الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرب كركوك والتقارب الكردي التركماني

جرجيس كوليزادة

2011 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الكل يعلم ان فترة الركود السياسي في كركوك مازال على حاله دون ظهور اية بادرة للخروج بحل يرضي جميع الاطراف في المدينة، ولو ان المشهد حصل فيه تغيير من خلال اختيار ممثل عن الجبهة التركمانية رئيسا لمجلس المحافظة وتغيير المحافظ، ولكن مازال المسرح السياسي بحاجة الى مشهد جديد ثابت يرسي آمال الثقة والاستقرار والسلام الدائم على بر الأمان لسكان كركوك المكون من الكرد والعرب والتركمان والمسيحيين.

ومن خلال قراءة المشهد برؤية واضحة نجد ان الاسباب الحقيقية التي تقف وراء ركود الحالة في كركوك تكمن في ما يلي:
• عدم وضوح الرؤية لدى الاطراف السياسية بشأن القضايا الرئيسية خاصة منها مصير كركوك وملف المطلب الكوردي باعادتها الى اقليم كردستان.
• التمسك بسياسة الانفراد في الرؤية السياسية لكل طرف دون تحويرها وتعديلها لمراعاة الرؤى المقابلة.
• عدم تقديم نموذج للانفتاح السياسي والتعددي من قبل المكونات المتجمعة للاستدلال بها عن النهج العام لكل طرف، وطرح نموذج انكار الاخر وانكار الحقوق والاستحقاقات الانتخابية دليل على عدم عقلانية النهج الذي يسير عليه بعض الاطراف السياسية.
• تعامل البعض مع القضايا الدستورية وكأنها وثيقة هامشية، بينما هي في الحقيقة اكبر انجاز تشريعي لتنظيم امور الدولة العراقية وضامن حقيقي لفصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والمفصل لتنظيم ارادة العراقيين بعربه وكرده وتركمانه ومسيحييه، والضامن لنقل السلطة وفق الالية الديمقراطية، مع ضمان الحقوق والحريات الاساسية للجميع.
• خلفية الثقافة البعثية التي تتحكم بسلوكيات وممارسات وتصريحات وبيانات بعض الشخصيات المتجمعة في المكونات السياسية، والاسلوب الاستعلائي الذي يسيطر عليهم، وكأن العهد الجديد لم يبدي بسقوط صنم الطغيان.

أمام هذا الواقع للمشهد السياسي في كركوك، يأتي التقارب الكوردي التركماني بالأمل المرتجى لاخراج الحالة الخاصة بالمدينة من أزمته السياسية، ووضع النقاط على الحروف لضمان ايجاد حل شامل يرضي جميع الاطراف مع الواقع السياسي في العراق واقليم كوردستان، واثبتت التجربة ان الرؤية الكوردية كانت واقعية ومتسمة بالحكمة لتثبيت حلول عملية للقضايا السياسية والقومية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية، وبعكس هذا اثبتت التجربة فشل الرؤى غير الواقعية التي تبنتها جهات معينة في كركوك، وكذلك اثبتت التجربة ان التقارب مع الاقليم خير للمجموعة السكانية المتنوعة في كركوك من التقارب مع العاصمة الاتحادية المتسمة واقعها بتعقيدات كبيرة بسبب الصراعات السياسية بين الاحزاب والكتل والتيارات على السلطة والامتيازات، وثم أن بغداد أثبتت أنها طوال سنوات لم ولن تقدر على توفير الأمن والاستقرار والخدمات لأهاليها فكيف بها أن تقدر على حل مشكلة كركوك وأن تضمن حقوق التركمان، لهذا فان الحل الحكيم لهم هو الاتفاق مع الكرد والانضمام الى اقليم كردستان.

والوقائع طوال عقود برهنت على أن المشتركات التي تجمع بين المكونين الكوردي والتركماني في كركوك هي الاكثر التصاقا وتطابقا بين الطرفين بسبب مرورهما باحداث قاسية وتعرضهما الى قمع واستبداد وطغيان من لدن الانظمة السابقة وانكار الحقوق القومية والسياسية، ولا شك ان المشتركات التي تجمع بين كل من هذين الطرفين مع المكونات السياسية العراقية متباعدة ولا يمكن جمعها في بودقة واحدة، وانتشار قوات البيشمركة على مشارف كركوك في الفترة الأخيرة أثبت تفهما متقابلا وأرسى ثقة متبادلة بين الكرد والتركمان للبدء بمرحلة جديدة.

لهذا فان الضرورات التي تعجل وتسرع من التقارب الكوردي التركماني، لا بد من التسريع بها للحصول على اتفاق بينهما يضمن الاغلبية المريحة في كركوك لتحديد مصير المدينة لصالح مواطنيها، ولا شك ان احد عوامل ضمان هذا التقارب هو قبول الطرف التركماني بوثيقة كوردية لضمان الحقوق القومية والوطنية لتحقيق المشاركة السياسية في كركوك وفي اقليم كوردستان حسب الاستحقاقات الانتخابية او التوافقية.

ولا شك ان الوثيقة الكردستانية يجب ان تحمل رؤية واضحة وجلية للطرف التركماني لتأمين حقوقهم الدستورية والسياسية لضمان تأييدهم على انضمام كركوك الى الاقليم، ومع تحقيق تمثيل سياسي لهم في حكومة وبرلمان كوردستان وفي الهيئات المستقلة وكافة مؤسسات الاقليم وفق الاستحقاق القومي، واستحداث منصب نائب ثان لرئيس الاقليم ولرئيس الحكومة للتركمان، وعلى ان يتم طرح هذه الوثيقة ضمن رؤية حكيمة للقيادة الكوردية لتوفير ضمانات حقيقية للطرفين للتعامل مع واقع جديد يخدم جميع الاطراف، ولا شك ان الالتزام بهذه الالية سيشكل نقلة نوعية في عقلية الاطراف السياسية على اساس ضمان الشراكة الحقيقية للحكم المستند الى خيار الجميع.

وبهذا الصدد لابد أن نشير الى ان بعض القيادات الكوردية يتسم علاقاته مع التركمان والعرب بالتفهم الكامل، ويمكن لهذه العلاقات ان تساعد على بلورة هذا التقارب وفق خارطة طريق تضمن حقوق الجميع، وفي هذا المجال يمكن أن يقوم رئيس الجمهورية جلال الطالباني ونائبه في حزب الاتحاد الوطني كوسرت رسول علي بدور مهم لتحقيق هذه الغاية الوطنية لحسن علاقاتهما مع الاطراف السياسية في كركوك للوصول الى اتفاق مرضي مع برلمان كردستان ورئيس الاقليم مسعود البارزاني رغم أن الاقليم يعاني من مشكلات الفساد المالي والاداري وأزمة سياسية بين المعارضة والسلطة ولكن هذه المسائل في طريقها الى الاصلاح والحل السياسي.

وبصدد عرب كركوك لا بد من تغيير موقفهم تجاه الاستحقاق القومي للمدينة والاقرار بنتيجة ما تقررها أغلبية المكونات السكانية لتقرير مصير المحافظة واحترام ارادة أهاليها في حالة اختيارهم الانضمام الى اقليم كوردستان، ولا شك ان ضمان حقوقهم السياسية مسألة يمكن البحث فيها مع القيادات الكردية لاشتراكهم في مكونات تركيبة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الاقليم، والا فان التفكير في الحاق المناطق التي تتشكل منها العرب خارج مدينة كركوك الى صلاح الدين واقامة اقليم فيها يمكن اعتباره تفكيرا سليما لضمان حقوقهم وخصوصياتهم القومية لتحقيق استقرار دائم في المنطقة، وأما مطالبة العرب ببقاء كركوك ضمن المنظومة الادارية للسلطة المركزية في بغداد عملية لا تتسم بالمنطق ولا بالحكمة.

لهذا نجد للتقارب الكردي التركماني ضرورة حتمية لصالح الطرفين لتحقيق انفراج حقيقي وحل حكيم للوضع في كركوك لإلحاقها بكردستان في حالة التزام الكتل والاطراف السياسية فيها، ولابد ان يثمر هذا التقارب عن تحالف متين ليشكل أرضية صلبة لضمان حقوق التركمان والنهوض بهذه المحافظة التي تعاني من أزمات خدمية وحياتية لاحداث تطور حقيقي فيها موازي للتطور الحاصل في الاقليم، ولهذا نأمل من إخواننا التركمان أن يحسموا امرهم لتحقيق تقارب حقيقي مع الكرد والانضمام الى كوردستان لحسم الأمر واخراج أزمة كركوك من عنق الزجاجة التي ترقد فيه من سنوات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البحث في جذور المشكلة وايجاد افضل البدائل لها
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 5 / 23 - 11:37 )
دكتورنا العزيز مقال وقراءة للواقع اكثر من رائع وفعلا لو فكر اهل كركوك بطريقة منطقية وواقعية لقرروا في مصير مدينتهم ولتمتعوا بالامن والاعمار والتطور مثلما الحاصل في اربيل
ولكن وخلال سنوات عملي مع مجموعات كانت قد ارسلت من اربيل او من بغداد الى كوريا للمشاركة في ورش التعليم لتطوير امكانيات الادارة عندهم فلم اجد ولا كركوكيا واحدا ضمن وفود حكومة الاقليم بل الاغلبية اما من اربيل او دهوك وقلة من سليمانية وهولاء المشاركون كانوا قد اختيروا حسب القرابة او المحسوبية وغيرها وبالمقابيل كانت الحكومة المركزية ترسل بين فترة واخرى افرادا من كركوك ضمن وفودها ولتستخدمهم كدعاية بان كركوك عربية وعادة كانوا من الاتجاهات القومية العربية الشوفينية او البعثية السابقة ولم ينقلوا الصورة الواقعية والحقيقة عن كركوك واهلها وكيف يمكن تحقيق السلام العادل والعيش المشترك والمستقبل المشرق للجميع
اعتقد بان كركوك تحتاج لزرع ثقة ما بين الجميع ولياخذ كل صاحب حق حقه فالحق لا تهدر بمرور الزمن عليه بل تبقى ويجب ان ترجع لاصحابه الحقيقيين وهي اساس حل المشكلة
احتراماتي


2 - ثقة الجميع
جرجيس كوليزادة ( 2011 / 5 / 24 - 03:42 )
شكرا دكتورنا العزيز على ملاحظتك، ان كركوك تحتاج لزرع ثقة بين الجميع والرجوع الى اصحابها الحقيقيين، فعلا رايك سديد، نأمل ان يصل الجميع في كركوك الى حل يرضي الكل، مع تحيتي وتقديري لكم.

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير