الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية-بامنصور-المغبون ومعالي الوزير

محمد حدوي

2011 / 5 / 21
حقوق الانسان


في ذلك الزمن البئيس استجمع"بامنصور" جميع قواه المنهكةوهو ذلك المواطن الذي يرضع من القهروالحرمان ويتغدى من الحزن والإنتظار-انتظار-غودوأن يأتي من السماء، ويحل مشاكله، وقصد معالي الوزيريستفسره:لماذا مطرمطر..وفي البلاد جوع؟
-فأجابه معالي الوزير:رغم مطرمطر..فالجفاف قد تجدر مع الإحتباس الحراري ولازال يحكم حلقاته على الكثير من مناطق البلاد، فانتظر..!
مر عام..ومطرمطر..وحرث الفلاح في بعض مناطق البلاد التي تعرف الأمطار، وحصدالغلال، وتوسم من البلاد خير..وعاد إلى معالي الوزيروقال له:مطر مطر..وفي البلاد خير وفقر..فأجاب:
-نعم مطر مطر..لكن تأزم الإقتصاد والفيضان أغرق البلاد مع موسم الرياح والأعاصير، وأتلف الغلال، فانتظر..!..
مر عام آخر بلامطر مطر..وعاد "بامنصور"إلى معالي الوزيروقال له:
البلاد بلامطرمطر..وسئمت الإنتظار، واستفحلت البطالة، وعم الإجرام، وتأزم الإقتصاد، وتشردم المجتمع.. فأجابه معالي الوزيربلباقته المعهودة:نعم مطرمطر..وتضخمت كتلةالأجور، وتأزم الإقتصاد العالمي، واختلت التوازنات، ومازلنا نبحث عن توازنات أخرىجديدة وملائمة مع الوضعية الجديدة..فانتظر..!
قال في نفسه ربما أن معالي الوزير على درجةمن الغباء تجعله يحصر الإقتصاد في مطر مطر، والقمح والشعير، والتوازنات الغبية المقلوبة والملعوبةفي عالم تهدده الويلات والكوارث الطبيعية والحروب والثورات، وقال منبها:مطر مطر..أوبلا مطرمطرأوبلاتوازنات مقلوبة في عالم مقلوب..فالفوسفاط، والسمك، والشمس، والحجر، و..و..تكفي لبعث الحياة والأمل في النفوس..
عصفت سحابة سوداء قاتمة على جبين معالي الوزيرمبرطما،وانتفخت أوداجه، وأخديشهر على وجهه عضلاته البوليسية،واتهمه بالبطالة، والتسكع، ومحاولة كشف المستورمع سبق الإصرار والترصد، وأشارببنانه إلى زبانيته وهددوه بأن يقدفوه حيا إلى أعماق الجحيم..تبعثر من جراء ذلك زملاءه ورفاقه الشباب، مهرولين، فارين، من شدة الهول.. وشربوا الماء حرقا وغرقا في البحر..ومن تبقىمنهم، تبخر في عتمة الزقاق الضيقةالمظلمة.. ودخلواجحورامثل تلك التي تبنيها الفئران ولكن بسقف من صفيح القصدير يتعاطون للمخدرات، والمسكنات، ويتهامسون وراء الأبواب، سارقين النظر من الثقوب المطلة إلى الخارج وهم في الظل والظلام خوفا مما تعرفون.وأصبحت الدنيا مثل خابية "جوحا"فوقها قليل من العسل والباقي يخفي الذي على بالكم..
وفي المساء جلس "بامنصور"وعائلته أمام الشاشة الصغيرة يتابعون الأخبار:أخبار الدنيا(...)وأخبار مطرمطر، والتوازنات المقلوبة في عالم مقلوب تهدده الكوراث الطبيعية والحروب...وفي الأخبار جلسوا ينظرون وهم يشربون شاي المساءإلى جثث الغرقىفي الضفة الأخرىوشرطة الجيران تتفحص جيوبهم بحثا عن هوياتهم لإعادة جثتهم من حيث أتت في ثوابيت صليبية لامعة.. دمعت عيون "بامنصور"ومعه عائلته من شدة الهول والتأثر، وهم الذين يعرفونهم لأنهم منهم..ولابد عليهم أن يخبروا الشرطة بأسمائهم..كانوا بالأمس معهم واليوم انتحرواغرقا بلاهوية..وبعد هذا الخبر بقليل مسحوا دموعهم، وترحموا عليهم، وأطل عليهم من جديد معالي الوزير بقسمات وجهه التي تعني الكثير وتخفي الكثير.. ورغم ماسبق، ظهر بمظهر عادي، وماهو بعادي ،وهويدعو بهدوء واتزان سياح العالم إلى زيارة أجمل بلد في العالم..
قال"بامنصور" في نفسه وجعبته تعج بأسئلة كثيرة متناقضة ومزعجة، لو كنت أملك حرية التعبير وأنا الذي فرض علي أن أمارس النفاق إذا أردت الإستمرار في الكلام وفي العيش في زمن صار فيه الصحافة جهل قائم على جهل، لسألت معالي الوزيرعن حراس عوائد التخلف في البلاد الذين أسنانهم سوستها الحلوى التي يهديها لهم الفقراء المغلوبين على أمرهم لقضاء حوائجهم، وأولائك الذين يسرقون خزائن الأمة بالملايير رغم أجورهم الخيالية، ويخنقون أنفاسنا بأغنية تضخم كتلة الأجور والتوازنات الملعونة والملعوبة..وقال في نفسه، وأناالذي بدأت أعرف معالي الوزيرسأجيب هذه المرةمكانه:سنؤسس محكمة العدل الخاصةلمحاكمتهم، وسنعمل على القضاء عليهم، وس..، وس..، حتى أصاب بالتخمة من جراء كثرة حرف السين اللعين والذي سيجعل بلاشك بديع الزمان الهمداني لو بعث حيا بيننا بأن يقول في مقاماته، ويا أقبح من حرف السين اللعين، بدلا من حتى البريء..
محمد حدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة


.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا




.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة