الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سوريا خوف من النظام، لكن ثمة أيضا خوف من انعدام الاستقرار

المناضل-ة

2011 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


«في سوريا خوف من النظام، لكن ثمة أيضا خوف من انعدام الاستقرار»

مقابلة مع مارك سانت اوبيري[كاتب وصحفي فرنسي]


ما هي أوجه الاختلاف بين سوريا وغيرها من البلدان العربية؟

مارك سانت اوبيري: يشكل نظام حزب البعث بسوريا إحدى أشرس ديكتاتوريات المنطقة. تثير المخابرات السورية درجة بالغة من الرعب، وتحكي النكث المخيفة في العالم العربي بإسهاب عن «مواهب» تلك المخابرات الجلادة –إلى حد أن دمشق وضعت تلك المواهب في خدمة الولايات المتحدة الأمريكية في «حربها ضد الإرهاب».

وخلافا لليبيا، فالنظام السوري نظام مهيكل جدا بمؤسسات، مع حزب حاكم و جملة منظمات جماهيرية متحكم فيها للغاية، تشكل قناة تعبير عن مصالح قطاعات اجتماعية عديدة. تتميز سلطة الزمرة التابعة للرئيس الأسد بطابع« مجمعن» أكثر. ويحظى النظام بدرجة عالية من الشرعية على المستوى الوطني، بتوجهاته القومية وموقفه تجاه إسرائيل والغرب. لكنه في الواقع، قام بتسويات عديدة مع إسرائيل وتل أبيب على حد سواء، دون السقوط إلى مستوى موقف مبارك الخنوع.

علاوة على ذلك، ما يزال بشار الأسد وزوجته يحظيان لدى قسم من السكان بصورة شخصين عصريين معقولين مفعمين بالنوايا الحسنة الإصلاحية لكن محاطين بحلقة من الفاسدين والمستبدين. غير أنه خلال 11 سنة من الحكم، تآكلت تلك الصورة إلى حد كبير، لعدم وفاء بشار الأسد بأي من وعوده حول الإصلاح السياسي. يبقى أن نرى إلى أي حد سيعمل القمع الحالي على التسريع من ذاك التآكل.

في المجال الاجتماعي الاقتصادي، أي نوع من الأشكال هو المهيمن بسوريا؟

إن القاعدة التي ترتكز عليها زمرة الأسد هي الطائفة العلوية، وهي طائفة مسلمة محلية، قريبة من المذهب الشيعي، يعتبرها كثير من السنة (الذين يمثلون 70% من السكان بسوريا) بدعة. أغلب أطر جهاز الأمن والجيش من الطائفة العلوية. ومن الناحية النظرية، تشكل إيديولوجيا حزب البعث نوعا «الاشتراكية العربية». ثمة دوما قطاع اقتصادي تابع للدولة، غير فعال للغاية وفاسد، لكن نسبته تقلصت. إذ شهدت مرحلة حكم حافظ الأسد، والد بشار الأسد، موجات عديدة من الإصلاحات الاقتصادية والتحالفات مع قطاع البرجوازية التجارية السنية.

تسارعت وتيرة تلك الظاهرة إلى حد كبير مع وصول بشار الأسد إلى الحكم، والذي يعلن عن إعجابه ليس بالنموذج الصيني وحسب، بل أيضا ببلدان إسلامية ناشئة قائمة على رأسمالية وطنية قوية مثل تركيا وماليزيا. وخلال ست أو سبع سنوات الأخيرة، شهد البلد أساسا شكلا من أشكال اللبرلة الاحتكارية بيد أقلية، استفادت منها نخبة جديدة محدودة (وذلك ليس جديدا) من أغنياء مقاولين خبراء في فن السهر على عقد العلاقات بين عالم الأعمال ودائرة الحكام. ويحظى أعضاء البرجوازية الحضرية السنية بحرية الاغتناء طالما تساعد ازدهارها النظام على تعزيز نفوذه خارج قاعدة العشيرة والطائفية.

من هم الداعمون الآخرون للنظام، ومن هم المعارضون له؟

خلافا لمصر، كانت التعبئات ضد الناظم إلى حد الآن أضعف في أكبر مركزين حضريين، وهما مدينتا دمشق وحلب، حيث يتركز ما يناهز نصف سكان سوريا. لكن شهدت هاتان المدينتين تظاهرات هامة مؤيدة للرئيس، حث على تنظيمها إلى حد كبير جدا النظام، لكنها تعبر أيضا عن شعور ليس أقل صدقا من الاحتجاجات الضخمة بدرعا، وعلى الساحل الغربي، وفي حمص أو المناطق الكردية.

ومنذ أوائل بروز الربيع العربي، لا يزال بشار الأسد يكرر بأن «سوريا بلد مغاير». ذاك صحيح إلى حد ما. حيث أن غالبية رجال الدين دجنها النظام. وما زال الفقراء في القرى متحكم فيهم عن طريق شبكات المحسوبية والزبونية وبنيات قبلية، رغم أن الانتفاضة بدرعا تدل على أن الطاعة القبيلة نسبية جدا. إن عامة الناس بالمناطق الحضرية منقسمون بين حرمان اجتماعي دون أفق وبين ولاء وطني، لكن ثمة بؤر انتفاضة حاشدة في الأحياء الشعبية في دمشق الكبرى مثل حي دوما.

ما يحدث، هو أن جدار الخوف بسوريا مزدوج: الخوف من قبضة النظام الحديدية والذعر من انعدام الاستقرار. وتخشى الأقليات الدينية (المسيحيون والعلويون والدروز والاسماعليون)، من رغبة الأغلبية السنية في الانتقام. وفي النقاشات الدائرة على الشبكات الاجتماعية، نرى أن الطبقات الوسطى جد منقسمة. كلها ترغب في إرساء إصلاحات وتمقت المخابرات، لكن بينما يريد البعض رأس بشار الأسد قصد «الثأر لدماء الشهداء»، يقر البعض الآخر أنه غير مسؤول، وأن كل ذلك سيقود البلد إلى حرب أهلية مثل ما وقع في لبنان أو ما يجري في العراق.

يتحدث بشار الأسد عن «مؤامرة أجنبية». كيف يتحدد موقع الأزمة السورية في المسرح الإقليمي؟

الاحتجاجات محلية وغير عنيفة. يتعلق الأمر بشبكات شباب عفوية ومواطنين من القاعدة، لم يعودوا يتحملون الاهانات والقمع. الإخوان المسلمون حاضرون على نحو فردي وسري (إن الانتماء إلى هذه المنظمة يعاقب عليها بالإعدام في سوريا)، كما المعارضون القدامى، وبوجه خاص الشيوعيون والمدافعون عن حقوق الإنسان.

غير أنه إذا كان بشار الأسد مصابا بجنون الارتياب، فلديه أيضا أعداء حقيقيين. إذ قام قناصة بقتل جنود ورجال أمن. ووفق ما يرويه شهود عيان، ثمة أعيان كُثر نفاهم النظام، ومازالوا يتوفرون على أنصار مأجورين بالبلد للصيد في الماء العكر. وهناك أيضا المجاهدون المتشددون المتسللون من لبنان والعراق. يمكن إدخال أسلحة بسهولة إلى البلد. كل ذلك في غاية الخطورة، لأنه يزيد من خطر نشوب حرب أهلية مذهبية أو طائفية.

ذاك ما يفسر الحذر النسبي للبلدان الغربية والسعودية، وبوجه خاص إسرائيل تجاه الأحداث. ترى هذه الدول أن بشار الأسد «ضرر معروف»، ورغم كل شيء، فهو يشكل أحد ركائز النظام الإقليمي. ما قد يأتي بعده أفظع بكثير بالنسبة لها من انعدام الاستقرار بليبيا.

حوار أجراه بابلو ستيفانوني مع مارك سان أوبيري، خاص بموقع «

Página 7 »www.paginasiete.bo

ترجمه إلى الفرنسية اطولفو ريرا لموقع http://www.lcr-lagauche.be

تعريب المناضل-ة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصرع 3 أشخاص في تحطم طائرة سياحية على طريق سريع في فرنسا


.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل




.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات


.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا




.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا