الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبور.. قصص قصيرة جداً

نهار حسب الله

2011 / 5 / 22
الادب والفن


1.
بعد أن غادرتُ الانفاس الاخيرة رغماً عن شبابي وابتسامتي التي رسمتُ لها الأزل..
جاء موتي بعد تأثري برصاصة لم تكن في خدمة احد إلا الموت نفسه..
صارت جثتي بضاعة مكدسة بطريقة عشوائية حد التلف في ثلاجات الطب العدلي، بضاعة غاب اسمها وتاريخها بين ذلك الكم الهائل من البضائع المُخزنة.
نقل جثماني الى مقبرة التالفين.. مقبرة الشهداء الخالدين، حيث جثمان جيوش من الشباب الطيبين، كنت محظوظاً من بين كل الحاضرين لاني وجدت مكاناً للتخزين في قلب تلك المقبرة التي استحدثوها لاستقبال أمثالي.
إلا ان قبري لم يكن يحمل اسمي.. لعل قطعة المرمر كانت متثاقلةً من اسمي بعض الشيء.. حاولت إخراج يدي بتكلف معقد ومتعب بغية كتابة اسمي على وجه السرعة، لأكون تذكاراً عن ايامي التي لا أود ان تندثر في غيابي.
غير اني فوجئت بان يدي دفنت في قبر آخر مع اشلاء متفحمة.

2.
لسمعتي الطيبة في الحياة.. وابتسامتي التي باتت خالدة تأبى الغياب عن ذاكرة المحبين، تمكنت جثتي من المحافظة على ذلك الحب حتى بعد تفسخها مع مرور الزمن، بوصفها لم تأخذ حيزاً من المقبرة وإنما اكتفت بمساحة بسيطة جداً فضلاً عن قلة زواري من الاحباء مما حافظ على سكون المقبرة... وهو الامر الذي رشحني لانتخابات رئاسة مقبرة المهمشين.
ويوم تقرر تدقيق ملفي الخاص الذي احتفظ به حفار القبور.. تم اقصائي من الانتخابات لأن سيرتي الذاتية كان قد كُتب عليها (مجهول الهوية).

3.
بعد موتي بأيام قليلة.. تنبهت لكل من حولي من الأموات.. واستمعت لموضوعاتهم الساخنة التي كانت تشغل أفكارهم وتثير مخاوفهم منذ زمن طويل.
سمعت احدهم يقول:
-سمعنا ان في الصين تحرق الجثث وتحول الى رماد ثم توضع داخل علب صغيرة جداً وترسل إلى ذوي الجثة.
وهذا ما كان يخيفني جداً.. لأن اهلي كلهم دفنوا جواري.
وقال آخر:
-وقيل أيضاً ان الهند تبيع جثث موتاها للدول المتقدمة وذلك للخلاص منها والعمل على اجراء الدراسات الطبية وعلوم الابحاث والترشيح للمناصب العليا.
وأضاف ثالث:
-ألم تسمعوا عن دفن جثث في قاع البحر..؟
هذا الامر يخيفني حد الرعب كوني لا اجيد السباحة.
قاطعت كلام الجميع بصورة فضولية:
-مما تخشون أيها الاصدقاء.. فينا من دفنوا اشلاء، وغيرنا من ماتوا حرقاً، فضلاَ عن الاغلبية التي مزقتها رصاصات مجهولة، الى جانب الجثث التي مُثل فيها بابشع الوسائل.
ومع ان وطننا يحترم وجودنا.. ويقدس موتنا إلا اننا لا ننفع إلا لئن نكون تاريخاً للموت الجماعي، او مصدراُ نفطياً ينتظر من يسرقه ولو بعد حين، ومن الممكن ان نشكل إعلاناً انتخابياً غير مكلف لاي مسؤول حكومي..
أرجوكم التزموا الهدوء حتى لا تكونوا مشاغبين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنانة يسرا اللوزي وتشييع جثمانها من مسجد عمر مك


.. يا ترى فيلم #شقو هيتعمل منه جزء تاني؟ ??




.. رقم قياسي في إيرادات فيلم #شقو ?? عمرو يوسف لعبها صح??


.. العالم الليلة | محامية ترمب تهاجم الممثلة الإباحية ستوري دان




.. نشرة الرابعة | السعودية.. مركز جديد للذكاء الاصطناعي لخدمة ا