الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصف الواحد وخطر الانقسام

مجدي مهني أمين

2011 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


كثرالحديث عن الأخطار التي تتعرض لها مصر، تحدث الشيخ حسان عن التقسيم ، ثم الإعلامي أحمد المسلماني عن المخاطر الخارجية وتهريب السلاح لمصر ، ثم تحدث عن نظرية لويس برنارد لتقسيم البلاد وانهيار فكرة الدولة القومية حيث الدول تتقسم وتؤول إلى دويلات صغيرة كما حدث في البلقان.

ولا شك أننا لسنا في مأمن من التصور المؤلم الذي يطرحه مسلماني من عوامل الخارجية تهرب لنا السلاح وداخلية تقسم الوطن، ولكني أتوقع أن يكون العامل الداخلي هو أكثر العوامل تأثيرا ؛ فالخطر الأكبر الذي يواجهنا هو الانشقاق الداخلي، وقد نخطئ كثيرا لو تعاملنا مع نظرية "لويس برنارد" كأنها خطة تصدر إلينا ، إحنا مش أمام خطة إحنا أمام نظرية ، أي نظرية وضعها باحث بناء على معطيات تاريخية واجتماعية، واحد درس مجموعة عوامل وتصور أو توقع نتيجة، لو تحققت النتيجة تبقى النظرية صح ـ لو لم تتحقق تبقى النظرية خطأ ، هذا هو المنهج العلمي في دراسة الظواهر وبناء التوقعات والنظريات.

إذن لماذا يمكن أن تجد نظرية "لويس برنارد" رواجا في مجتمعاتنا في انهيار الدولة القومية، وقيام دويلات على أساس عرقي أو ديني؟

لقد تعايشت قوميات بل ولغات مختلفة في العديد من الدول كسويسرا وبلحيكا، بل ونشأت اتحادات قوية جدا بين دول الاتحاد الأوروبي التي هي قوميات مختلفة وتتحدث كل منها لغة مختلفة ولكل منها مذاهب دينية مختلفة، في الهند قوميات ولغات مختلفة ، كما أن أمريكا وكندا واستراليا وغيرها ما هي ألا تجمعات لقوميات تمثل العالم أجمع، هذا معناه ان فيه أماكن نجحت جدا الدولة القومية، وأماكن أخرى - كما حدث في البلقان- سقطت فيها الدولة القومية ، وأماكن تتهدد فيها الدولة القومية. العامل المشترك في نجاح الدولة القومية كان بالتفهم والاحترام المتبادل بين الثقافات، وإعلاء قيمة المواطنة التي تساوي وتقر حقوق جميع الأفراد ، باختصار كان في تأصيل دعائم الديمقراطية والدولة المدنية .

وفي المقابل تفشل الدولة القومية عندما تريد جماعة دينية أو عرقية ان تفرض نفوذها على باقي الفئات داخل المجتمع الواحد، من هنا تتعرض البلاد لخطر الانقسام، فأفغانستان بعد تحررها من الاحتلال الروسي، تقسمت طويلا إلى أن تولى أمرها طالبان ، تقسمت لرغبة كل فريق في أن يتولى أمر الدولة ، ومن أنتصر وقتها على كافة الفرق (طالبان) كان الطرف الأقوي وليس الطرف صاحب المشروع الأكثر رجاحة.

وحدث العكس تماما قبل مائتي عام مع الولايات المتحدة ، فبعد الاستقلال عن بريطانيا العظمي وضع الجنرالات السلاح جانبا وبدأوا في صياغة الدستور ، وبناء نظام الحكم مسترشدين بمشروع الثورة الفرنسية التي كانت قد سبقتهم ببضع سنوات، الدولة كانت من صناعة السياسيين والمفكرين وبمشاركة الناس تحقيقا للصالح العام، قامت على المواطنة والمساواة واحترام الدستور وإعلاء القانون، وتجمعت الولايات تحت هذا اللواء التي كان كل منها مؤهل كي يكون دولة منفردة.
إن الخطر الذي يعرضنا للانقسام هو الخطر الداخلي و ليس الخطر الخارجي، هو تنامي أحد التيارات ( وهو هنا التيار الديني المتشدد) للإنفراد بالدولة وفرض منهجه في صياغة ملامحها، والأخذ بزمامها، بلغة أخرى إن الخطر الذي يهدد الدولة القومية هو الاستئثار أو الاستعلاء (المصحوب بالتهديد) حيث يخرج الشيخ وجدي غنيم (وغيره) على اليوتيوب والفيس بوك ليعلن ان النصاري كفار ومشركين ، والشيخ حسان في التلفزيون المصري يصرح انه لا ولاية لنصراني ، وان النصارى ذميون؛ وذميون هنا أي أنهم في حماية الأغلبية مش في حماية القانون، أي أنهم رعايا وليسوا شركاء.

هذا مع انفلات السلفيين الأكثر تشددا لترويع الأقباط في كنائسهم وبيوتهم وتطبيق الحدود عليهم وذلك دون محاسبة، في دولة تسمح بالأسلمة وتقنن خطواتها ولا تسمح بعكسها، وتيار ديني كبير كالاخوان المسلمين بكل ما له من تمويل وتنظيم يؤسس حزبا ويستعد للحصول على أغلبية البرلمان ، ويفكر هل يرشح أم لا يرشح هذه المرة رئيس الجمهورية، أم أن يترشح رئيسا سلفيا أكثر وضوحا ومباشرة في تحقيق الدولة الدينية ، بل أن لجنة التعديل الدستوري يرأسها ويشغل عضويتها أثنان ينتميان لتيارالأخوان المسلمين.

يربك كل هذا المشروع المدني للدولة ، ويؤكد هيمنة التيار الديني ، هنا تنقسم الدولة ـ لأن أمرها سيؤول لفئة ستغلب فريقا على فريق آخر، أو فرق أخرى: ستغلبه على الأقباط والعلمانيين والبهائيين واللا دينيين، فعصاتهم وان كانت غليظة على الأقباط لكنها أيضا ستحرم الباقين من مشروعهم في دولة مدنية، والأقباط هنا كانوا يعانون أصلا من مشكلات وكانوا يأملون أن الثورة ستوفر له ظروفا أكثر عدلا وأمنا، ستوفر ظروفا أقل إلتفافا على مطالبهم وأسرع في تلبيتها.
العوامل المؤثرة داخلية ، وإرادة جمع الشمل إرادة داخلية، أنا مش مع نظرية العوامل الخارجية، انا مع نظرية العوامل الداخلية ، وفي العوامل الداخلية أنا مش مع نظرية التواطؤ بين عناصر من الداخل مع عناصر من الخارج ، لكن مع نظرية أن فيه عناصر من الداخل تريد أن تستأثر لذاتها بمشروع الدولة وتغلب فيه تيارا بعينه وفئة بعينها على باقي الفئات.

الحل هو الدولة المدنية التي تساوي بين كافة المواطنين ، كلنا ساعتها ها نحس بالأمان والمواطنة ، وساعتها ما فيش قوة في الارض ها تقدر تكسرنا او ها تعطل نمونا، احنا عملنا السد العالي مع بعض، وعملنا أكتوبر مع بعض، وعملنا ثورة يناير مع بعض ، لكن لو حد عايز يعمل البلد لوحده والباقين تابعين مش شركا ، وها يمنع تعيين محافظ مسيحي علشان دينه وانه لا ولاية لقبطي ، ويستقوي بالأغلبية ويقول للناس قولوا نعم في الاستفتاء لنصرة الاسلام ، كل هذه الأفعال تشق الصف سواء البلد انقسمت أو لم تنقسم ، لأن الأخطر من الإنقسام أن تبقى البلد وحدة جغرافية واحدة ولكن ضعيفة ، واحنا عايزينها وحدة واحدة قوية فعالة مبدعة كل واحد واخد فيها حقة بحجم مواطن كامل الأهلية ، ما أطرحه هو المشروع المقابل لمشروع برنارد اللي يوحد الصف، المشروع يتلخص في عدم تعالي فئة على أي فئة ولكن الكل موطنون متساوون معا يبنون الوطن.

راجع الروابط
-الشيخ حسان : التقسيم الذي يتهدد مصر ( http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=412537&SecID=97

-أحمد المسلماني : الخطر الذي يتهدد مصر
(http://www.facebook.com/video/video.php?v=1958502435802&oid=156870137707089&comments ) ؛

الشيخ وجدي غنيم: لنكن صرحاء مع النصاري:
http://www.youtube.com/watch?v=8l6FGOBy1sM&playnext=1&list=PLCA0C95812E2338E6








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج