الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يتحول الحب إلى كلمات

يوسف غنيم
(Abo Ghneim)

2011 / 5 / 22
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


لو أجمعت البشرية على تعريف شيىء ما عظيماً كان أو بسيطاً سيكون تعريف الحب أصعب، بل مُحالاً. يتعدد الحب بتعدد الناس جميعاً، ولا يفهم حبَّاً ما غير المحب . من الناس من خَبِر العلم وحده أو خبر الفن وحده أو خبر الشعر وحده، ولكن ليس هناك من عاش بلا حب. في وصيته حين لم يعد قادراً على الكتابة قال جبريئيل غارسيا ماركيز: أحبوا دوماً ، لا تتوقفوا عن الحب.يخلق الإنسان الحب ولا يخلق من يُحب، ويحول الحبيب على شاكلة الحب. ويعيش عمره وهو يحاول المطابقة بين الوجه، اي الحبيب وبين القناع، اي صورة الحبيب التي خلقها المحب لمن احب. بعض الرجال يرى المرأة أنثى، وبعضهم يراها عشقاً وبعضهم يراها مجرد امرأة، وكل رؤية منها غير الأخرى. بعض النساء ترى الرجل فارساً، وبعضهن تراه متيَّماً يتطوَّح في الطرقات. إذا لم نُجمع على تعريف الحب، فلا شك أننا نُجمع على الحب كمكوِّن إنساني لا نحيا بدونه. كلانا مكوِّن اساسي للآخر. ومن هنا، وجوب التفريق بين الحب والجنس، فالحب ممتد ومطلق والجنس عابر. الحب حالة فيها القليل من الوعي أو حضور العقل تمتد بعمرنا، بينما الجنس حالة ميكانيكية تشتد ولا تمتد. وهذا الامتداد للحب هو الذي يرفعنا إلى مقام الصوفية، بل يأخذنا إلى تقريب الحبيب من الله فيختلط ذلك عند ابن عربي وإبن الفارض والنِفَّري لنرى الحب عبر رؤية الذات العليا.
إخذتني إلى هذا قراءة عبارة برواية لنوال السعداوي تقول : "الحب يسمو على الفضيلة والرذيلة". في البداية لم يتماسك وعيي بين متاهة الكلمات أو دلالاتها. كان لا بد ان ابحث في المعنى، لا أدعي أنني إستطعت الوصول إلى غور المعاني ولكنني أستطيع الإدعاء أنني توصلت إلى الحدود التي تحاول الكاتبة وضعها كإطار للحب .الفضيلة والرذيلة صنع إنساني واعٍ، قرار بشري مع سبق الإصرار، والفضيلة متعددة وكذلك الرذيلة، نجدهما في الأخلاق وعكسها، وفي التضحية وعكسها، وفي الخير وعكسه وفي التجديد وعكسه، نجدهما في كل نقيضين، نجدهما في ديالكتيك الحياة اليومية من بسيطها إلى أعلاها تعقيداً. أما الحب فليس قراراً علمياً واعياً، وليس مصلحة مقودة بالوعي العاقل، الحب حالة انفلات بلا حدود، هو حالة افتراضية من الإنسان في البحث عن الأمان الروحي عند آخر.
بعد هذا، هل بوسعنا قياس الحب أو تعريفه؟ سيكون ذلك درباً من الخطل واللاعقلانية.إن لم تُجمع الناس على تعريف الفضيلة وحدها ولا الرذيلة وحدها، فهما نسبيتان وهما درجات، فمن اين لها أن تُجمع على تعريف الحب وهو مطلقاً ولا يمكن للمرء أن يُحيط به بما هو حالة إنسانية لا تخضع لمعايير العقل والقياس والمقارنات...الخ ما كان رذيلة في الماضي أصبح اليوم من ضرورات الحياة , وأضحت بعض السلوكيات التي كانت تتسم بالفضيلة تصرفات رجعية لا يقدم عليها إلا من تحنطت أفكاره ورفضت إستدخال القيم الحديثه القائمة على التحرر من كل القيود التي فرضها الإنسان على الإنسان أو وضعها الإنسان على ذاته في سياق تعامله مع الأخر .ولكن، هل تبدل الحب، رغم الخطى الهائلة التي قطعها الإنسان في مواجهة الطبيعة العمياء؟ بالقطع لا. تنتهي حريتك حينما تدخل على حرية الآخرين، أما الحب فلا نهاية له لأنه اختيار ثنائي حر، وهو أكثر الخصوصيات التي لا تستدعي المشاركة.
عندما يقول شاب لفتاه أنا أحبك ماذا يعني,لا أحد يستطيع الإجابة على هذا السؤال ,قد يكون الإنشداد إلى الجسد المحرك لهذا الإنفعال الشعوري وقد يكون الإنشداد الى الروح المتوقدة في ثنايا هذا الجسد ما يشغل المحب وقد يكون الإثنين معا . أيا كان الدافع هل يمكن إختزال حالة الحب بمجموعة من الكلمات التي ظلت الإنسانية ترددها ما قبل التاريخ إلى الأن ما الجديد الذي يمكن أن تحملة أية عبارة عاطفية يمكن أن تطرب لها أذن السامع , إن تحويل الحب إلى كلمات إختزال للحالة الإنسانية كثيرا، هل يكفي القول أنني أحب للتعبير عن الحب ........بوسع الكلام وصف الحب ولكن الكلام ليس الحب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لا اتفاق بين زعماء دول الاتحاد الأوروبي على تقاسم المناصب ال


.. ما موقف الأحزاب الفرنسية ومقترحاتهم من الهجرة في حملاتهم الا




.. لتطبيع العلاقات.. اجتماع تركي سوري في قاعدة روسية| #الظهيرة


.. حارس بايدن الشخصي يتعرض للسرقة تحت تهديد السلاح




.. وول ستريت جورنال: لا وقت للعبث بينما يحرق حزب الله شمال إسرا