الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين حانة و مانة ضاعت لحانة

وصفي احمد

2011 / 5 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


بين حانة و مانة ضاعت لحانة
يروى أن رجلا كان متزوجا من مرأتين , وكان هذا الرجل ملتحي وقد اختلط الشعر الأبيض بالأسود فيها , فكان إذا ذهب إلى الصغيرة تقول له لابد لك أن تزيل الشعر الأبيض من لحيتك حتى تظهر أصغر سنا , و عند ذهابه إلى الكبيرة تقول إن الشعر الأبيض يعطيك وقارا لذلك عليك بالتخلص من نظيره الأسود و كان يستجيب للاثنين حتى فقد لحيته .
شاهدنا من هذا المثل هو الصراع الدائر داخل العملية السياسية بين القائمة العراقية و دولة القانون حول الوزارات الأمنية و مجلس السياسات الستراتيجية .
فيد أن ظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة بفوز القائمة العراقية بأغلبية بسيطة جدا عن دولة القانون أرادت أن تشكل الحكومة لكن أحزاب و حركات الاسلام السياسي الشيعي لم يرق لها ذلك لذلك عمدت على توحيد صفوفها بأن شكلت التحالف الوطني و ذهبت إلى المحكمة الدستورية العليا و استصدرت حكم منها حول من يملك الأغلبية و قررت تشكيل الحكومة . لكن هذا الأمر لم يرق للعراقية التي أخذت تماطل و تسعى بكل قوة كي تحتفظ بحقها في تشكيل الحكومة حسب وجهة نظرها , غير أن الأمور سارت بعكس ما تشتهي لذلك وافقت على ما يسمى بحكومة الشراكة الوطنية التي هي نسخة طبق الأصل من حكومة المحاصصات العرقية و الطائفية التي تعود عليها الشعب العراقي منذ تأسيس أول حكومة عراقية بعد الغزو الانجلو – أمريكي للبلاد .
كانت موافقة العراقية على الدخول في الحكومة مشرطا بتشكيل مجلس السياسات الستراتيجية و أن تسند رئاسته إلى رئيس العراقية أياد علاوي . وحين عقدت الجلسة الأولى أحس علاوي أنه خدع فهو يريد لهذا المجلس أن يكون ندا لرئاسة الوزراء , إن لم يكن المسيطر عليها , الأمر الذي لم يرق لدولة القانون و بالذات المالكي ومن ذلك الوقت بدأت الخلافات تتصاعد بين علاوي و المالكي في حين يعاني المجتمع العراقي من أزمات مستعصية كالنقص الحاد في الخدمات و انعدام الأمن و البطالة المستشرية و غيرها من الأزمات .كل هذه الأمور أفقدت المواطن العراقي ثقته بالعملية السياسية و القائمين عليها لذلك قرر النزول إلى الشارع ليطالب بالاصلاح و محاسبة الفاسدين الذين أهدروا المال العام و تحسين الخدمات , و لما تصاعدت حدة الاحتجاجات الجماهيرية في حين عجزت حكومة المالكي من اعاقة المظاهرات عن طريق اتهام القائمين عليها بالبعثيين تارة و الارهابيين تارة أخرى و وضع الحواجز الأمنية على الطرق المؤدية إلى الساحات العامة التي اختارها منظمو المظاهرات للتجمع فيها و بالذات ساحة التحرير لما لها من رمزية بالاضافة إلى فرض حضر التجوال على السيارات لاعاقة وصول الجماهير الذين يسكنون في المناطق البعيدة , غير أن هذه الإجراءات لم تعق الجماهير و لما رأت السلطة التنفيذية كثافة الحشود و طبيعتها الاجتماعية لجأت إلى اساليب القمع مثل إطلاق النار على المتظاهرين و القيام باعتقال الناشطين و مهاجمة عدد من الفضائيات التي حرصت على تنفيذ واجبها المهني في نقل ما يجري من اجتجاجات مشروعة و غير ذلك من الممارسات , إلا أن هذه الأعمال لم ترهب الجماهير بقدر ما زادتهم إصرارا .
عندها احس السياسيون المتنفذين في الحكومة بحراجة موقفهم قرروا لملمة صفوفهم و الايحاء إلى الشعب أنهم قرروا أخيرا إصلاح واقعهم و هذا يشكل أكبر كذبة فهم يعلمون قبل غيرهم أنهم عاجزون عن فعل أي شيء ما دامت المحاصصات قائمة على قدم و ساق , لذلك فهم اليوم يسعون لإعادة الحياة لمبادرة البارزاني و لكنهم سوف يفشلون بسبب سعي كل فصيل سياسي إلى اقصاء صاحبه و بالتالي سوف تظل أزماتهم مستمرة و لن تحل .
ان الواقع العراقي لن يحلحل ما دامت هذه العملية السياسية قائمة على الأسس الخاطئة التي بنيت عليها , و عليه لابد من حل كل المؤسسات القائمة و تشكيل حكومة مؤقتة تأخذ على عاتقها الشروع بانتخابت جديدة ‘لى أن يسن قانون للانتخابات قائم على المواطنة و الابتعاد عن الهويات الفرعية عندها سوف يضع الشعب العراقي رجله على السكة الصحيحة .
ان هذا الحل صعب غاية الصعوبة لأنه يواجه بممانعة شديدة من قبل الأحزاب السياسية المتنفذة , لكنه يمكن أن يتحقق إذا أصر العراقيات و العراقيون عليه عن طريق ادامة المظاهرات السلمية للضغط على راعي العملية السياسية لإجبار هؤلاء على تغيير مواقفهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا