الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريقة ثانية لتقسيم الوطن

حافظ آل بشارة

2011 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



للأزمات الخطيرة التي يمر بها اي بلد هناك دائما وجه مشرق ، مثلما تلعب المحن دورها في تمحيص الرجال ، تمحص الازمات السياسية الحركات والاحزاب وتضع كل طرف في المربع الذي يستحقه ، المشهد السياسي العراقي تحكمه الفوضى ، وقد اظهرت الازمات ضعف ثقافة الاندماج في الدولة الأم ، بعض الاحزاب العراقية لاتشعر بأمومة الدولة فهي في نظرهم ليست أما بل زوجة أب ، تظهر المكاشرة وتسيء المعاشرة ، بل ذهب بعض المأزومين الى القول بأن عدوه الاول الدولة !وقيل ان بعض المشاركين في العملية السياسية انما شارك ليخرب ، فكيف يشعر بتلك الأمومة ؟ وكيف يغادر حالة العقوق ، الكثير من الازمات تحتاج ابتداء الى صمت مطبق من قبل الجميع لتقول الدولة كلمتها ولن ينشأ ذلك الشرخ الوهمي الذي يتصوره البعض بين خيارات الدولة وخيارات الأحزاب لأن الدولة في النهاية ليست كائنا مستقلا بل شاركت في بلورتها القوى أجمع ، اما لو عجزت الدوائر المختصة عن اتخاذ موقف في أزمة ما فيمكن للاحزاب ان تتشاور ثم تتكلم ولكن ليس عبر منصتها الحزبية بل عبر ممثليها في مؤسسات الدولة كمجلس النواب والحكومة والسلطة القضائية ، لا داعي لأن يصادر الناطق الحزبي المتطرف المتشنج دور ممثله في تلك المؤسسات ليصرح وهو منتفخ الاوداج بما يبعث على التشنج وتهييج الخلافات التي ليس لها حل ، يعتقد بعض ناطقي الأحزاب ان تصريحات محازبيهم المرتبطين بالدولة لا تشفي الغليل ، فما عليه الا ان يركب فرسه العمياء ويصول في كل الميادين الملغومة ، مهزلة التصريحات الحزبية غير المسؤولة تركت المراقبين والاعلاميين الاجانب يصابون بالصداع ويعجزون عن الخروج برأس خيط في كل ازمة عراقية ، الناطق الحكومي مسترخ يعبر عن براغماتية الدولة العراقية وتوازناتها واقعياتها ومصالح شعب لا حزب ، وموقف الدولة هو الانضج لأنها مدرسة السياسة وليس الاحزاب ، تحولت الظاهرة الى سباق مرضي كلما حدثت للعراق مشكلة مع دولة بعيدة او قريبة وكلما حدثت مشكلة داخلية ذات طابع اختصاصي سارع الخطباء الى الزعيق من أماكن مجهولة ، يلقي خطابه المأزوم ويخفي رأسه وراء المتاريس ضاحكا ليترك الدولة تتصرف كاطفائي وحيد لاحتواء النيران التي اضرمها ، يربكون الرأي العام ويؤزمون علاقات العراق ، هناك عقد مسبقة يبحث اصحابها عن تمثيل خاص لهم حتى على مستوى العلاقات الدولية للعراق ، بعض الأحزاب لها علاقاتها الاقليمية ومكاتبها في الخارج تكون احيانا اقوى من سفارة البلد ! ويتضح هذا الانفصام اكثر عندما تحدث مناسبات اقليمية او دولية فتسارع الدول الطبيعية الى ارسال وفد رسمي ، اما دولة العراق غير الطبيعية فتخرج منها عدة وفود لكل حزب وفده لانه لا يعترف بوفد الدولة ! كل فريق له دولته ورؤيته ومشروعه وخطابه وذاكرته وشهداؤه ، شهداء هذا الحزب ضد شهداء الحزب الآخر وكل منهم له جنته المختلفة ، لو تحدث احد عن الفدرالية اتهموه بالتقسيم ، اليس هذا تقسيما للبلد وهل هناك تقسيم أسوأ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: الرئيس يجري تعديلا وزاريا مفاجئا ويقيل وزيري الداخلية


.. ما إجمالي حجم خسائر إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة؟




.. بعد فشله بتحرير المحتجزين.. هل يصر نتيناهو على استمرار الحرب


.. وائل الدحدوح من منتدى الجزيرة: إسرائيل ليست واحة للديمقراطية




.. وول ستريت جورنال: أسبوع مليء بالضربات تلقتها مكانة إسرائيل ا