الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إني أتهم .. j accuse

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2011 / 5 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


إني أتهم .. j accuse

إلى المناضل الشريف الكاتب الصحفي رشيد نيني في زنزانته
هذا التركيب اللغوي رغم بساطته؛ فإنه مثخن بالدلالات و المعاني؛ لأنه يلخص تاريخا من الصراع بين المثقف و السلطة؛ لان المثقف دائما حضر كسلطة مضادة؛ إنه ضمير الآمة الذي يستيقظ كلما أعلن الظلم عن أنيابه؛ و انتكست العدالة .
نتهم – و بجميع لغات العالم- كما اتهم الروائي الفرنسي الكبير (إميل زولا)؛ في رسالته إلى الرئيس الفرنسي (Félix Faure ؛ في قضية الضابط الفرنسي/اليهودي (دريفوس)؛ حينما صاح بأعلى صوته : j’accuse متهما السير غير الطبيعي للعدالة في فرنسا .
نتهم – و بجميع لغات العالم- كما اتهم المثقفون الفرنسيون في أول بيان في تاريخ الفكر الغربي؛ توقعه جماعة من رجال الأدب والفكر، تسمي نفسها جماعة المثقفين؛ وأطلقت على بيانها اسم ( بيان المثقفين)؛ محتجين على الحكم الصادر في حق دريفوس، ومطالبين العدالة بأن تعيد النظر في القضية، وقد حمل البيان وقتها توقيع أسماء كبرى مثل: إميل زولا وأناتول فرانس ومارسيل بروست وليون بلوم.

إننا نتهم و نتحمل في هذا الاتهام مسؤوليتنا التاريخية كما تحملها أكابر المثقفين؛ نتهم كل من يريد استغلال القضاء لتصفية الحسابات الرخيصة في بلادنا ضد حملة الأقلام؛ الذين يمثلون ضمير الشعب المغربي؛ نتهم كل من يريد إغلاق أفواهنا التي لا نعرف استعمال غيرها؛ للاحتجاج على الظلم و الفساد في بلادنا؛ نتهم كل من يرد على الكلمة الحرة بالرصاص و الزنازين؛ نتهم كل من يسعى إلى العودة بنا إلى سنوات الرصاص و الجمر؛ نتهم كل من يريد أن يزرع في نفوس المغاربة الرعب من المستقبل المغربي؛ الذي حلمنا به مجتمعين في صورة فصل ربيع منتش بالحياة؛ نتهم كل من يريد أن يسد في وجوهنا أبواب الأمل التي أشرعت مع خطاب التاسع من مارس؛ نتهم كل من يسعى إلى تشويه سمعتنا في الداخل و الخارج؛ و الرمي بنضالاتنا على قارعة الطريق؛ نتهم و نتهم ثم نتهم ... نتهم كل من ساهم؛ من قريب أو من بعيد؛ في رمي صحفي و مناضل شريف في زنزانة نتنة؛ يواجه داخلها الذباب و النمل؛ بعد أن كان يواجه بقلمه الحر كل مظاهر الفساد في حياتنا المغربية الراكدة.
نفتخر أننا اجتمعنا يوما على صفحات جريدة المساء؛ لنصرة قضايانا المغربية العادلة؛ و نتذكر بحزن شديد؛ كيف اتهمنا بأننا خدام المخزن و المخابرات؛ حينما واجهنا أطروحة البوليزايو بلغة التحليل العلمي الرصين؛ و دحضنا بالدليل كل ما تم ترويجه من تزوير في حق قضيتنا الوطنية؛ التي آمنا بها كقضية مقدسة؛ و إذا كان الأستاذ رشيد نيني قد فتح أمامنا أبواب جريدته؛ في الوقت الذي أغلقتها في وجوهنا منابر أخرى؛ فقد كان هو نفسه مؤمنا بأن خطه التحريري الذي اقتنع به و دافع عنه؛ سيعود على المغرب بالفضل الكبير؛ و لهذا لم يكن يتوان هو نفسه في مواجهة كل الأضاليل التي كانت تروجها الصحافة الجزائرية و الإسبانية المأجورة؛ بل و قد خاض حربا شرسة ضد انفصاليي الداخل؛ و كان موفقا في ذلك إلى أبعد الحدود .
لقد اتضح بالملموس و الدليل الواضح الآن؛ أن الأستاذ رشيد نيني كان قلما وطنيا مناضلا و لم يكن قلما مخابراتيا مأجورا؛ كما اتضح بالدليل الواضح الآن أن جريدة المساء في دفاعها على القضايا الوطنية العادلة؛ و في حربها على الفساد و المفسدين؛ في كل هذا لم تكن جريدة مأجورة. و نحن نفتخر أننا كنا جزءا من هذه الرسالة الوطنية النبيلة؛ فقد كنا مناضلين في صفحة الرأي و لم نفكر يوما في الكتابة كمؤسسة؛ تخضع للعرض و الطلب؛ بل آمنا بان الكتابة أفضل عمل نضالي يمكن أن يفتخر به أي مثقف.
لنفترض الآن أن الأستاذ رشيد نيني هو ( دريفوس المغرب)؛ الذي ألصقت به تهم من الحجم الكبير؛ تصل إلى حدود؛ تهديد أمن الوطن؛ و هي تهمة لا تختلف عن التهمة التي وجهت للضابط الفرنسي (دريفوس) حينما اتهم بتسريب معلومات عسكرية إلى ألمانيا عدوة فرنسا التقليدية؛ ليتضح في الأخير أنها تهمة ملفقة لا أساس لها . أفلا يتطلب الأمر أن ينهض كل حملة الأقلام من المثقفين؛ ليواجهوا عبر الكتابة هذه التهمة الملفقة التي لا أساس لها؛ خصوصا و أن مثقفينا يقلدون فرنسا في كل شيء؛ فلماذا لا نقلدها في نضالاتها ضد الظلم أيضا ؟!
لنرسل –إذن- رسائل الاتهام؛ و لنوقع بيانات المثقفين؛ و لنقف صفا واحدا؛ في وجه كل من يريد أن يخرس أصواتنا الحرة؛ التي استعرناها من زمن النضال المغربي في سنوات الجمر و الرصاص؛ حيث كانت رسائل الاتهام و كانت البيانات؛ تصرخ في وجه أعتى الجلادين.
إن استهداف الأستاذ رشيد نيني؛ هو في الحقيقة استهداف لحرية الرأي و التعبير؛ التي يضمنها الدستور المغربي؛ و تضمنها المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان؛ و لذلك يجب أن نناضل من أجل الحفاظ على حرمة الدستور المغربي؛ و على حرمة المواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب كذلك؛ لأن الأستاذ رشيد نيني ليس الضحية الأولى لهذا الانتهاك؛ و إذا لم يتوقف هذا النزيف؛ لن يكون الضحية الأخيرة طبعا .
إننا و نحن نتهم كل من ساهم في رمي كاتب صحفي و مناضل شريف في أتون زنزانة نتنة؛ ندعو إلى احترام الكلمة الحرة في بلادنا؛ لأنها وحدها التي يمكنها أن تحرس مستقبلنا المغربي؛ الذي نبنيه بتفان و بوطنية عالية؛ لا نريد من ورائها جزاء و لا شكورا ؛ و إذا كان المثقف المغربي على وعي كبير بمسؤوليته التاريخية تجاه وطنه؛ فإن واجب الوطن هو أن يمنحه الاحترام اللائق به و ليس أكثر.
لا يظنن أحد أن البلاد ستتقدم إلى الأمام من دون مثقفين ملتزمين؛ يحترفون مهنة الشك المنهجي و النقد البناء؛ لان هؤلاء هم ضمير الشعب دائما و في جميع بلدان العالم؛ يحترقون مثل الشمعة؛ ليضيئوا بنورهم ما حولهم من ظلام دامس؛ و هم في شكهم و في نقدهم؛ لا يعرفون معنى المؤامرة و لا معنى التواطؤ بالدلالة السياسوية الرخيصة؛ إنهم يشكون و ينتقدون ببراءة طفولية مفرطة؛ لأنهم يعتقدون دائما أنه بإمكان الحياة أن تكون أفضل؛ هل نقول أنهم مثاليون ؟ ليكن الأمر كذلك؛ ما دام الحلم دائما هو أفضل طريق لتقوية الإرادة و تحسين ظروف الحياة. لقد حلم الكثير من قبلنا عبر العالم بمستقبل أفضل؛ و انتقلوا إلى مرحلة النضال من أجل تحقيق هذا المستقبل؛ و في الأخير حققوا الكثير من أحلام شعوبهم.
i have a dream كانت الكلمات السحرية؛ التي أطلقها الأمريكي الأسود في أمريكا للانتقال إلى وضع أفضل؛ و جاء باراك اوباما أخيرا ليحقق هذا الحلم لفئة من أبناء شعبه؛ الذين حلموا؛ و سخر الكثير من أحلامهم.
دعونا يا سادة نحلم بمستقبل أفضل لبلادنا؛ لا تحاكمونا حتى على أحلامنا؛ إننا نحلم أن نكون دولة ديمقراطية؛ و نحلم أن يقاد المفسدون إلى المقصلة؛ و نحلم أن تكون الإرادة الشعبية هي أساس السياسة باعتبارها تدبيرا للشأن العام؛ و نحلم أن نفكر و نكتب بحرية و بدون قيود؛ إننا نحلم بوطن يحترمنا كما نحترمه؛ نحلم بألا نرمى في زنازين نتنة مع النمل و البعوض و الصراصير ... كجزاء لنا على حبنا المفرط لهذا الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقوق الانسان
الشهيد كسيلة ( 2011 / 5 / 21 - 10:37 )
لاول مرة تكتب مقالا يساندك فيه كل الانسانيين لانك تدافع عن حقوق الانسان وتقاوم الظلم نتمنى ان تكون هذه بادرة خير وان ترفع قلمك عن الاساءة الى ابناء وطنك حماة الهوية المغربية الاصيلة
ولعلك تستشعر منذ الان ان طعن الامة في هويتها وفي اصالتها يسبب جرحا عميقا لا يندمل بل يظل ينزف وينزف
الامازيغية هي روح المغرب وهويته واصالته وليست الامازيغية هي التي اقامت جمهورية اعرابية متصحرةعلى جزء من الوطن لتكون راس جسر للقدافي وكتابه الاخضر المهرطق
نتمنى اطلاق سراح نيني اليوم قبل الغد رغم اساءته للقضية الامازيغية ولسنا من الحاقدين ولن نكون

اخر الافلام

.. قرارات بتطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق تديرها السلطة الف


.. الرباط وبرلين.. مرحلة جديدة من التعاون؟ | المسائية




.. الانتخابات التشريعية.. هل فرنسا على موعد مع التاريخ ؟ • فران


.. بعد 9 أشهر من الحرب.. الجيش الإسرائيلي يعلن عن خطة إدارة غزة




.. إهانات وشتائم.. 90 دقيقة شرسة بين بايدن وترامب! | #منصات