الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة مع الخالدين

أسماء الرومي

2011 / 5 / 19
الادب والفن


نقلتني الدعوة الموجهة لأحرار الفكر للتجمع في ساحة التحرير في بغداد للحفاظ على بيت الجواهري إلى باريس ،كنا نتمشى في شوارع قريبة من الفندق الذي كنا ننزل فيه رأينا قطعة تشير إلى وجود قاعة عرض قريبة مخصصة لبيكاسو ،إتبعنا العنوان وسرنا وحين وصولنا رأينا قطعة مثبتة على الباب تشير لغلق القاعة لعدة أشهر لأجراءاتٍ خاصةٍ بالمكان ،قلنا سنراه في وقتٍ آخر ،رغم إني كنتُ أتمنى أن يكون مفتوحاً فقد شوقتني اللوحات المعروضة لبيكاسو في متحف اللوفر لرؤية المزيد من النسخ الأصلية ،إذ كانت كل لوحة منها تجرني بعمق غريب ،حتى إني كنتُ أشعر وكأني أدخل بين الخطوط وهذا لم أكن أشعر به مع النسخ المصورة .أخذنا طريق العودة ،كانت المنطقة جميلة بترتيبِ شوارعها ببنائها المحافظ على كل ما هو قديم بكل بهائه وجماله ،وباريس جمالها في وجود كل ما هو قديم جنباً إلى جنب مع الجديد .ونحن نسير والشارع يجرنا إلى شوارع أخرى ،والبناء المزدحم وزحمة السيارات ،دخلنا في شارع جانبي جرنا إليه طابع البناء المميز القديم، بساحاته المرصوفة بالحجر ،رأينا مجموعة من طلبة المدارس يصطفون في جانب أحد الأبنية ،سرنا بإتجاههم فالمكان حتماً هو من المكانات الأثرية الكثيرة والمميزة وحين إقتربنا كانت الكتابة تشير إلى أن المكان هو بيت فكتور هيجو،كم كانت فرحتي كبيرة حين وجدت نفسي سأدخل بيت الأديب الذي سحرتني كتاباته ،لا أدري بأي أسلوب كان يكتب هذا الأنسان المميز ،إذ حين كنت أقرأ في كتبه أشعر وكأني جزء مما يدور في قصصه فأنا أرى وأسمع وأسير بين كل ما تعكسه الأحداث ،ورغم بعد الزمن بين القارئ وبين تاريخ الكتابة فالقارئ يذوب مع الأسطر السحرية ليجد نفسه مع الزمن الذي كتبت به .
وقفنا أمام أحد المسئولات لندفع ثمن بطاقة الدخول ،قالت إن الدخول هنا مجاني كم أسعدتني هذه الكلمات ،ليس لأني إحتفظت بالنقود ،وإنما شئ في داخلي جعلني أشعر بالفخر بالناس المميزين بالعطاء وبمن يقيم هؤلاء الشخصيات ،وليس بالقليل ما يصرف على المكان وإدامته وعلى العاملين فيه .كان البيت جميلاً ببنائه باللوحات المعلقة على الجدران ،بقطع الأثاث والباقية كما هي رغم السنين ،وكم كانت جميلة المنضدة التي كان يجلس إليها الأديب ليكتب ،تلك المنضدة الصغيرة أعادتني لزمنٍ بعيد،كنتُ ،أنظروكأني أرى ذاك الأديب الذي أحببت شخصيته وكأنه جالساً بقامته بإنهماكه، بلحيته البيضاء الطويلة،بنظراته الحادة الثاقبة ،رفعتُ رأسي لجدارٍ قريب لصورةٍ معلقةٍ ،قلتُ أريد صورةً معه ،نظرتْ إليّ المسئولة فهمتْ مشاعري ،إبتعدتْ قليلاً وإلتقطنا الصورة وصورة أخرى ،بعدها إقتربتْ المسئولة وهي تقول بصوتٍ هامسٍ ،إن التصوير هنا ممنوع قلنا نعلم ذلك وشكراً جزيلاً .
كل هذا يعيدني لبيت شاعرنا الكبير محمد مهدي الجواهري ،إن كان الأهل لظروفٍ خاصةٍ لا يستطيعون الأحتفاظ به ،أفلا تستطيع الدولة أن تفعل ذلك ؟ أفلا يستحق العراقيون أن يحتفظوا بشئ من ذكر صوت الرافدين الحرصوت كل الأحرارمن إرتبط ذكره بالضفاف ،بالجبال والروابي بالنهرين.
Los Angeles
11/17/05








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يرسم برج إيفل في حقل زراعي احتفالا بدورة الألعاب


.. الكينج وكاظم الساهر وتامر حسني نجوم حفلات مهرجان العلمين فى




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يتحدث عن كلمات أغنية ع


.. عوام في بحر الكلام - الشاعرة كوثر مصطفى تتحدث عن أعمالها مع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 8 يوليو 2024