الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة من »الملدوغ« السوداني إلي »المخدوع« المصري (2-2)

سعد هجرس

2011 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن هذا »السوداني الفصيح« موجودا ضمن قائمة الشخصيات المقرر مقابلة الوفد الشعبي المصري لها في اطار زيارته الي السودان الشقيق، شمالا وجنوبًا، بمبادرة من د. السيد البدوي رئيس حزب الوفد ومعه ممثلون لأحزاب التجمع والناصري والغد وعدد من الشخصيات العامة من رجال الفكر ورجال الأعمال والإعلام.
لكنه ظهر كالشهاب وسط الثرثرة المعتادة من الطبقة السياسية.
وبعيدا عن الحسابات المعقدة لهؤلاء الساسة المحترفين طلب التعقيب علي الكلمات التي تتابعت في احدي الجلسات.
ولم يلفت النظر في بداية الامر نظرا لفرط بساطته وعفويته، لكنه سرعان ما شد الانتباه بكلماته المتدفقة والساخنة والصريحة والشجاعة.
وعرفنا فيما بعد أن المصرفي السوداني المرموق ابو الحسن الشاذلي الذي صال وجال ووضع النقاط علي الحروف موجها انتقادات بالغة الحدة للنظام الحاكم في الخرطوم والحريص علي وضع عمامة اسلامية علي رأسه خدعت - في رأيه- كثيرا من المراجع الدينية المرموقة، ومن بينها الشيخ يوسف القرضاوي الذي قال إن هؤلاء الحكام - اي أعضاء تلك الجماعة التي استولت علي السلطة في انقلاب عسكري علي الحكومة المنتخبة ديمقراطيا ـ يذكرونه بصحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم!!
واضاف ابو الحسن قائلا:
وإذا اعتبر البعض أن ذلك الموقف كان زلة لسان دفعتها إليه الشعارات الإسلامية للسلطة فإن ما يثير عجب الشعب السوداني الإصرار حتي الآن علي دعم ذلك النظام بالطرق المباشرة وغير المباشرة وإرسال أفراد لهم وزنهم بمجلس علماء الإسلام أو الحكومات الإسلامية كان آخرهم الشيخ الغنوشي والشيخ القرضاوي نفسه وفي الشهر الماضي المفكر الإسلامي فهمي هويدي، لا لنصح الحكومة الديكتاتورية التي يعتبرها الشعب أسوأ بكثير من نظام مبارك وزين العابدين في مجال القهر والتزوير في الانتخابات والفساد لكي يعودوا إلي رشدهم ولكنهم ـ كما قلنا ـ هم حضروا للتوسط بين الإسلاميين الذين اكتشفوا حقيقة النظام الذي شاركوا فيه ورأوا بأعينهم الفاحصة محليا بأن مركب النظام لا محالة غارق وأنه لا يجب أن يغرق الجميع معه يريد القرضاوي ومن معه التوسط لكي يدعم هؤلاء طغمة السلطة تحت شعار »وحدة الإسلاميين ضد الآخرين« وهذا كيل بمكيالين فالقهر والتسلط والفساد لا دين لها.
قضية الشعب السوداني ليست قضية الشعب الفلسطيني توحيد فصائل المقاومة يساعد علي حلها لأن التنظيمات الإسلامية في السودان، وإن اختلفت لا تمثل أغلبية أهل السودان.
حتي لا نذهب وراء هذا الرأي بالنسبة لقناة الجزيرة فإننا ذهبنا وراء رأي حسن النية بأن الجزيرة لا تريد إظهار المواقف الحقيقية في السودان حتي لا تؤثر علي دور قطر في اجتماعات حل مشكلة دارفور في منبر الدوحة ولكن قضايا الشعوب لا تتحمل الكيل بمكيالين والحل لكل مشاكل السودان هو تغيير النظام و»الشعب يريد تغيير النظام«.
ونصيحة لعلماء الإسلام وعلي رأسهم الشيخ الوقور القرضاوي والغنوشي وكل الأعمال العربي والإسلامي وعلي رأسها الجزيرة تأييد نموذج السودان هو أكبر ضرر يصيب الحركة الإسلامية حتي في البلدان التي قامت فيها الثورات الشعبية.
وفي مصر عندما هبت الثورة في 25 يناير اتصلت بأبناء أخي وهم مصريون ويشاركون في ميدان التحرير استفسرت منهم عن موقف الإسلاميين قالوا لي لم يشاركوا إلا في اليوم الثالث عندما رفع أحدهم المصحف وهتف »الإسلام هو الحل« اسقطناه فورا من أكتافنا وحذرناه من هذا النوع من الهتاف الذي يؤثر سلبا علي الثورة، ومنذ تلك الحادثة لم يرفع شعار مشابه في كل ثورة مصر وكان ذلك بمثابة إشارة واضحة لوعي الشباب الثائر في مصر.
> الخطر علي الثورات العربية:
كيف لشباب الثورة في مصر وتونس أن يطمئنوا علي ألا تتكرر تجربة السودان، خاصة أن الإخوان المسلمين في مصر والجامعات الإسلامية فيها كانت ومازالت تؤيد ما جري في السودان وأن الشيخ الغنوشي دعم الانقلاب في السودان ومازال، بل أنه حينما غادر تونس أقام مع نظام الخرطوم فترة ليست بالقصيرة بل كان يتحرك بجواز سفر سوداني دبلوماسي.
هل المطلوب أن يصدقوا مجرد قول الإخوان في مصر أنهم لا يسعون إلي السلطة كيف وهم استجابوا فور أن منحت السلطة لهم فرصة الحوار معهم لإجهاض الثورة »دون مشاورة« من قاموا بالثورة طمعاً في المشاركة في السلطة وتراجعهم بعد ذلك لا يعيد الثقة المفقودة، هل المطلوب أن يصدقوا أن الغنوشي الذي عاد من أوروبا مؤمنا بالديمقراطية والنظام المدني وفي الوقت نفسه في ندوته يوم الخميس 2011/3/10 بالخرطوم حول سؤال عن الكيل بمكيالين فيدين ضرب الديمقراطية في الجزائر ويهرب من إدانة الذين انقلبوا علي الديمقراطية في السودان لجمرد أنهم تنظيم إسلامي، هل يصدقون مجرد قول الغنوشي إنهم عادوا مؤمنين بالديمقراطية التعددية والدستور ودولة المجتمع المدني ألم يقل ذلك الإسلاميون في السودان ثم انقلبوا علي الديمقراطية فيها.
إن الحل في مواقف حقيقية علي الأرض وأولها إدانة الوصول للسلطة عن طريق الانقلابات مهما كان لون من قام بالانقلاب.
والضمان لذلك يبدأ بإدانة انقلاب الانقاذ في الخرطوم دون التوقف عند التدثر بالشعارات الإسلامية، يجب أن نعلم أن ما يجري في الخرطوم ليس نموذجاً إسلامياً ودون ذلك تظل الشكوك المضرة بالحركة الإسلامية قائمة في كل الوطن العربي«.
واختتم المصرفي السوداني المرموق أبوالحسن الشاذلي مداخلته الرائعة بالإعراب عن قلقه الشديد علي مستقبل الثورة في كل من تونس ومصر، والتحذير من مغبة الوقوع في شرك التعويل علي أنظمة استبدادية انتهي تاريخ صلاحيتها بعد أن جلبت لبلادها الخراب.. وفي مقدمتها النظام القائم في الخرطوم مرتدياً عمامة الإسلام.
وها نحن نبلغ رسالة إلي كل من يعنيهم الامر في مصر وتونس.. وكل دولة عربية حبلي بالثورة وأشواق التغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لايصح إلا الصح في عصر الحرية
سرسبيندار السندي ( 2011 / 5 / 20 - 16:59 )
بداية تحياتي للأستاذ سعد هجرس على المقال بنقل الحقيقة وبموضوعية ، لأن زمن الضحك على الذقون قد ولى وكذالك التخفي خلف عمائم الدين والتقية ، فكل ألأمور اليوم غدت مكشوفة حتي للسذج والأغلبية ، فمن يصرون على حماقتهم ودجلهم لن يضرو إلا أنفسهم ، وخير دليل سقوط معظم الطغاة من الحكام وشلل الحرامية ، وليمتد الذل والعار ليشمل البقية ، وغدا عاجلا أم أجلا ستطال ثورات الشباب ماتبقى من قوي التخلف والشر من وهابين أو قوي سلفية ظلامية ، ولابد أن تسود قيم المواطنة الحقيقة والإنسانية وليس قيم الجاهلية !؟


2 - مرات
يوسف ابراهيم حنا ( 2011 / 5 / 21 - 14:23 )
سيدى سيظل امثال القرضاوى والغنوشى ب يحيون بثقافة الاذدواجية فحينما يحاول الناس التغيير ولايوافق هذا اغراضهم يسمونه خروج على الحاكم وحينما يروق لهم التغير يسمونه دفاع عن الديمقراطية ,,,,, رغم انهم لايؤمنون بالديمقراطية ويرونها بدعة من الشيطان ...يحاولن سرقة الثورات فالاخون لم نراهم الا فى اليوم الثالث فجاة يخرج الاخون ويعلنون انهم من صنع الثورة يرفضون الدستور ويعلنون انه دستور مهلهل وفجاة يوافقون على ترقيعه ....وكماتقول حضرتك ها هم يقفو فرحيين بالنظام السودنى وهم يعلمون مدى ديكتاتوريته ولكنه يحمل كلمة اسلامى ,,,ويهللو لحماس مهما فعلت فى فتح ويقدسون حزب الله حتى لوجر لبنان الى الموت واسامة شهيد لانه قتل الصحفيين والاطفال وتبنى تفجير سفارات وفرج فودة وسعد هجرس وسيد القمنى كفار وزنادقة ..الحرية لديهم ان تفعل وتكتب وتقول ما يريدون..فلا مبادئ لهم وكل القوانين والمفاهيم تتشكل حسب رؤيتهم

اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف