الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف الجنسي ضد الأطفال خطر يتهدد المجتمعات

عارف علي العمري

2011 / 5 / 19
حقوق الاطفال والشبيبة


عندما يغلب الإنسان صفات الحيوانية على نفسه, ويبتعد عن سمات الإنسانية التي شرف الله بها البشر, يصبح ذئب مفترس يكشر بأنيابه بحثاً عن فريسة لإشباع رغباته الجنسية, ولا يردعه بعد ذلك رادع قانوني أو عقوبة ألاهية أو وخز ضمير , تلك الطائفة الحيوانية في شهواتها أصبحت تخيف المجتمع, وتبدوا كوابيس رعب أمام الأطفال وهم يذهبون إلى مدارسهم, أو يتوجهون إلى السوق لشراء ألعابهم المفضلة, وأصبحت العديد من المجتمعات سواء المتقدمة منها أو المتأخرة تشكو من انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال الأبرياء؛ وهي جريمة بشعة بكل المقاييس؛ لما تحمله الطفولة من براءة وعفوية ومعان أخرى عظيمة؛ ويتعرض الأطفال في اغلب دول العالم لأنواع متعددة من أصناف العنف كالضرب المبرح والاستغلال الجنسي والقتل أثناء النزاعات المسلحة والاختطاف, ولعل من ابرز الانتهاكات التي أصبحت ظاهرة بكل المقاييس هي ظاهرة الاغتصاب التي يتعرض لها الأطفال من فئتي الذكور والإناث, ولم تعد ظاهرة الاغتصاب مقتصرة على بلدٍ بعينه بل انتشرت إلى اغلب دول العالم, في صورة لا يمكن القول معها إلا أن العنف ضد الأطفال قد وصل إلى أسوأ حالاته التي لا ينبغي السكوت عنها من قبل كافة شرائح المجتمع.
منظمة اليونسيف أكدت خلال عام 2005م اغتصاب مائة وخمسين مليون طفل عربي , وأحصت الأمم المتحدة أكثر من 8300 جريمة اغتصاب في الكونغو خلال عام 2009، فيما يعتقد أن ثمة حالات عديدة لم يتم الإبلاغ عنها, و في جنوب إفريقيا تشير إحصائيات حديثة لشرطة جنوب أفريقيا بأن 21 ألف حالة اغتصاب لأطفال أو اعتداء عليهم تم الإبلاغ عنها ارتكبت ضد أطفال صغار حتى سن تسعة أشهر, ووفقا للتقديرات، فإن واحدة فقط من كل 36 حالة اغتصاب يتم الإبلاغ عنها, وفي المغرب كشفت إحصائيات المرصد الوطني لحماية الطفولة أن المركز استقبل خلال الفترة ما بين 2000 و2009؛ 3708 حالة اعتداء على الأطفال من بينها أكثر من 1000 شكاية تتعلق بالاعتداء الجنسي على هذه الفئة العمرية, وفي مصر تسجل آلف حالة اغتصاب سنوياً ضد الأطفال, وفي الجزائر سُجل في العام 2008 عدد 1042 حالة اغتصاب للأطفال ، فيما تجاوز الرقم 1300 في السنة التي قبلها (2007) طبعا هذه أرقام الدرك الوطني فقط غير المختصة إقليميا في المناطق الحضرية الكبرى التي تختص بها الشرطة ، والتي لا يستبعد أن تكون حصيلتها أثقل ، وفي الأردن تقر الإحصاءات الرسمية الأردنية بوقوع 700 حالة اعتداء جنسي على الأطفال سنوياً, وفي السعودية التي تعتبر من الدول العربية المحافظة نظراً لارتباطها بقدسية الحرمين الشريفين تمثل نسبة الاغتصاب ضد الأطفال بالإكراه في المجتمع السعودي ما بين 80 % : 85 % من جرائم الاغتصاب ضد الأطفال بالإضافة إلى انتشار اعتداء المحارم على الأطفال الذي يمثل حوالى 15 % من مجموع جرائم الاعتداء الجنسي ضد الأطفال في السعودية ، هذا ما يؤكده الدكتور سعد بن عبدالله المشوح ، أستاذ الصحة النفسية المساعد بكلية الملك خالد العسكرية, الذي أوضح أن هذا النوع من الاغتصاب الأكثر انتشاراً في المجتمع السعودي، بحسب الإحصاءات المسجلة أمنياً، وتبعاً لأعداد الأطفال المترددين على المستشفيات السعودية.
الإحصائيات المذكورة أعلاه ليست إلا عينة من مايجري في كثير من بلدان العالم من انتهاك وعنف للطفولة, ولاشك أن هناك مئات إن لم يكن الآلاف من الحالات غير المعلنة بسبب تقاليد بعض المجتمعات من خوف العار الذي يظل يطارد صاحبة مدى الحياة وخصوصاً في المجتمعات العربية.
في اليمن تعد ظاهرة اغتصاب الأطفال من الظواهر الجديدة والدخيلة على مجتمعاتنا ولا تعتبر هذه الظاهرة وليدة اللحظة ولكنها استفاقت من غيبوبتها لتدق أجراس الخطر, وسبق وان أعدت منظمة سياج وهي منظمة مهتمة بحقوق الطفولة تقرير في عام 2009م حول انتهاكات الطفولة حيث كان بلغت الجرائم والانتهاكات الماسة بالشرف 68 حالة من 257 حالة بنسبة 26,46% وهي واردة بشكل مفصل كل على حده وتنقسم إلى:- الاغتصاب بواقع 29 حالة ,الاختطاف والاغتصاب بواقع 13 حالة, الاختطاف ومحاولة الاغتصاب بواقع 21 حالة, التحرش ومحاولة الاغتصاب بواقع 5 حالات.
إن هذه الأرقام المعلنة لتكشف بجلاء مدى الخطر الكبير الذي بات يتهدد أبناءنا في خضم التسيب الأخلاقي والانفجار الجنسي؛ فرغم شيوع الزنا وتيسير سبله نلحظ أن الإنسان البعيد عن الله يبحث دائما عن طرق جديدة لتفريغ كبته وشهوته المتسيبة؛ حتى ولو كان ذلك على حساب فئة عمرية مستضعفة وبريئة, ومما لا شك فيه أن هذه الإحصاءات ليست بالحقيقية إذا ما قورنت بعدد الحالات التي لم يتم الإعلان عنها بسبب التستر عن الغاصب أو منعا للفضيحة , وأهم ما ساعد على استفحال ظاهرة اغتصاب الأطفال في مجتمعنا كونها ظاهرة صامتة. فالحديث عموما في موضوع يتصل بالجنس يعتبر طابوها غريباً .
وسنستعرض في هذا المقال حالتين من حالات الاغتصاب في اليمن والتي حدثت خلال الشهر المنصرم, وأول هذه الحالات هي حالة اغتصاب الطفل عمر عوبلي الذي كانت والدته شاهدة عيان على مقتل احد الأطفال الذي خرج من مدرسته يهتف بإسقاط النظام,وسقط برصاص رجال الامن ولم يكن من شاهد في القضية سوى امرأة فقيرة تعمل كفراشة في مدرسة خالد بن الوليد في مدينة المكلا جنوب شرق اليمن ، أدلت بشهادتها ضد رجال الأمن رغم تهديدات سبقت وأصرت على شهادتها، وفي تأريخ 4/4/2011م تعرض طفلها عمر عوبلي للاغتصاب وفصلت هي من عملها نتيجة لشهادتها التي أدلت بها.
وفي جريمة أخلاقية قذرة، تؤكد حجم الانتهاكات المتزايدة التي تتعرض لها الطفولة في ظل غياب الحماية اللازمة وضعف الإجراءات العقابية تعرض الطفل «م.غ» الذي يبلغ من العمر7سنوات ويقيم في أحد أرياف محافظة تعز للاغتصاب من قبل شاب يبلغ من العمر 27عاماً.
وأفاد منتدى «الشقائق» لحقوق الإنسان في بيان صحفي أنه تلقى بلاغاً يفيد بتعرض الطفل الذي يدرس في الصف الأول أساسي للاغتصاب أثناء عودته من المدرسة في منطقة المشاولة مديرية المعافر محافظة تعز، حيث قام شاب يعمل في متجر لبيع المواد الغذائية باستدراجه إلى داخل البقالة وأعطاه بعض الحلويات، ثم أقدم على اغتصابه مستغلاً عدم تواجد أي شخص بالقرب من المكان تلك اللحظة.
كانت تلك نماذج سريعة للعنف الذي يمارس تجاه فلذات أكبادنا, ومستقبل غدنا, والذي قد يكون من شانه أحداث تداعيات خطيرة بالنسبة لتنمية الأطفال, وقد يؤدى في أسوأ الحالات إلى الوفاة أو الإصابة. غير أنه قد يؤثر أيضا على صحة الأطفال، وقدرتهم على التعلم أو حتى استعدادهم للذهاب إلى المدرسة على الإطلاق, وقد يؤدى بالأطفال إلى الهروب من البيت، مما يعرضهم إلى مزيد من المخاطر. كما أن العنف يدمر الثقة بالنفس لدى الأطفال، وقد يقوض قدرتهم على أن يصبحوا آباء جيدين في المستقبل. ويواجه الأطفال الذين يتعرضون للعنف خطرا كبيرا من التعرض للاكتئاب والانتحار في وقت لاحق من الحياة .
ويتساءل الكثيرون ما الحل إذن لمواجهة مثل هكذا انتهاكات صارخة ضد البراءة والطهر , وأقول إن ظاهرة العنف ضد الأطفال التي تفشت في بلادنا تفرض علينا جميعاً كأسرة وحكومة وأحزاب ومؤسسات مدنية وتعليمية وإعلامية تحمل المسئولية بكل جدية وتضامنية من أجل التصدي لهذه الظاهرة, والتعاطي بايجابية مع كل الفعاليات والدعوات الهادفة إلى حماية الأطفال من العنف بكل صورة وإشكاله, كما انه يجب أن يعي رجال الدين دورهم في الدفاع عن حقوق الأطفال, وان يقوم بتوعية الآخرين من خلال المنابر الدينية بالمخاطر التي تترتب على العنف ضد الأطفال, وتفعيل القوانين التي تجرم العنف ضد الأطفال وتحمي حقوقهم وتصون كرامتهم بما يكفل لهم حياة كريمة ، وإحداث مراصد وطنية وإقليمية في مجال محاربة الاستغلال الجنسي للأطفال وتنظيم حملات إعلامية وتربوية حول الموضوع بإشراك المفكرين والأسر والشباب وتخصيص موارد بشرية ومالية لدعم برامج محاربة الاستغلال الجنسي للأطفال وتنظيم دراسات وبحوث حول هذه الظاهرة, كما أن ظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج في اليمن واستفحال ظاهرة البطالة احد الأسباب التي يجب معالجتها وخصوصاً في ظل وضع اقتصادي متردي تعيشه اليمن منذ بداية العقد الحالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | المسمار الأخير في نعش استعادة الأسرى.. أصوات


.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب




.. مع مطالبات الجيش الإسرائيلي سكاناً في رفح بالتوجه إليها. منط


.. لبنان: موجة -عنصرية- ضد اللاجئين السوريين • فرانس 24




.. أزمة المهاجرين في تونس.. بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإن