الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنتلجنسيا البسوس !!

محمد المراكشي

2011 / 5 / 20
كتابات ساخرة


الانتلجنسيا..تستوقفني كثيرا هذه الكلمة المنمقة التي يستعملها الكثيرون في بلاداتنا حين يريدون الإشارة إلى المثقفين.. هي كلمة مثيرة و رائعة و جميلة في النطق أحسن بكثير من كلمة النخبة ذات الحروف اللثوية و الحلقية !
حين تسأل الكثير من ناسنا ، تجد أن القليل منهم من يحاول أن يعطي تعريفا مباشرا دون المرور عبر "قالب" الايديولوجيا ! وقالب الايديولوجيا كما أقصده هو أن تقسم الكلمة إلى قسمين إيديو و لوجيا ،لتقول في الأخير في ما يشبه انتصارا معرفيا :هي علم الفكر أو علم الأفكار !
مضحك كثيرا تقسيم الايديولوجيا إلى قسمين ،فإيديو في اللغة الفرنسية تعني غبي ومنه الغباء،بينما لوجيا قريبة من معنى اللوجيك أي المنطق.. ! و الأمر على هذه الحال قد يصبح حسب جني التحليل هو غباء المنطق أو منطق الغباء ! الانتلجنسيا بنفس المنطق قد نقسمها إلى الانتلجن و سِـيا ، فيباح لنا أن نتوهم أن معنى القسم الأول الذكاء و الثاني يقترب من السي أي إي ! لا غرابة في هذا المعنى إن علمنا أن الأمريكان يسمون جهازهم الاستخباري الأسطوري بمركز الانتلجنسيا ! هم أول من عرف ربما بمعنى الانتلجنسيا الحديثة ! قريبة من الاستخبارات !!
أعرف أن الانتلجنسيا هي النخبة ،و النخبة المثقفة بالخصوص ،و التي ظهرت كما تقول التعاريف المدرسية ،في القرن التاسع عشر لتضم المتعلمين و المثقفين و المفكرين.وهم مؤثرون .. ظهرت في روسيا ثم غزا المفهوم صالونات أوروبا وقاعات بلاطاتها الفخمة. ولم تنته عند هذا الحد ،بل اتكأت على تسميات اخرى محايثة مع العزيز المغبون غرامشي..
لكن السؤال الذي يراودني دائما ،هل للعرب انتلجنسيا؟أو هل كان لهم يوما انتلجنسيا و نخبة مؤثرة عبر تاريخهم الغابر والحاضر؟ ! قد يحمل ذاك التاريخ نفسه العديد من الإجابات المتناقضة ،إذ لا يعقل أن تنبت انتلجنسيا في زمن داحس و الغبراء ! و لا في زمن البسوس ! إذ لا أظن أن من أثر في تاريخ تلك الحروب الطاحنة من نخبة أكثر من داحس و الغبراء والبسوس ! فرسان و ناقة انتلجسيا قرن من الزمان !
وبعد زمن أو عصور كان المتكلمون فعلا ،نموذجا للكلام و البوح الانتلجنسوي ،و كالعادة كان نصيبهم ذبحة صدرية تسببت فيها ظلامية العصر..نور وحيد قد نعتز به يوما لو قرأنا تاريخنا في بساطته دون مزيدات متكلمي العصر الحديث !
و في حاضرنا لا يحضرني الكثير من الأمثلة إذ لا يظهر لي أكثر من نخبة القناصة في ثورات مصر و تونس أو نخبة الشبيحة وكتائب الكتاب الأخضر ! و للإستزادة في العلم،بحثت في تلك الثورات عن أثر للمثقفين و النخب المفكرة فلم أجد إلا شبابا يكفر بمثل تلك النخب المتخشبة المهترئة الخائفة دوما و الصامتة أبدا !
يستفزني هذا المفهوم كثيرا ، فالانتلجنسيا فعلا عليها أن تكون انتلجنت فتتنبأ بثوراتها،وعليها أن تكون جنتل فلا تصمت أو تتخلى ، بدل أن تنتظر انتصار الشارع العادي البسيط لتقرأ متأخرة ما وقع ،و تحلل ما حدث ! عليها أن تمتلك ناصية الوخز بإبر المعرفة و التأريخ بالفعل لا أن تتصدر صحفا لا تباع أو تؤثر.. أو أن تأخذ صورة كاريكاتورية لمحللين سياسيين يملؤون الدنيا و يشغلون الناس بالصراخ الذي لم يأخذ من معنى الايديولوجيا إلا الإيديو !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر