الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن خطاب اوباما المتوازن

جمال الخرسان

2011 / 5 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


مساء الخميس التاسع عشر من ايار الجاري القى الرئيس الامريكي باراك اوباما خطابا موجها لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا يوضح فيه وجهة نظر الولايات المتحدة الامريكية وسياساتها تجاه ما حصل ويحصل من متغيرات سياسية في المنطقة.
اوباما الواقعي المتوازن والمفوّه يعرف كيف يقدم رؤية الادارة الامريكية للعالم بخطاب متوازن عقلاني ولكنه في نفس الوقت لاينكر نرجسية امريكا في الحفاظ على مصالحها وهذا شيء لابد من التعاطي معه بايجابية، لان امريكا في نهاية المطاف ليست مؤسسة خيرية تتفرغ فقط لمساعدة الاخرين على حساب ما لها من مصالح في العالم.. لذلك بدأ الرئيس الامريكي خطابه بالاجابة على كل من تسائل عن ظاهرة الخطابات الاوباميّة التي توجه بين فترة واخرى لمنطقة الشرق الاوسط على وجه الخصوص، حيث قال اوباما: (الشرق الاوسط رغم انه بعيد عنا ولكن مستقبلنا مرتبط به من حيث الاقتصاد والامن). ومن هنا فأن الرئيس اوباما كان واضحا بان الحفاظ على امن امريكا واقتصادها يقتضي تعديل بعض مسارات السياسة الامريكية في المنطقة العربية وما حولها. اهمية ذلك التعديل انه يأتي بعد حصول متغيرين مهمين جدا، المتغير الاول هو الثورات العربية التي اسقطت على الاقل بن نظامي بن علي ومبارك وربما تسقط قريبا غيرهم، اما المتغير الثاني فهو مقتل بن لادن العدو الاول للولايات المتحدة الامريكية في العالم.
الرؤية الامريكية في خطاب اوباما تؤكد مرة اخرى بان امريكا لن تكرر تجربة العراق وتفرض التغيير بالقوة لما لذلك من انعكاسات سلبية. ولذلك على الشعوب ان لاتعوّل كثيرا على الجهد العسكري الدولي فالامريكان لايودّون مزيدا من الكراهية وما حصل في ليبيا جاء بطلب ملح من الثوار انفسهم كما ان فرنسا هي التي تصدرت الركب واخذت زمام المبادرة وليست امريكا.
تطرق اوباما باسهاب لجميع الثورات التي تحصل في الوطن العربي وكان واضحا وضوح الشمس في ابداء وجهة النظر الامريكية حول مختلف الثورات.. وكأنه يوجّه رسالة للشعوب والانظمة في آن واحد، من وجهة نظر اوباما على الشعوب ان تعرف بأن امريكا تسمع الجميع حتى اولئك الذين تختلف معهم ولكنها في نهاية المطاف لن تقف بجانب اي ثورة لاتعتمد هوية الدولة المدنية في اطار تحركاتها. ومن جهة اخرى فان اوباما ارسل رسالة ايضا للحكام والملوك خصوما كانوا او اصدقاء: لايمكن الاستمرار بممارسة العنف وان الحوار لايمكن ان يتم بين طرفين احدهما خلف القضبان! فالولايات المتحدة الامريكية لن تتخلى عن حلفائها على حد قول اوباما ولكنها ليست مضطرة للوقوف الى نهاية المطاف مع ما يمارسه الاصدقاء من تعسف واضرار بالاخرين. وعلى حد تعبير اوباما ( سنحمي شركائنا في المنطقة من اجل ضمان تدفق النفط .. لكن اصدقائنا مطالبون بالتغيير .. وهذا ينطبق على اليمن والبحرين .. لايمكن ان يحصل حوار في البحرين والطرف الاخر قابع خلف القضبان! ندرك ان ايران لديها مصلحة في البحرين ولكن ذلك لايبرر القمع، يجب ادخال اصلاحات سياسية). واضاف اوباما: ( يجب ان يتمتع الاقباط بالحرية كما يجب ان لاتهدّم مساجد الشيعة في البحرين ).
مرونة اوباما لاتمنع من تحذير شديد اللهجة الى بشار الاسد فامن اسرائيل الذي تلتزم به الولايات المتحدة الامريكية لا يسمح بمزيد من الفوضى ووجود دولة فاشلة الى جنب اسرائيل، فاما ان يحسم بشار الاسد ملف الثورة واما ان يرحل. التحذير الاخير لايقلل من اهمية الخطاب العقلاني والمتوازن للرئيس اوباما والسياسة الامريكية الجديدة في الشرق الاوسط .. وعلى العرب تحمل المسؤولية والتعامل مع امريكا او القوى الغربية بشكل عام بعيدا عن عقدة الاضطهاد التي تستحوذ الى حد كبير على خطاب العرب تجاه الغرب. كما ان المطالب العربية في معظم الاحيان تتصف بحالة من التناقض وعدم الواقعية بحيث يصعب تلبيتها، العرب يريدون من امريكا ان تحل جميع مشكلاتهم دون ان يتقدموا خطوة للامام، لديهم جامعة عربية متخصصة في بيانات الاستنكار حول تدخل الاخرين في الشؤون العربية، ولكنها غير مستعدة لتقديم الحلول ولا حتى مشاركة الاخرين فيما يفرض من خيارات دولية. امريكا غيرت نظاما ديكتاتوريا في العراق عبر التدخل العسكري فالصقت بها قائمة طويلة من الاتهامات من قبل الشعوب العربية او حتى الانظمة الرسمية ولكن ذات التدخل العسكري في ليبيا يلاقي الترحيب من الشعوب العربية نفسها! وهذه مثلا حالة من التناقضات اللامعقولة في مطالبات العرب. ولو اريد لنا ان نتعاطى مع السياسة بهذا المنطق فلن نجني شيئا وسوف نفشل ليس لأن الاخرين اكثر ذكاءا منا بل لأننا ننحاز كثيرا للعاطفة على حساب الحلول العقلانية الواقعية. ومن اجل الحصول على اي شيء كثيرا ما نخسر كل شيء!
جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا