها مصر ويبدأ بقوله أن توسع المصارف وأسواق المال بصورة مستقلة تماما عن الاقتصاد الحقيقى، مع غياب المراقبة اللصيقة، أدي إلى انقطاع الصلة بين الاقتصاد المالي والاقتصاد الحقيقى وإلى حدوث الأزمة المالية العالمية التى تحولت إلى أزمة اقتصادية ومن ثم إلى أزمة توظيف وبطالة، وبما أن الدول العربية جزء من منظومة الاقتصاد العالمي فإنها أيضا تأثرت سلبا بهذه الأزمة، إعتمادا على نوع القطاع وحسب درجة الانكشاف الاقتصادى، وعند تحليل آثار الأزمة خاصة على مستويات التشغيل هنالك إختلاف بين الدول العربية حسب طبيعة اقتصاداتها، فالدول العربية ذات الاقتصادات المتنوعة والبترولية وذات الاقتصاد المختلط إعتمدت في تجاوز أزمتها على بنية اقتصادية متنوعة بينما الدول الخليجية إعتمدت بشكل أساسي على مدخراتها من فوائض النفط التى تحققت قبل الأزمة، ولكن الدول العربية المعتمدة على تصدير المواد الخام هي الأكثر تأثرا بالأزمة،ومهما يكن من أمر فإن الأزمة لم تضرب بقوة الاقتصادات العربية مقارنة بغيرها،والتأثيرات السلبية الظاهرة المصاحبة للأزمة ظلت محصورة حتى الآن في خفض معدلات النمو ولم تدفع الدول العربية إلى الدخول في حالة من الركود الاقتصادي بعد، كما لاننسي أيضا عند تحليل التأثيرات على أسواق العمل أن نفصل بين تأثير الأزمة والظروف التاريخية المؤثرة على أسواق العمل خاصة بالنسبة لدول الخليج،ومن المؤكد أن تراجع مستويات البطالة في أوساط العمالة الوطنية الخليجية يرجع تاريخيا إلى تراجع أسعار النفط وعدم قدرة حكومات هذه الدول على الإستمرار في توفير وظائف جديدة كما هو الحال في السابق قبل انخفاض الأسعار نظرا لأن الإيرادات النفطية تشكل مالا يقل عن 70% من الدخول الحكومية في هذه البلدان، وأن توفير الوظائف يعتمد في الأساس على الإنفاق الحكومي المتأثر بهذه الإيرادات.
تراجع
ويقول التقرير أن هذا بالضبط ما حدث أيضا خلال فترة الأزمة حيث تراجعت أسعار النفط خلال النصف الثاني من العام 2008، مما أثر على هذه الأسواق، ويمكن مقارنة تأثير الأزمة على أسعار النفط وبالتالي على أسواق العمل بأسباب أخرى تؤثر على مستويات التوظيف الخليجية ليس لها علاقة بالأزمة المالية والاقتصادية، من المعروف أن القطاع الخاص الخليجي يوفر كثير من فرص العمل لا تتناسب ورغبات المواطنين خاصة الوظائف التى تتوفر في قطاع الإنشاءات التى تمنح أجورا ضعيفة أو تتطلب ظروف عمل لا يقبل بها المواطن الخليجي ، مما يعني أن هذه الفرص يستفيد منها العامل الوافد فقط، وبصرف النظر عن التصنيفات المتعددة للاقتصادات العربية، إلا أن الدلائل تشير إلى أن التأثيرات المباشرة إجتاحت كل الدول وشملت تباطؤ نمو الاقتصادات العربية وخسارة الصناديق السيادية وتراجع أسواق المال وأسواق الخدمات والسلع وتراجع الصادرات، وصافي تدفقات الإستثمارات الأجنبية ورأس المال وعوائد السياحة وتحويلات العاملين في الخارج وإرتفاع معدلات الفقر وأسعار المواد الغذائية ومواد البناء، ولكن أهم التحديات التى واجهت أسواق العمل العربية في فترة الأزمة شبح البطالة وانخفاض المرتبات وانخفاض التحويلات المالية للدول العربية الفقيرة والتهديد بحقوق العاملين في مواجهة شبح فقدان الوظائف.
غياب الرؤية الواضحة
ويقول التقرير انه على الرغم ومن ان إجراءات التصحيح شملت سياسات وإجراءات قطاعية وضخ أموال في بعض القطاعات، علما بأن الدول العربية ذات الاقتصادات المتنوعة والنفطية وذات الاقتصادات المختلطة إعتمدت في تجاوز أزمتها على بنيات اقتصادية متنوعة بينما إعتمدت الدول النفطية الخليجية بشكل اساسي على مدخراتها من فوائض النفط التى تحققت قبل الأزمة، والدول العربية المعتمدة على تصدير المواد الخام ظلت الأكثر تأثرا بالأزمة ، الا ان المحللون يرون أن أغلب السياسات التى طبقتها الدول العربية مركزية ولم تأتي في إطار رؤية واضحة للتصدي للأزمة، وإختارت العمل في قطاعات كبيرة وبسياسات محددة دون أسس واضحة مع تجاهل القطاع غير الرسمي، وفيما عدا دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لم يكن هنالك تنسيق موسع فيما بين الدول العربية.
و حسب الوثائق انه فيما يتعلق بتأثير الأزمة على مستويات التشغيل فقد كانت التوقعات عند بدء تأثير الأزمة الاقتصادية أن يكون تأثيرها على مستويات التشغيل في المنطقة العربية أكثر حدة منها على الاقتصادات النامية الأخرى، وذلك أنها تعتمد على صادرات المواد الخام والبترولية التى إنخفضت أسعارها بمعدلات قياسية، وكذلك إنخفض الطلب العالمي عليها. كما تأثرت بعض البلدان العربية من تراجع الطلب على العقارات، وبالذات في بلدان مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر، وكذلك على صناعة النقل والسياحة العالمية، مما يهدد عائدات السياحة إلى البلدان العربية وعائدات رسوم المرور، ومن أهم التحديات التى تواجه أسواق العمل العربية في فترة الأزمة شبح البطالة وانخفاض المرتبات وانخفاض التحويلات المالية للدول العربية الفقيرة والتهديد بحقوق العاملين نتيجة لإجبار القوى العاملة للعمل بأجور أقل أو مواجهة شبح فقدان الوظائف، وتراجع تحويلات العمالة العربية من الدول العربية الغنية (من مواطني مصر واليمن وفلسطين والأردن والسودان) والدول الأوروبية (من مواطني تونس والجزائر والمغرب). والتوقعات أيضا أن تتراجع العمالة العربية الوافدة بدول الخليج وليبيا (والتي تشكل نحو 23% من قوة العمل في هذه الدول) بنسبة 10-15% خلال العام 2009م، ومن المتوقع أيضا أن يرتفع عدد المتعطلين عن العمل مقارنة بما هو الحال في غياب تأثيرات الأزمة، خاصة بطالة الشباب في كل من الجزائر، السعودية، مصر والسودان.

الحوار
ورقة اخرى من اوراق المؤتمر تتطرق الى ملف خطير سيتم مناقشته على اعلى مستوى وهو ملف الحوار الاجتماعى بين اطراف العمل " حكومة ورجال اعمال وعمال" وهنا تقدم الاوراق والوثاق عدد من التوصيات لتفعيل هذا الحوار من اجل الانتاج ودعم الاقتصاد ومن بين هذه التوصيات التي يمكن إدخالها على تشريعات العمل والخاصة بالمفاوضة الجماعية ومن أهمها:توفير التدريب اللازم للمحاورين وخاصة من جانب العمال لحداثة استخدام هذه الوسيلة في تنظيم شروط العمل وظروفه وعلاقاته وذلك من خلال إعداد دورات تثقيفية للنقابيين وتدريبهم على الجانب الفني للحوار والأساليب التي تستخدم فيها والتقنيات الفنية التي تستخدم في تحديد الإستراتيجية التحاورية التي تساعد الفريق على تحقيق الأهداف التي تسعى إليها، والاعتراف بالشخصية القانونية لكل مستويات التنظيم النقابي حتى يمكنها التحاور وإبرام اتفاقات العمل الجماعية وذلك دون قصر هذا الحق على النقابة العامة وخاصة في ظل مبدأ الوحدة النقابية لأن مبدأ الوحدة النقابية لا يعني قصر حق التحاور الاجتماعي على النقابة العامة فقط، لأن ذلك يؤدي إلى اقتصار الحوار على مستوى واحد فقط، فالاعتراف بالشخصية القانونية لكل مستويات التنظيم النقابي يؤدي إلى تعدد مستويات الحوار وخاصة الاعتراف بالشخصية القانونية للتنظيمات الوسيطة مثل النقابة العامة الفرعية والاتحاد المحلي، كما أن هذه التنظيمات تمثل العمال في الحوار على المستوى الإقليمي، وتوسيع اختصاصات الاتحاد العام للعمال بحيث تكون له سلطة الاشتراك في الحوار الاجتماعي على المستوى القومي وإبرام اتفاقات العمل الجماعية على هذا المستوى وذلك حتى يتكامل الدور الذي يقوم به الاتحاد في الدفاع عن مصالح العمال، وأن تقوم الدولة بإنشاء وتكوين أجهزة إدارية متخصصة تهتم بالحوار الاجتماعي تتكون من ممثلين للعمال وممثلين لأصحاب الأعمال، وموظفين إداريين من إدارة علاقات العمل، تتولى متابعة الحوار الاجتماعي وإجراء الدراسات والأبحاث المتعلقة به والعمل على تطويره واقتراح السياسات المختلفة التي تساعد على نجاحه ووضع الإجراءات اللازمة التي تساعد على استخدام طرفي علاقة العمل لها، وكذلك دراسة الحوارات الاجتماعية التي تمت ممارستها سواء انتهت بالنجاح أو بالفشل واستخلاص الأسباب أو العوامل التي ساعدت على نجاح الحوار، وكذلك دراسة الأسباب والعوامل التي أدت إلى فشل الحوار في بعض الأحيان ومحاولة تدريب الأطراف المتحاورة على التغلب على هذه العوامل أو هذه الأسباب وزيادة الدراسة لأسباب النجاح وكيفية نشرها للاستفادة منها وذلك حتى تزداد الخبرة الحوارية لأطراف علاقة العمل، وتنظيم وتحديد الإجراءات التي يجب على طرفي علاقة العمل اتخاذها عند استخدامهم للحوار الاجتماعي مع مراعاة اختلاف هذه الإجراءات حسب كل مستوى من مستويات الحوار الاجتماعي ، حتى يساعد ذلك على انتشار وازدهار الحوار الاجتماعي، وأسوة بالوسائل الودية الأخرى التي ينظم القانون إجراءات استخدامها، ومن جهة أخرى فإن تحديد إجراءات الحوار وتنظيمها يؤدي إلى خفض عدد منازعات العمل الجماعية مما يترتب عليه فوائد عديدة لطرفي علاقة العمل خاصة والمجتمع عامة.
التحول الديمقراطى
وفى النهاية يرى التقرير الخاص بالحوار الاجتماعى أن الحوار في الإدارة العامة هو نتيجة التحول الديمقراطي لعلاقات العمل، ولذا يمكن أن يتطور كلية في إطار مناسب، كما أن تطبيق معايير العمل العربية والدولية الداعية إلى حرية التجمع والمفاوضة الجماعية، وكذلك المبادئ المنظمة لعلاقات العمل يمكن أن تشجع وتمهد الطريق لتطور الحوار الاجتماعي ،وفي أرجاء العالم يوجد العديد من حالات الحوار الاجتماعي الناجحة، إلا أن هناك أيضا إخفاقات أصيب بها الحوار الاجتماعي، فإما أن الحوار في قطر من الأقطار لم يبدأ بعد، أو أنه أخفق في التطور ليصبح جزءا من السياسة المتعلقة بالخدمات في المجتمع، وفي بعض الأحيان يصبح من الأفضل التعلم والاستفادة من الإخفاقات أكثر من التعلم من النجاحات.
كذلك فإن العوامل التي أدت إلى النجاح في الماضي لا تضمن بالضرورة النجاح في المستقبل ، وعليه يرى التقرير أنه يجب علينا في وطننا العربي أن نضع في الحسبان السياق التاريخي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي عند تطوير الأدوات والأساليب التي ستعزز الحوار الاجتماعي في أي دولة من دولنا، حيث ينبغي علينا أن نتبنى أسلوباً مرناً يضع في الحسبان القدرات الحالية للمشاركين الاجتماعيين،
والصعوبات العملية التي تواجه عملية الحوار الاجتماعي مع المحاولات الجادة، ومساعدة المشاركين في الوقت نفسه على التغلب على هذه الصعوبات، وتطوير قدرات المشاركين المؤسساتية ومهاراتهم من خلال التعريف بأطر العمل القانونية المناسبة وتبيان المعلومات الضرورية بشكل مفتوح وشفاف يخلق ويبني الثقة المتبادلة بين أطراف الحوار حكومة – أصحاب أعمال – عمال – مجتمع مدني، فهذه الثقة التي ستؤدي إلى الوصول إلى حوار اجتماعي مفيد وبناء وهو بدوره يؤدي إلى نتائج إيجابية لكل الأطراف المعنية في عملية الإصلاح وهو ما يسهم في خلق تنمية مستدامة لأجيال قادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?ضراب لعاملين بالقطاع الصحي في المستشفيات الحكومية المغربية


.. فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية




.. احتجاجا على الخريطة .. انسحاب منتخب الجزائر لكرة اليد من موا


.. كالامار: في غزة سقط عدد هائل من الضحايا وقتل أكبر عدد من الص




.. حديث السوشال | فتاة تطلب أغلى كعكة للتصوير.. ورد فعل غير متو