الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوباما و بن لادن و الأزمة الباكستانية

المناضل-ة

2011 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


بيار روسيه
على الأرجح، ليس الأمر الأهم في عملية الكوماندو الأمريكي، في ابوت أباد يوم 2 مايو 2011 ، القضاء على بن لادن- مع بقائه رمز القاعدة- بل طريقة تنفيذها. لا تريد واشنطن سقوط حكومة باكستان، كما لا تريد هذه الأخيرة القطع مع الولايات المتحدة الأمريكية بالنظر إلى حاجتها إلى دعم منها. لكن أوباما يلعب بتدخله على هذا النحو دور مطلق الجن.

تزداد في السنوات الأخيرة صعوبة تحمل الرأي العام لتنامي التدخلات الأمريكية على الجانب الباكستاني لحدود أفغانستان، وبوجه خاص تكاثر هجمات الطائرات بدون طيار مع مواكب ضحاياها من المدنيين. لا يمكن للطبقة السياسية الباكستانية اليوم إلا التنديد بخرق سافر و غير مسبوق لسيادة البلد الوطنية، أي بتدخل جوي في مركز حضري هام. ومع ذلك ليس بوسع الحكومة المدنية أن تفسر وجود بن لادن في مدينة تضم الأكاديمية العسكرية الرئيسية بالبلد، ما عدا بالاعتراف أنها لا تتحكم بالجيش و لا بالاستخبارات.

و تزداد الأزمة السياسية بباكستان حدة بقدر ما اكتست مسألة الطالبان حجما جديد في العام 2009 مع حرب سوات ( وادي بالشمال الغربي). وقد اكتست فعلا بعدا داخليا و ليس حدوديا فقط. و تتشكل مجموعات طالبانية حتى خارج المجموعات البنتوشية حيث ولدت، لتنضاف إلى حركات إسلامية وأصولية جذرية أخرى. وقد باتت اللعبة المزدوجة التي ألفها الجيش ( محاربة طالبان ودعمهم في الآن ذاته) معقدة أكثر من جراء ذلك. و مع صعود الضغط السلفي و الصراعات المرافقة له بين المجموعات الدينية، قد تتسع التصدعات داخل الدولة. ويتوجب أيضا على الجيش الباكستاني أن يبرهن انه لن يتحقق سلام بأفغانستان دون موافقتها. تبحث واشنطن عن حل سياسي تشرك فيه طالبان، لكن باكستان ُوضعت على هامش المفاوضات الأولية. و الحال إن إسلام أباد لا يمكن ان تقبل في كابول حكومة حليفة للهند" عدوها التقليدي". بوسع مصالح الاستخبارات أن تستعمل صلاتها القوية جدا مع طالبان لإفشال المفاوضات، فيما يمكن للحكومة أن تتجه صوب الصين لموازنة الولايات المتحدة الأمريكية و الهند. توجد مسألة بن لادن في صلب لعبة جيوسياسية متعددة الفاعلين تهم المنطقة برمتها.

كما أن الباكستان تؤدي أيضا ثمن إعادة التسلح الإيديولوجي للامبريالية الأمريكية. حيث أن تنفيذ إعدام خارج القانون في بن لادن مناسبة للولايات المتحدة الأمريكية لتعيد الاعتبار للاغتيالات منتقاة الأهداف (التي منعتها العدالة)، و السجن "خارج القانون" في غوانتانامو ( الذي وعد المرشح أوباما بإغلاقه)، واستعمال التعذيب ( حسب الرواية الرسمية كانت اعترافات منتزعة من معتقل بغوانتانامو هي التي أتاحت للمخابرات المركزية الأمريكية العثور على مخبأ بن لادن)، و النزعة القومية للقوة العظمى، و "حق" التدخل في اي مكان التي تمنحه واشنطن لنفسها. و العملية السياسية فعالة بقدر ما قام بها رئيس أمريكي اسود كان انتخابه قد لقي الترحاب من تقدميين ُكثر. لقد ولى زمن الأوهام.

إن عملية الكوماندو الأمريكى فعل حرب- لكنها حرب يتجاوز رهانها الإخراح المشهدي لمواجهة بين أوباما و بن لادن و الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة . إن واشنطن تشهر للعالم صرامتها الحربية . و في آسيا أُعيد طرح أوراق اللعبة الجيوسياسية حول الصراع الأفغاني. و في باكستان تتفاقم الأزمة، و السكان يؤدون ثمنها.

بيار روسيه

المصدر : مقال سيصدر في

« Tout est à nous » du 19 mai 2011

تعريب المناضل-ة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل


.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات




.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|