الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدي الايام

ابتسام يوسف الطاهر

2004 / 11 / 2
الادب والفن


صدي الايام
قصة قصيرة

رأت انها غيمة بيضاء كقطن لحاف العروس، تلتحف السماء، تبحث عن ارض عطشي .
باغتها الضوء، فاستيقظت مذعورة وكأن احد ما سلط مصباحا قويا علي وجهها!!
لثواني تساءلت من اين دخل ذلك الضوء ؟ فبالامس ، تذكر جيدا وقبل الذهاب للنوم كانت قد اغلقت كل النوافذ واسدلت الستائر ذات اللون الداكن، حتي لايضطرها ضوء الصباح لليقظة مبكرا. فهي كثير ماصارت تهرب للنوم ، حتي لا تواجه النهار الذي صارت تراه صلفا وهو يكشف لها قبح الخيبة والفشل واللاجدوي، او بالحقيقة قبح اليأس ، فتغطي رأسها مستنجدة به.
لم تكمل تساؤلها هذا لتكشف انه لم يعد هناك ستائر ولا حتي نوافذ !! تلفتت مذهولة ، بل ليس هناك أبواب حتي؟
للحظات اعتقدت انها تحلم، وكثير مايختلط لديها الحلم بما يشبه الواقع..
ولكن كيف تتأكد انها تحلم، هاهي تقوم من فراشها، الوحيد الذي لم يتغير! تنهض مرتبكة نسيت خوفها لحظات، تبحث عن الروب الذي تغطي به قميص النوم ، وهي تشعر انها معرضة لعيون فضولية ترصدها بثيابها الخفيفة. لكنها اكتشفت انها مازالت ترتدي السروال الاسود والقميص القطني بالوانه العديدة، فتسائلت كيف نامت بملابسها هذه؟ وهي لاتطيق ارتداءها حال دخولها باب الدار، وحين تفعل ذلك في بعض الاحيان، لابد ان تستيقظ في منتصف الليل، تحت ضغط تعرضها للاختناق، لتستبدلها بثياب النوم .
مر تساؤلها سريعا دون ان تعيره التفاتة ، حيث تلبسها فزع اكبر وهي تتطلع الي السقف الذي اختفي هو الاخر! دارت حول نفسها تصارع صرخاتها التي أخرسها الخوف، شعرت بتقلص واختلاط باحشاءها، حين رأت انه لم يعد هناك جدران ايضا.
وعلي البعد لم يكن هناك أي عيون تتطلع لها بفضول! بل ليس هناك جيران ولا حتي مساكن إذن هو كابوس وساستيقظ حالا، فليس من المعقول ان تختفي مدينة بأكملها في ليلة واحدة .
لكن متي تستيقظ ، هيا إنهضي!
تعالت خفقات قلبها وجفت شفتاها، بحثت في ارجاء المكان عن اناء الماء، تسمرت خطواتها، وقد تملكها رعب اجتاح جسدها كله ، تتلفت بذعر فجائي لأصوات لاوجود لها. فالمكان خال من أي كائن، أرض جرداء تمتد امامها ليس هناك سوي بضع غيوم تتهادي وسط سماء زرقاء، منحها ذلك الصفاء شئ من الهدوء.
لكن اين اختفي كل اؤلئك البشر ، كل تلك الديار؟
ماذا حل بالابواب ، بالشبابيك؟ ماذ حل بتلك الجدران تلك التي كانت تشعرها بالاختناق؟ بلي، كانت تحاصرها، وكم شعرت بالخوف أن تطبق عليها يوما. لكنها علي الاقل كانت تصد عنها الريح، تمتص صرخاتها وبعض ساعات الانين. أما الان لايشدها الي تلك الارض سوي اقدام ارهقها الترحال، والبحث عن الامان ، قد تقتلعها اي عاصفة لليأس.
انتابتها قشعريرة وصعوبة بالتنفس ، برد والم تشعره كوخزات ابر في اطرافها: أهو الموت ياتري؟ اخيرا استجاب الرب لذاك النداء.. لا .. لم أكن جادة حينها، بل هو التوسل للحظة صفاء .
عيناها تتلفتان كأنهما عصفوران حوصرا بقفص. خافت ان تتخطي حدود المكان، نهضت وارتعاشة تنتابها كمن يتعلم المشي توا. شعرت بالم بظهرها، جلست علي الارض، تتأمل فراشها، وقد خنقت صرختها بالرغم من تأكدها ان ليس هناك من يسمعها.
اندست بفراشها من جديد، انكمشت كالجنين، وهي تتصنت لصوت الريح ورحيل االغيوم المتهادي البعيد.


ابتسام يوسف الطاهر
كاتبة عراقية

لندن5/4/1998








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل