الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلك الرغبة الخبيثة

نصارعبدالله

2011 / 5 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


فاجأنى أحد الأصدقاء باقتراح غريب،... فى بداية الأمر تصورت أنه يطرحه من باب السخرية والمزاح، لكننى عندما لمحت أمارات الجدية على وجهه، واستبساله فى الدفاع عن اقتراحه، تأكدت من أنه جاد كل الجدية وأنه يتمنى من أعماق قلبه أن يجد اقتراحه صدى لدى من بيدهم مقاليد الأمر!!، حينئذ أصابنى مزيج من الإحباط والفزع ، وأنا أراقب تلك النظرات الضارية التى تكاد تنطلق انطلاقا من عينيه،... قال لى صديقى : لماذا لا يقوم من بيدهم مقاليد الأمور، لماذا لا يقومون بتسليم حسنى مبارك هو وأفراد أسرته جميعا إلى بعض العتاصر المنتقاة من ضباط أمن الدولة ممن أثبتوا فيما مضى كفاءتهم فى استنطاق كل من يتطلب الأمر استنطاقه، لماذا لا يقومون بتسليمهم لهم ، فيستجوبونهم بالطرق التى يجيدونها، حتى يقروا إقرارا وافيا ومفصلا بكل مايملكون وما قاموا بتهريبه من الأموال بدلا من إضاعة الوقت فى البحث والتحرى والمناشدات لهذه الدولة أو تلك !!، واستطرد صديقى يقول : إننى واثق من أنهم سوف يقومون بمهمتهم الجديدة خير قيام ، وأرجوك ألا تشك لحظة واحدة فى أنهم مازالوا على ولائهم للنظام القديم أو أنهم سوف يجاملونه فيتقاعسون عن أداء ما هو مطلوب منهم ، لأن هذه سوف تكون فرصة عمرهم لإثبات ولائهم للنظام الجديد ، ..وعندما لاحظ صاحبى علامات الإستنكار على وجهى قال لى مستدركا: سوف يتم التنبيه عليهم بالإلتزام بالقانون، وسوف ينجحون فى مهمتهم رغم ذلك ، فهذه خبرة خاصة لا يجيدها غيرهم ، ومن الظلم أن تذهب هذه الخبرة بددا ، كما إنه من العدل كل العدل أن نفعل مع حسنى مبارك وأسرته نفس ما كانوا يفعلونه معنا ، ألم يكونوا يتركون المشتبهين بالعداء للنظام ، ألم يكونوا يتركونهم لضباط أمن الدولة يفعلون بهم ما يفعلونه مع التنبيه عليهم ( مجرد تنبيه ) بالإلتزام بالقانون ؟؟ .. سوف ننبه أيضا على الضباط بالإلتزام بالقانون، وانفجر صاحبى مقهقها ... ولم يوقفه عن القهقهة سوى ما لا حظه من التجهم على وجهى وأنا أقول له :.. " بهذا الشكل تكون الثورة قد خانت نفسها، وتنكرت لمبادئها ، وأعادت إنتاج نظام حسنى مبارك مرة أخرى ، أليس ما كان يفعله صباط أمن الدولة هو فى مقدمة الأسباب التى أدت إلى تفجر الثورة ، كيف إذن تطالبنا بأن نعود إلى نفس الممارسات ؟؟ قال صاحبى متشبثا برأيه : كلا لن نعيد إنتاج نفس النظام ، فالنظام السابق كان ينكل بالمدافعين عن حقوق الوطن فى مواجهة للصوص والفاسدين، أما نحن ، فإننا سوف نستثمر خبرات أمن الدولة من أجل الإستدلال على أماكن المسروقات التى سرقها أولئك اللصوص الفاسدون ، وبغير هذا فإننا لن نستعيد من أموالنا سوى أقل القليل!! ، ..قلت لصديقى " ليس من حقك ، ولا من حقى ، ولا من حق أحد أن تصدر حكما على أحد ، فضلا عن أن تقوم بتنفيذ الحكم ، القضاء وحده هو الذى يحقق ، وهو الذى يستمع إلى الدفاع ، وهو الذى يدين ، وساعتها فقط نستطيع أن نصفهم بأنهم اللصوص الآثمون القتلة ، نعم إننى أشعر بينى وبين نفسى أنهم آثمون ، وأن آثامهم كبيرة وفادحة ، لكن هناك فرقا بين أن تنتابنى أوتنتاب غيرى مثل هذه المشاعر ، وبين أن نطالب الدولة بأكملها بأن تتصرف وفقا لها، وأن تتخذ منها ذريعة للإنتقام والتشفى ، إن مشاعر الرغبة فى الإنتقام جزء من الطبيعة الإنسانية ، لاشك فى ذلك ، وهى على المستوى الفردى قد تكون مفهومة وربما أيضا مبررة، ولكنها على مستوى المجتمع الإنسانى المتحضر ينبغى أن تكون موضعا للإدانة ، اللهم إلا إذا تحققت فى إطار قانونى متحضر، يحترم كرامة كل إنسان حتى لو لم يكن ذلك الإنسان نفسه ممن يحترمون كرامة سواهم ، ثم يبقى بعد ذلك أمر لا يقل أهمية عما سبق وهو أن سائر الدول الأوروبية والأمريكية لن تعيد أموالا تم التوصل إلى أماكن تهريبها عن طريق التعذيب أو بأى طريق آخر يتنافى مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، قال لى صديقى فى غيظ شديد:" إذن أنت لن تروّج لاقتراحى هذا ولن تكتب عنه ، قلت بل سأكتب منددا به ومعتبرا إياه خطيئة كبرى لا تقل فداحة عن خطايا العصر السابق.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت