الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد والتغييرات السياسية

محمد سيف المفتي

2011 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الاقتصاد والتغييرات السياسية

ايهما أفضل الاستثمار أم المساعدات
الستراتيجية الاقتصادية الامريكية كانت ولا تزال مصدر لقلق الكثير من الدول وعلى مدى التاريخ كانت لهم ستراتيجيات اثارت قلق و مخاوف الكثيرين كتنشيط دورة المال عن طريق الاشتراك في الحروب والدخول في مناطق الحرب بقوة عسكرية لكن في السنوات الاخيرة اكتشف العالم أن افريقيا اصبحت تقريبا ملعبا مطلقا للصينين بدون حرب وهذا الأمر انعكس على طريقة التفكير الامريكية و الاوربية.
البروفسوره الاقتصادية براوتنكمان و الخبيرة الامريكية في شؤون أفريقيا و الصين والتي قامت بعدة بحوث على هذه العلاقة وتطورها قالت أن الصين قد فعلت وقدمت للقارة السوداء أكثر من ما قدمته كل الدول الغربية من خلال مساعداتها لهم. الصينيون فكروا بالتجارة قبل التطوير. الكلمة الوحيدة االتي تصف الدور الصيني في افريقيا هي التجارة, وتضيف قائلة ما بين عامي 2005 _2010 استثمرت الصين في افريقيا بقدر استثماراتها في اوربا, و استثماراتها في افريقيا كانت 50% أكثر من استثماراتها في امريكا. علما ان شراء الصين لسندات قروض الدولة ليست محسوبة هنا وبالنظر الى حجم كل الاستثمارات الصينية في العالم نصل الى نتيجة قطعية أن الاستثمارات الصينية في افريقيا هي الاكبر.
إن هذه المشاركات الصينية في افريقيا تظهر نتائجها بعدة أوجه حيث تظهر بوضوح في الحياة التجارة و بناء البنية التحتية و فوز الشركات بالعقود التجارية و تفعيل النموذج الصيني بتنشيط الحركة التجارية هناك.
وعندما قامت الخبيرة بتقييم النشاطات الصينية في افريقيا وصفتها بالايجابية بمفهوم أن تلك النشاطات أدت الى التطوير الذاتي للمنطقة والتي أعطت بدورها الصينين نفوذا مكنهم من الوصول الى مصادر الثروة الطبيعية. الصينين تمكنوا من عمل انجازات اقتصادية أكثر من ما فعلته كل المساعدات الغربية لافريقيا وهم متواجدين بكل الاشكال التجارية وهكذا خلقوا تفاعلا ديناميكيا في الاقتصاد.
النتائج التي وصلت اليها الصين من خلال استثماراتها هناك اعطت ثمارا أكثر من ما اعطته استثماراتها في أي مكان آخر في العالم.
نظرة الغرب الى افريقيا
هناك اختلاف كبير بين نظرة الغرب ونظرة الصينين تجاه افريقيا, الغرب نظر الى افريقيا على انها حالة ميؤوس منها من الفوضى, والفقر والفساد الاداري و تفشي الرشوة وانهيار الدول فيها الواحدة تلو الأخرى.
فكثير من المسؤولين في الغرب يقولون لقد نظرنا الى افريقيا على انها قارة تحتاج و تطالبنا بتقديم يد العون لهم, أما الصينين لم يشاركوننا هذه الرؤية على عكسنا تماما. هم نظروا اليها على أنها موقع فيه الكثير من الموارد والامكانيات الكامنة.
الفرق الكبير بين الامريكان و الافارقة كان بموقفهم تجاه الصين و استثماراتها. الحكومة الامريكية أوقفت الاستثمارات الصينية على عكس الافارقة الذين رحبوا بالاستثمارات الصينية و رغبوا في المزيد منها.
كثير من الشركات الصغيرة
جاءت الصين بشركاتها الكبيرة والصغيرة, الشركات الكبيرة هي الشركات الحكومية التي كانت تتعامل بالعقود الكبيرة أما الصغيرة (شركات محدودة و مساهمة) وهي المسيطرة في الميدان الافريقي والتي لديها الكثير من المشاريع. هذه الشركات كانت موطأ قدم لكل الصينين القادمين ومصدر لجلب اليد العاملة من خلال المعارف وهذا أمر متعارف عليه بين الصينين ونموذج معروف في العالم. يبدأ الامر بمشروع بسيط وبعد ذلك يجلب الشخص اقاربه ويلحقهم المعارف وهكذا يكبر المشروع والعمل وهذا شيء لا يقع تحت سيطرة الدولة بل هو نشاط شخصي. ومن جهة أخرى فإن عمليه الاستيراد من الصين قد نشطت بشكل تصاعدي خلال السنوات الأخيرة و بالمقابل تحصل الصين على ثلث حاجتها من النفط من افريقيا. الحصول على هذا الكم من النفط من دول تعامل بهذا الكم الكبير مع الصين يعني أن الحصول على النفط في هذه الدورة المالية الكبيرة مجدي الى حد كبير.
الفساد الاداري
كثير من الاصوات المسموعة الصينية قالت أن سبب نجاح العمل التجاري بين افريقيا والصين يعود للعامل المشترك بينهم ألا وهو تلك الاخلاقيات التجارية السيئة.
البروفسوره براوتنكمان قالت أنها متفقة الى حد ما بهذا الرأي و أضافت ان العادات الصينية التجارية تتوافق بشكل جيد مع طبيعية العمل في افريقيا. افريقيا والصين هم من الدول النامية لذلك هناك كثير من الثقافات التجارية المشتركة بينهم أما فيما يخص الفساد الاداري والرشوة فهي حالة منتشرة بينهم والشفافية تقريبا ليس لها وجود, وقانون حقوق العمال لم يطبق بطريقة تضمن للعمال حقوقهم الكاملة. و لكنها لم تنس ذكر التعديلات الأخيرة في الصين وقالت كل شيء قابل للتغير وحديثا صدر قانون في الصين يمنع الشركات الصينية من دفع الرشاوي ولكن علينا أن ننتظر لنرى اذا كان الصينيون سيطبقون هذا المنع أم لا.


تغيير النظرة تجاه أفرقيا
تقول البروفسوره براوتنكمان يجب ان يتذكر الاوربيين أنهم لم يكونوا نزهاء في تعاملاتهم في افريقيا وتذكر على سبيل المثال شركة سيمنس المانيا و إ ل ف الفرنسية وقضايا الرشاوي التي تورطوا فيها. وتقول كذلك أن الغرب قد قام باستثمارات كبيرة في الصين بدون أن يعير أي اهتمام لا للفساد الاداري ولا لعدم وجود حقوق العمال ولا لنقصان الديقراطية في الصين. تقول و بصراحة مطلقة نحن استثمرنا هناك لأننا سنجني الاموال من هذا الاستثمار, لذلك يجب أن ننظر الى بعض البلدان كما نظرنا الى الصين وهذا العمل الاستثماري سيأتي بفوائده لاوربا وامريكا. في هذه الجملة الاخيرة أرى أن البروغماتيكية تتجلى وبشكل واضح في وصف السلوك الاقتصادي الامريكي.
احصائية إرنست و يونغ
تم سؤال 562 شخص من كبار القادة في الحياة الاقتصادية عن الصين أجاب 42% منهم بانهم راغبين بالاستثمار هناك و 19% منهم قالوا سنحافظ على نشاط شركاتنا هناك. وهذه الاحصائية تقول بان عدد المشاريع الجديدة في افريقيا كان 338مشروع في عام 2003 بلغ 633 في عام 2010 . وبسبب النتائج الجيدة التي حصلت عليها الصين من افريقيا خلال فترة الازمة الاقتصادية جعلها اكثر ايجابية للاستثمار في افريقيا من اوربا وامريكا. 75% من المستثمرين هناك قالوا أن افريقيا باتت تستقطب الكثير من المستثمرين خاصة خلال السنوات الثلاثة الاخيرة ويتوقع أن تكون نسبة النمو الاقتصادي في هذا العام 5,5 هذا النمو جاء مباشرة بعد الازمة الاقتصادية لذلك سيعود تدفق الاموال الى القارة.
الأمر المقلق هو ارتفاع اسعار النفط والمواد الغذائية ومع تدفق الاموال الاجنبية الى القارة سيؤثر كثيرا على الافريقيين الفقراء. إن حجم المال المستثمر فيها قد تضاعف ستة اضعاف منذ عام 2000. هنا أرى أن الكثير من الدول التي اسقطت دكتاتورياتها ستصاب بخيبة أمل لأنها لن ترى الإزدهار الاقتصادي الذي يتوافق مع حجم توقعاتهم على المدى القصير. ولكن بعد ينتهي الصراع على العقود الضخمة والذي من الصعب تحديد شكله و هويته سينتظر المنطقة مستقبل واعد.
دول شمال أفريقيا
الزلزال السياسي الذي اصاب الدول العربية والتغيير الكبير في الخريطة السياسية وزوال بعض الانظمة العربية .أعقبه تغيير جعل الكثير من هذه الدول في حال يشبه و الى حد كبير حالة تلك الدول الافريقية التي سادتها الفوضى في نهايات القرن الماضي وعلى ما يبدو أن الامريكان قد تعلموا من الدرس الصيني وكانوا من السبباقين في تعزيز دورهم في المنطقة. فقد سمعنا حديثا في الاخبار عن تلك المؤسسة أمريكية التي قامت بتخصيص 2 مليار دولار لتمويل الاستثمار الأمريكى فى مصر والشرق الأوسط هذا ما أعلنته مارجريت كيشيشيان، المستشارة التجارية بالسفارة الأمريكية في القاهرة وهو وما وصفته بدعم واشنطن لثورة 25 يناير فى مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية المصرية, و لكن لنسمي الاسماء بمسمياتها فهذه هي بداية الاستثمار الامريكي والذي اعقبه إطفاء للديون المصرية بقيمة مليار.
اوربا ليست بعيدة عن هذا الأمر فها هي ايطاليا تطالب البنك الاوربي للاستثمار بدعم مصر بستة مليار دولار هذا ما جاء على لسان وزير خارجيتها فرانكو فراتيني ليس هذا فقط وانما إيطاليا تستهدف تحويل ديون مصر لإيطاليا والبالغة 600 مليون يورو إلى استثمارات في البنية التحتية ،إضافة إلى 300 مليون من القروض والمساعدات. يبقى السؤال الآن كيف ستكون دورات الفوز بالعقود بين الدول العظمى والغول الصيني, هل ستكون نظيفة أم سنرى اياما من الصراع الاقتصادي والذي قد يؤدي بالنهاية لفتح جبهات داخلية, هذه تدعم هذا الطرف وتلك تدعم طرف آخر. وتبقى نظرية السوق على ما يبدو هي المحرك الاساسي لعملية الديمقراطية في المنطقة ويجب أن لا ننسى أن الصراع على فتح اسواق جديدة جاء بعد معاناة الاقتصاد العالمي من الازمة الاقتصادية والتي لا تزال تخيم على سماء الازدهار الاقتصادي الخجول الذي كاد أن ينهار نتيجة ارتفاع اسعار النفط بعد الازمات الاخيرة. أنا أرى أن هذا التغيير سيجعلنا شهودا على صراع سياسي اقتصادي قد يطول مداه أو يقصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط