الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف في العالم العربي

حميد المصباحي

2011 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


العنف في العالم العربي,ليس ممارسة اجتماعية فقط,بل هو نتاج للوعي الشعبي,وحتى الثقافي,له تاريخه في المنظومة القيمية,التي تشكل وفقها العقل العربي مند القدم,ففي التربية والتعلم,كان الأدب العربي يزخر بالكثير من الشعراء الدين تمردوا على القصيدة وتحولوا إلى محاربين,ومقاتلين يدافعين عن قبائلهم بالقول والسيف والرماح,وقد كان عنترة إبن شداد النمودج المثالي لدارسي الأدب العربي,والشعراء الصعاليك,بل حتى بعض الكتاب الدين شاركوا في الحروب المواجهات المسلحة,ينالون الكثير من التقدير,لأنهم أثبتوا قولا وفعلا التزامهم بقضاياهم,فامتد دلك إلى كل أشكال الدفاع عن النفس,ليغرس فكرة التأر,التي لازالت موجودة في الكثير من الدول العربية حتى الآن,وأيضا جرائم العرض,التي تصفى بها النساء سرا,ويدفن صونا للعار مع عشاقهم إن طالتهم أيادي أهل الفتاة أو عشيرتها,المعنية بالدفاع عن عرض العشيرة أو العائلة,كل هدا ولد شعورا بالبطولة,تم توارثه وحفظه في الداكرة العربية,ولقن للناس,ولازالت الكثير من القيم العربية رهينة فضيلة العنف,بحيث قد لايبلغ عن المجرم,بل يحتفظ بحق الإنتقام منه,ومواجهته بدون اللجوء إلى رجال الأمن وسلطة القانون,بل إن المبلغ عن المعتدي عليه يعتبر جبانا في عرف المجتمع التقليدي,وكأن السلطة لايلجأ إليها إلا الضعفاء والجبناء,وهي آلية قديمة,ترسخت من خلال التنشئة الإجتماعية,التي لم تعرف تغييرات جوهرية في العالم العربي,بل إن المؤسسات التعليمية جددت المناهج ولم تنتبه لهده القيم الدفينة,والمضمرة في الوعي الخفي لمجتمعاتنا العربية,حتى صار الطفل الصغير يخفي عن والديه حماقات أخيه خوفا من أن يتهم بالبتاع والشكام حسب التوصيفات في العالم العربي,بل في التقاليد الشعبية أن الرجل الحر لايعترف بالمشاركين معه في الجريمة تأكيدا للرجولة والشهامة,ويفتخرون بدلك أمام الجميع,بل يصيرون أبطالا في نظر رفقائهم من الناس.
هده القيم ربما انتقلت إلى السلطة السياسية في العالم العربي,بحيث تعتبر ممارستها للعنف أمرا عاديا,كأنه جزء من التربية التي يمارسها الآباء على أبنائهم لفرض الهيبة والوقار والإحترام اللازم للآباء والأجداد وكبار السن,فالسلطة ورجالها عليهم ممارسة العنف بتلقائية غريبة,لدرجة أن المدنيين ليسوا إلا موضوعات للتطويع العنيف,فما أن يقف رجل السلطة والعسكري أمام المدنيين حتى يشعر بأن واجبه المقدس هو التعنيف والضرب وممارسة السطوة باعتبارها سلطة لا تسأل,ولدلك كانت النظم السياسية في العالم العربي هي آخر النظم قبلت بمنظومة حقوق الإنسان,فهي تعتبر الضرب والتنكيل بمثابة التربية,كما أن المجتمعات العربية تكيفت طويلا مع هدا الواقع,وعندما رفضته الأجيال الحالية أصرت بكل الطرق على التصدي له بكل الطرق,وهو ما تمثله ثورات الشباب الحالي في العالم العربي وكيفيات تعامل السلطة السياسية معه,فهي تعتبره تطاولا عليها
وأحيانا تشتد المواجهات لأسباب غريبة ومثيرة,ويتجلى أيضا في العلاقات الأسرية,حيث يعتبر ضرب الولد لأخته أمرا عاديا,لاأحد يقبل بأن ترفع البنت دعوى قضائية ضد والدها,ولا الزوجة المعنفة ضد زوجها,وإن حدث فإن المرأة,زوجة كانت أو أختا تتنازل,وتسامح معنفيها تحت ضغط الأسرة والأقارب وحتى رجال الأمن وربما القضاة أنفسهم,وربما بهدا التساهل يتنازل المواطن في العالم العربي عن حقوقه تجاه رجال السلطة عندما يخطئون في حقه بالعنف والضرب والتنكيل
إنها حقيقة لاتمت بصلة للتسامح كما يعتقد البعض,بل قبول لاواعي بالعنف,يرجع ربما إلى منطق الدية والقصاص الشخصي,القديم,وعدم تأثير القوانين الوضعية في الحياة العامة والخاصة للمواطن العربي وحتى السلطة العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية