الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي بداية الحل العملي للقضية الفلسطينية؟

منعم زيدان صويص

2011 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


هل فكر العرب في حل عملي ممكن للقضية الفلسطينية؟ هل فكروا بطريقة عملية لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين؟ هل فكروا بأسهل الطرق لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين في البلاد العربية إذا فرض عليهم استيعابهم؟ هل فكروا بطريقة لخلق دولة فلسطينية قابلة للحياة viable -- -- كما يحلو للدول الغربية أن تسميها؟ ماذا سيحصل إذا بدأ المجتمع الدولي، أو بالأحرى الغرب، بفرض حل للنزاع العربي الإسرائيلي على المنطقة؟ ماذا يتطلب هذا الحل؟

إذا استثنينا قضية اللاجئين فإن كل المشاكل الأخرى يمكن حلها. فمشكلة الحدود يمكن حلها بتبادل الأراضي بين إسرائيل والدولة الفلسطينية الوليدة، وأظن أن المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين قد قطعوا مسافات طويلة على هذا الطريق فهناك أراضي يسكنها عرب في شمال فلسطينيين وستكون إسرائيل سعيدة إذا تخلصت منهم واقتربت أكثر من تحقيق الدولة اليهودية. وستضم بدل هذه الأراضي كتلا استيطانية كبيرة في الضفة الغربية. ومعظم القضايا الأخرى عادية وسهلة الحلول مثل المياه والمعتقلين وغيرها.

أما مشكلة القدس، فمن الممكن حلها بتقسيمها بمساعدة الولايات المتحدة، ورغما عن إسرائيل، وجعلها عاصمتين لدولتين، وأعتقد أن المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين قد بحثوا هذا الأمر بالتفصيل. وإسرائيل تعرف أنها لا تستطيع أن تسيطر على القدس إلى الأبد وأن 1.5 بليون عربي ومسلم لن يسمحوا بهذه أو ينسوه وسيفتحون باب جهنم على الغرب الذي لن ينعم بالهدوء بعد ذلك. ومن الواضح أن الثورات الشعبية العربية العارمة تنبىء أن إسرائيل لن تتمتع بالتفوق على العرب مجتمعين إلى مالا نهاية وأنها يمكن أن تُغلب. وقد لمّح الرئيس أوباما لهذا في خطابه في 19 أيار مايو عندما وجه الحديث لإسرائيل قائلا بأن "الوضع الراهن لا يمكن إدامته" وأن عليها التوصل إلى حل.

أما القضية الكبرى، وأعني بها مشكلة اللاجئين، فلا يمكن حلها بالسماح للاجئين الفلسطينيين بأن يعودوا إلى الأرض الفلسطينية التي تشكل إسرائيل الآن لان ذلك معناه نهاية قريبة للدولة العبرية، وهذا حلم عربي صعب التحقيق في المستقبل المنظور. فلا يمكن حل مشكلة اللاجئين إلا بخطة إستراتيجية سيكون لها نتائج وتداعيات ذات تبعات هائلة. وأول خطوة بهذا الاتجاه هي خلق حدود بين الدولة الفلسطينية من جهة وأراضي عربية شاسعة وكتله كبيره من الشعوب العربية من جهة أخرى، تستطيع مع الوقت امتصاص اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يزالون بدون أرض إلى الآن، ومنهم اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وسوريا وما تبقى من اللاجئين الذين لا يملكون أرضا وعقارات في الأردن وبعض الدول المجاورة، بطريقة تدريجية وبطيئة ربما تستغرق عقودا من الزمن. وأعني بهذه الكتلة وبهذه الأرض الشاسعة مجلس التعاون الخليجي. فليس باستطاعة لبنان استيعاب نصف مليون لاجئ فلسطيني، ولن تقبل سوريا استيعاب أحد ولن يرضى الفلسطينيون أن يعيشوا إلى الأبد في الأوضاع التي يعيشونها الآن في سوريا. أما الأردن فقد استوعب ما لديه من الفلسطينيين وأصبحوا مواطنين ولا يستطيع أن يستوعب أكثر من ذلك. وأما اللاجئون في دول الشتات الأخرى فيمكنهم أن يبقوا حيث هم أو يعودوا إلى الدولة الفلسطينية ومن ثم ينتشرون في دول مجلس التعاون، كما قلنا، بطريقة تدريجية وبطيئة لا يكاد يلحظها أحد.

لقد شغلت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين تفكير الإسرائيليين والأمريكان منذ مدة طويلة لأنهم كانوا يعرفون أن رجوع اللاجئين إلى فلسطين إلى بلادهم معناه نهاية إسرائيل. لقد حاول المنظرون الأمريكيون -- معاهد الأبحاث وال think tanks -- ومن ورائُهم اليهود الصهيونيون ومؤيدو إسرائيل، طوال العقدين الماضيين، أن يحولوا الأردن، الذي يشكل الأردنيون من أصول فلسطينية نصف أبنائه، إلى وطن بديل للفلسطينيين، حتى قبل أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم وتشكل الدولة الفلسطينية.

وكانت البدايات حثّ العائلة المالكة في الأردن و تحريض بعض قطاعات الشعب الأردني على تحويل الملكية إلى ملكية دستورية عن طريق إغرائهم بتحقيق ديمقراطية شبيهة بديمقراطية بريطانيا. ومعنى هذا أن تصبح الدولة الأردنية ديمقراطية كاملة وتُعلن مساواة كاملة بين كافة أبناء الشعب الأردني من جميع الأصول، وعندها يصبح زعيم البلاد، وأعني بذلك رئيس الوزراء، منتخبا مع إمكانية أن يكون هذا الزعيم فلسطينيا، وبهذا تصبح الدولة الفلسطينية في الأردن إمكانية ملموسة وعندها ستحاول إسرائيل والولايات المتحدة نقل بما تبقى من اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي لبنان وسوريا وغيرهما إلى الأردن وتحويله إلى دوله للفلسطينيين. ونستطيع أن نقول أن معظم المظاهرات والاحتجاجات التي حصلت في الأردن كانت تصب في هذا الاتجاه، وإن لم يكن منظموها خططوا لذلك. غير أن وحدة الشعب الأردني وتشبثهم بنظام الحكم أقنع هؤلاء المنظرين باستحالة تنفيذ خططهم.

أما إذا أصبحت الأردن جزءا من دول الخليج فستصبح الحدود الأردنية مع إسرائيل والضفة الغربية بمثابة ما يسمى في العلوم الطبيعية الغشاء الإسموزي شبه المنفذ للمشرق العربي، ومن المحتمل والحالة هذه أن تنظمّ الدولة الفلسطينية أيضا لمجلس التعاون لتطعيم الشعوب الخليجية بعنصر بشري عربي جديد وفعّال وبدماء عربية جديدة تجعل من هذه المنطقة الغنية دولة إقليمية عظمى تستطيع أن تقف في وجه المد الإيراني الشيعي الذي يهدد الخليج. وهكذا فإن هذا التكتل، الذي ظل ضعيفا منذ تأسيسه قبل ثلاثين عاما، سيتحول إلى إتحاد عربي قوي لشعوب شبه متجانسة.

ويبدو أن السبب الرئيس لعقد قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة كان إصدار البيان غير العادي الذي رحب بانضمام الأردن لعضوية مجلس التعاون. لقد سبب إصدار هذا البيان الخطير في هذا الوقت بالذات استغراب كل المراقبين. وهو تحول جيوسياسي بعيد المدى في تاريخ المنطقة. وأما توسيع الدعوة لتشمل المغرب الأقصى فكانت للتمويه وإعطاء الانطباع -- وهذا فعلا ما صدقه بعض المراقبين والمحللين -- أن القصد من هذا الضم هو تجميع الدول المحافظة ذات الحكم الملكي الوراثي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - logical
thaher salman ( 2011 / 5 / 23 - 21:45 )
logical and reasonable analysis.

اخر الافلام

.. ليس الحرب الحالية.. ما الخطر الذي يهدد وجود دولة إسرائيل؟ |


.. مجلس النواب العراقي يعقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس للمجلس ب




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقف مفاوضات صفقة التبادل مع حماس | #


.. الخارجية الروسية تحذر الغرب من -اللعب بالنار- بتزويد كييف بأ




.. هجوم بـ-جسم مجهول-.. سفينة تتعرض -لأضرار طفيفة- في البحر الأ