الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستبداد الوصاية يحتاج فتنة طائفية

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 5 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


النظام الذي أسسه مبارك لم يسقط ، و لن يسقط بسهولة ، فهو سيقاوم السقوط بكل ما أوتي من قوة ، و عزم ، فهناك الآلاف الذين إستفادوا منه بالحرام ، و هناك أمثالهم من إرتكبوا الكثير من الجرائم .
لكن النظام يبدو إنه تعلم درس مما حدث في الفصل الأول للثورة ، ذلك الفصل الذي سُطرت ملحمته في الفترة المحصورة بين الخامس و العشرين من يناير 2011 ، و إلى أن سقط مبارك عن عرشه الرئاسي .
النظام تعلم أن الإستبداد الصريح لم يعد ممكناً ، فقد تعلم الشعب كيف يواجهه ، أو كيف يسقطه .
لن يكون هناك مبارك أخر ، عنيد جبار .
لن يكون هناك مستبد أخر يحكم بإسلوب وضع حذائه على رأس الشعب جهاراً ، كما حكم مبارك .
لن يكون هناك جبار أخر سياسته الداخلية هي : إن كان عاجبكوا ، كما نقول في عاميتنا المصرية ، كما كانت سياسة مبارك .
لكن من الممكن أن يكون هناك إستبداد أخر .
إستبداد بشكل أخر .
إستبداد مغلف بالأبوة .
إستبداد الوصاية .
الوصاية هنا هي الفكرة التي سيتم بها تبرير إستبداد المستبد المستقبلي ، فالشعب عندما تكون الديمقراطية حاضرة في ذاكرته ، يحتاج المستبد لمبرر لإستبداده ، كما كان إستبداد عبد الناصر يتم تبريره بالنضال ضد الإمبريالية ، و النضال من أجل فلسطين ، أو إستبداد : لا صوت يعلو فوق صوت المعركة .
الوصاية كفكرة تقوم على مبدأ الحماية ، كحماية شخص لمصالح شخص أخر غير قادر على القيام بحماية مصالحه ، أو غير واعي لمصالحه من الأساس ، كوصاية شخص على طفل يتيم ، أو وصاية الوالدين على أطفالهما .
المستبد المستقبلي سيرتدي عباءة الوصاية ، و بإسم الوصاية ، أو بإسم رعاية مصالح الشعب ، سيستبد بالأمر .
و لن تكون هناك وصاية دون أن يتم إثبات أن الشعب قاصر ، و غير صالح لأن يدير شئونه بنفسه ، أي غير صالح للديمقراطية ، و عدم صلاحيتنا للديمقراطية هي نفس الفكرة التي رددها أحمد نظيف في 2005 ، حين بشرنا من الولايات المتحدة الأمريكية بأن الديمقراطية ستأتي بعد ثلاثين ، أو أربعين ، عاماً .
إذاً الهم الأول للنظام الحاكم هو إثبات ذلك ، و أفضل وسيلة هي إشعال فتنة طائفية .
لهذا لاحظنا أنه بمجرد أن إستعاد النظام الحاكم الملعون أنفاسه ، و أخذ زمام المبادرة ، بعد أن بدأت الثورة تدور حول نفسها بلا هدف ، بعد أن تعطلت بوصلتها ، حتى إستيقظت الفتنة .
في فترة قصيرة كانت هناك حوادث عدة هدفها إشعال الفتنة ، و جر مصر إلى حرب أهلية .
كانت هناك محاولات الإيقاع بين المسلمين و المسيحيين ، كما جرى في المقطم ، و أطفيح ، و في قنا ، و إمبابة ، و في ماسبيرو ، على بعد أمتار من ميدان التحرير التاريخي ، و في موقع فيسبوك .
و هناك محاولات أخرى خبيثة جرت ، و لم تأخذ حظها من الإهتمام ، بالرغم إنها لا تقل في الأهمية ، و الخطورة ، عن المحاولات السابق ذكرها ، و هي محاولات إشعال الفتنة بين السلفيين ، و الصوفيين ، و من مظاهرها إحراق بعض المساجد التي بها أضرحة لأولياء صوفيين ، في محافظة المنوفية ، و لكن ملاعين النظام لم ينجحوا في تحقيق هدفهم الخبيث ، بعد أن أصدر التيار السلفي المحلي هناك بيان مطبوع أشار صراحة إلى إنها محاولة للوقيعة ، و من جانبه إلتزم التيار الصوفي خط الحكمة فلم يشر بالإتهام لأحد .
إذا كان هناك الآن بعض الهدوء ، خاصة بعد أحداث إمبابة ، و ماسبيرو ، فإن ذلك لا يعني أن النظام الملعون الذي أسسه مبارك ، و لازال يحكمنا لليوم ، سيتوقف .
إنها فترة هدنة قصيرة معتادة بين كل حدث ، و الذي يليه ، أو بين كل جريمة ، و أخرى .
لقد نجحنا حتى الآن في إبقاء الفتنة نائمة ، و لكننا لا نضمن أن يستمر ضبط النفس ، كما إنه من غير المعقول أن نظل في موقف الدفاع ، أو موقف التوعية ، و الشجب ، أي نأخذ فقط دور الإطفائيين ، الذين عليهم فقط إطفاء الحرائق .
علينا أن نتصدى للمجرمين ، لمنعهم من إشعال الحرائق .
علينا أن نقول للشعب من هم المجرمين الذين يسعون بدأب لا يفتر لجر الشعب المصري لحرب أهلية .
إنه بالطبع النظام ، كما هو واضح من المقال ، و لكن علينا أن نكون أكثر تحديداً ، لكي نكون أكثر نجاحاًً في حربنا على المجرمين .
المخطط هو جهاز الإستخبارات السليمانية ، الذي لازال يديره عمر سليمان ، أما المنفذ فهو جهاز الشرطة ، و على رأسه جهاز مباحث أمن الدولة ، أو أمن النظام ، فهو الجهاز الذي لا يبارى في هذا الشأن القذر .
رجوع عمر سليمان لحياة الظلام ، و حل مباحث أمن الدولة ، لا يعنيان أن الإستخبارات السليمانية قد أصبحت جزء من التاريخ ، و أن جهاز مباحث أمن الدولة قد إنقضى أمره .
إن أردنا لمصرنا السلامة من الفتنة الطائفية ، فعلينا أن نطيح بالرأس الخبيث الذي يخطط ، و أن نقطع اليد الملعونة التي تشعل .

المنفى القسري : بوخارست - رومانيا

20-05-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة