الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الله ... كُل ما جنّ فرحلو

قاسم محمد يوسف

2011 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في شهر أيار (مايو) منذ ثلاثة أعوام كنت متسمراً أمام تلفازي مُحدقاً بعيون لا ترف لها جفن, أرتعش ويرتعش معي مقعدي من هول ما وقع, أحاول تغيير القنوات وكأنني في حُلمٍ أنازع بين البقاء والفناء وأنتظر صحوة طارئة تعيدني إلى حياة الواقع, ... إنها النكبة, نكبة بيروت والجبل.

كنت متهماً بإنحيازي الصلب إلى المقاومة, يأخذ عليّ بعض الأصدقاء أنني قومي عربي في الزمان والمكان الخطأ وأنني مُقاومٌ أمارس فعل المقاومة بشرف وشغف مع أناس يتاجرون بالحجر والبشر من أجل غاية في نفوسهم, لم أكن لأقتنع بالمطلق بل أن ذلك لم يزدني إلا تعلقاً بمسيرة النضال الطويلة والتي سقط في ركابها أشرف الشباب وخيرة القادة ... في التاسع من أيار زارتني جدتي (رحمها الله) وتعابير وجهها ملبدة شاحبة وصوتها يغرغر عند رأس حنجرتها وعيونها تُحدثني عن أشياء وأشياء, تجلس إلى جانبي, تخرق صمتها وتسألني "أهذه هي المقاومة التي سطرت في مدحها قصائدك العصماء؟", ألتزم الصمت وأكتفي بهز الرأس خائباً وعلامات التعجب تفّر من مُحياي, تضحك فجأة وتردد بسخرية فاقعة ذاك المثل اللبناني الذي حفر عميقاً في ذاكرتي " الولد لمشّ من ضهرك كُل ما جنّ فرحلو" وبعدها تركتني ورحلت.

هذا المثل العنصري الذي طالما إعترضت على مضمونه ووجدت في ثناياه مفارقات بالغة الخطورة لا تخدم المصلحة العليا للأمة والمجتمع راق لي في تلك اللحظة وفهمته بطريقة مغايرة وإعتبرت أن المقاومة التي ترعرعت في صدورنا بالفطرة التي خلقها الله لا تُشابه تلك المقاومة "المزيفة" التي تتخذ من إسم الله غطاءً لإستباحة كل شيئ وحينها فقط أيقنت بأن عليّ أن أفرح فرحاً عظيماً كل ما "جنّ" حزب الله.

رحلت جدتي وحزب الله لا يزال قائماً وجنونه يتعاظم شيئاً فشيئاً والفرح في قلبي يكبر ويكبر واليقين في صدري لم يترك مكاناً للشك في ذاكرتي, فها هو الحزب الذي تخطى يوماً حدود الوطن والجغرافيا ليصل إلى قلوب الملايين في شتى أتقاع الأرض عاد إلى المربع الأول وأصبح حزباً طائفياً متسلطاً يُصنف الناس بين مُقاوم وخائن ويعطي الشرفاء دروساً عن المقاومة والممانعة, ويُحاضر في الشعوب العربية مُصنفاً, فهذا شعب ثائر شريف يستحق الدعم والمساندة وهذا شعبٌ مندس وخائن يستحق القتل والقمع والإبادة, وهذه وثيقة "أمريكية" تُثبت العمالة والتآمر وتقتضي تحليل دمائهم أما تلك فهي وثيقة مُحرفة لا تساوي الحبر الذي كُتبت به فصاحبها محل تقتهم أو قدم أوراق إعتماده من جديد, وأيضاً وأيضاً, هذا عميل خائن أعطى العدو معلومات وإشارات ونطلب له ولبيئته الحاضنة عقوبة الإعدام, وذاك متهمٌ بالعمالة مُجرد إتهام وطبعاً المتهم بريئ حتى تثبت إدانته فهو حليفٌ قوي وأنا بحاجة إليه, وربما يشمله العفو نظراً للضروة السياسية, وللضرورة أحكام في معايير حزب الله المزدوجة.

حزب الله لامس الدرك الأسفل في تعاطيه السياسي وهو في هبوط مستمر وسريع وهذا ما أدركه متأخراً فقرر الصمت, فعند كل إطلالة لأمينه العام يغرق الحزب أكثر وأكثر, وهنا لا بد من نصيحة متواضعة, "كثيرة هي الأحزاب التي مرت في تاريخ لبنان وظنت لبرهة أنها بقدرتها وقوتها وجبروتها تستطيع أن تهيمن وحدها على صناعة القرار وتصبح رقماً صعباً في المعادلات الإقليمية والدولية ولكنها سقطت سقوطاً مُدوياً, وكثيرة أيضاً هي الطوائف التي غرها كثرة عديدها ووفرة أموالها ونخبة زعمائها فحاولت إغراق الجميع لتطفو فغرقت ومعها الجميع والوطن, وبالتالي فإن حزب الله مدعو اليوم قبل الغد إلى اللقاء في منتصف الطريق نحو بناء الدولة (القادرة والعادلة) بشروط الدولة ونحو مصارحة ومصالحة شاملة وكاملة يربح فيها الجميع, ليبقى لبنان ... قبل فوات الأوان.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي