الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات مع مظفر النواب

زهدي الداوودي

2011 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



ذكريات مع مظفر النواب

زهدي الداوودي

لم أتمكن من التغلب على دموعي حين رأيت مظفر المتعب، يعانقه مام جلال وترحب به الكاظمية باسم العراق الذي أحبه مظفر إلى حد الفناء.

حين رأيت آثار الزمن و المرض المحفورة على وجهه وحركاته، تذكرت لقاءنا الأول في سجن الحلة قسم الوسطى عام 1965 وهو قادم بحيوية ونشاط مع مجموعة من السجناء السياسيين من سجن نقرة السلمان. رحبت به باسم اللجنة الثقافية في السجن. وبعد عدة لقاءات حميمة ومفتوحة، عرف بأنني لست من مؤيدي خط آب اليميني. توطدت الصداقة بيننا وراح يحكي لي كيفية هروبه بعد الانقلاب المشؤوم 8 شباط 1963 إلى إيران ووقوعه مع مجموعة من رفاقه في فخ سافاك (الأمن الإيراني). ورغم أنني كنت قد سمعت تفاصيل القصة من صاحب الحميري ومعن جواد، إلا أنني كنت استمع بلهفة بالغة إلى رواية مظفر التفصيلية. وبوصول مظفر إلى سجن الحلة توسعت حلقتنا الثقافية نوعياً. كانت الحلقة تضم كل من ألفريد سمعان، فاضل ثامر، يوسف الصائغ، هاشم الطعان، جاسم الجوي، هاشم صاحب، نعيم بدوي، صادق قدير الخباز وغيرهم. كنا قد اعتدنا على تقديم الندوات الادبية وعرض المسرحيات شهريا.

أبدى مظفر استعداده للعمل في مجال اللجنة الاجتماعية التي كانت تضم بعض الضباط. وحين أبلغته بضرورة تقديم مساهمة ثقافية ملموسة من عنده، تردد في إعطاء الجواب وكان أن ألححت عليه بضرورة مساهمته لأهمية اسمه في أوساط السجناء. وكانت لجنة تنظيم السجن قد قررت احتضانه والاستماع إلى آرائه. أبلغني أنه لا يتعاون مع التنظيم لأنه ذيل القيادة اليمينية. وحين أردت إقناعه كون لجنة تنظيم السجن ليس مع خط آب، اشترط علي عرض مسرحيته المضادة لخط آب اليميني المعنونة بـ (الفحم). قلت: هات مسرحيتك وأشرف على إخراجها بنفسك. وقدمت المسرحية ضمن مهرجان ثقافي رائع دام عدة ليالي. ومن ضمن المسرحيات التي قدمناها، مسرحية باللغة الكردية عن حياة الأنصار مثلت فيها دور الأب قمت بكتابتها وإخراجها. وكان مظفر يقوم بعملية الماكياج واختيار الملابس.

وتوطدت الصداقة بيننا أكثر فأكثر وكانت شلة الأدباء، رغم المماحكات الصغيرة، أصبحت وحدة منسجمة تلتقي وتسهر مع قوري الشاي في الحفلات الغنائية التي تقيمها أم كلثوم إلى وقت متأخر من الليل. ومما زاد في هذا الانسجام، الشعار الجديد الذي رفعه الحزب وهو نبذ خط آب اليميني ورفع شعار إسقاط السلطة. وانتعشت حركة النشر في الصحافة العراقية والعربية، الأمر الذي أدى إلى تردد أصدائها في خارج السجن مثال ذلك قصيدة "أصحيح يا مظفر؟" للشاعر الفقيد بلند الحيدري التي نشرت في مجلة الآداب البيروتية.

تأجيل حفر النفق وإنقاذ الضابط حامد مقصود

كان من المقرر حفر نفق لتحرير عدد غير قليل من السجناء المحكومين بالاعدام من أهالي الموصل، على أن تنتهي عملية الحفر في العام 1966 ، بيد أن قرارا عاجلا من الحزب طلب تأجيل حفر النفق والعمل من أجل تحرير السجين حامد مقصود في أسرع وقت ممكن، ذلك أن رئيس الجمهورية عبد السلام عارف قد قرر محاكمة حامد بسرعة والحكم عليه بالاعدام فورا.
في خضم هذا الخبر الذي لم يعلن عنه بعد، جاءني ذات مساء سجين، يخبرني أنه رأى حامد مقصود وهو يحفر ويوسع في مجرى مياه القاذورات المؤدي إلى الجانب الآخر من الجدار. وأكد السجين الزميل أن صاحبنا مازال يحفر بقطعة حديد. وطلبت منه أن يصطحبني إلى مقربة من المكان. كان الظلام قد هيمن على الجو بسواده. سلمت على حامد مقصود وسألته عما يعمل. قال أن القيادة اليمينية لا تريد انقاذ حياته المهددة بالموت ولذلك يريد الاعتماد على نفسه. قلت له لا جدوى من محاولتك أيها الرفيق، ذلك أن هناك جدارا آخر وراء الفسحة التي تريد بلوغها. وكنت في الحقيقة أبحث عنه كي أبلغه رأي التنظيم بخصوص هروبه من السجن. قلت له هناك قرار بتهريبك من السجن في أسرع وقت ممكن. ولما سألني عن التفاصيل، قلت: سيتصل بك رفيق آخر ويتحدث معك بخصوص التفاصيل. وأنت بعد وصولك إلى كردستان ترسل لنا برقية كي نعرف شغلنا. تنفس صاحبي الصعداء وسلمني قطعة الحديد.
عندما حل يوم المواجهة حوٌل مظفر حامد مقصود إلى شيخ في الثمانين ونقش ختم السجن على رسغه بدعوى أنه جاء لمواجهة حفيده السجين. وفعلا تمكن حامد مقصود الشيخ أن يخرج مع المواجهين بسلامة وبعد أسبوع وصلت منه برقية تؤكد وصوله إلى المكان الأمين. وكان أن تم إلغاء تحويل الوسادة إلى مريض موهوم يتم به خدع الشرطي المسؤول عن التعداد قبل خروج المواجهين. بعد نجاح هذه العملية توطدت أواصر العلاقة بين مظفر والتنظيم، الأمر الذي أدى إلى تكليفه، حسب اعتقادي، بالاشراف على عملية حفر النفق التي بدأت بعد انتهاء فترة الحكم الصادر بحقي وخروجي من السجن في بداية آب 1966.
حين خرجت إلى عالم الحرية المزعومة، شعرت بنفسي وقد دخلت سجناً آخر، ولكن أكبر هو سجن العراق وسرعان ما اجتاحتني مشاعر الغربة في الوطن ووحشة افتقاد الأصدقاء الحقيقيين الذين تركوا فراغا كبيراً في أعماقي. ومن فرط اغترابي، رحت أحن إلى سجني الأول الذي اكتشفت فيه حقيقتي وأكدت فيه ذاتي. ولما لم أجد عملا أهرب إليه، لجأت إلى زنزانة وجودي الذي كما كان يقول مظفر: إن لم أجد أحداً أعارضه، أبدأ بمعارضة ذاتي.

سطور من رواية "رجل في كل مكان"

كان القمر هناك مطلاً على النخلة الوحيدة
التي كان جزء من رأسها يظهر من وراء السور،
ومظفر جالس بجانبه، عيناه الكبيرتان مشدودتان
إلى النخلة التي تشرب نور القمر:
- في السلمان كنت ترى القمر أقرب إلى
الأرض.. والنجوم تكاد تلمسها بيديك..
- وأما هنا فتخنقها أضواء المدينة..
- والمجرة كانت تبدو كما لو أنها أحد الأنهار العظمى، يمكنك أن ترى منبعه ومصبه في آن واحد.
- لم تكونوا محرومين من رؤية الآفاق إذاً.
- ألا ترى أن طبيعة هذه الأشياء تتغير حين تلاحظها وأنت خارج السجن؟
- ربما ستكون تافهة..
- من يدري؟..
- ولكن ألم تكن ذات يوم خارج السور؟
- لكننا كنا لا نفكر أننا سنكون وراءه يوماً..


لقاء في مؤتمر الشعب العربي بطرابلس. اكتوبر 1981

لم يكن وجودي في طرابلس بسبب المساهمة في أعمال المؤتمر، بل كنت هناك لإنجاز بعض المعاملات في سفارة ألمانيا الديمقراطية المتعلقة باقامتي في بلدهم وذلك بحكم وجود عائلتي هناك. كنت أعمل آنذاك مدرسا في كلية التربية بجامعة قار يونس في البيضاء. استغللت فرصة وجودي هناك للقاء ببعض الأصدقاء والمعارف. قبل توجهي إلى فندق الشاطئ التقيت في جامعة الفاتح بصديقي د. عدنان الظاهر وأخبرني بأن الجماعة التي أريد لقاءها تتواجد هناك. التقيت أول الأمر بمظفر. كان لقاءاً حارا أعطاني في أول الأمر رقم تلفونه ورقم شقته في الفندق وقال أن التعامل مع الجهات الليبية صعب جدا وإذا صادف أن تورطت بمشكلة مع فرد أو جهة ليبية علي الاتصال به فورا. مجمل القول أحسست منه أنه غير راض بهذه (الصداقة) التي تربطه بالقذافي ومع ذلك فهي ماشية ولا يعرف متى ينفرط العقد. ثم التقيت بكريم أحمد ومهدي عبد الكريم، سامي عبد الرحمن ومام جلال وغيرهم. كانوا قد جاءوا للمساهمة في أعمال مؤتمر الشعب العربي ظاهرا، ولكنهم في الحقيقة جاءوا بالدرجة الأولى للحصول على مساعدات من القذافي. إذ كانت المعارضة العراقية آنذاك تفتقر إلى المال فعلا. كنت بعد كل دورة أعود إلى مظفر في ركنه نتبادل الذكريات القديمة ونضحك بصوت عال. قال أنه يحز في نفسه أن يرى وفد الحزب الشيوعي العراقي وقد طال انتظاره لمقابلة العقيد القذافي وربما سيطول الانتظار أكثر. اقترح علي أن أتكلم مع الوفد وإذا كان لا مانع لديهم فانه سيطلب من القذافي أن يلتقي بهم فورا ويلبي كل طلباتهم. وبعد أن شكرته لاقتراحه، توجهت إلى الركن الذي يجلس فيه كريم أحمد ومهدي عبد الكريم. طرحت عليهما الفكرة وأنا متردد في طرحها، لأنني أدرى بعنجهية جماعتي. كان وجه كريم أحمد يوحي بالموافقة وأما المرحوم مهدي عبد الكريم فقال بلهجة إحتجاج:
- تالي عمرنا نسلم لحيتنا بيد مظفر النواب؟
قلت بغضب:
- ألم تسلموا لحيتكم بيد صدام حسين؟ فهل صدام حسين أشرف من مظفر النواب؟

سقطت الأصنام.
وبقيت أنت يا أبا عادل
مرفوع الرأس تتنكب كرامتك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المناضل لأجل اسقاط الحزب الشيوعي
حمدي فريد ( 2011 / 5 / 22 - 22:34 )

لقد قضى مظفر النواب جزء اكبر من عمره وهو يحارب الحزب الشيوعي العراقي و انهى عمره ايضا بدون ان يوجه اي نقد للنظام الدكتاتوري السابق وكانت كل حركاته وسكناته تصب في خدمة صدام ربما تنفيذا لاتفاق مسبق وهذا يستنجه اي شخص يمعن قليلا في ماضيه . اليس من حق الحزب الشيوعي العراقي والمرحوم مهدي عبد الكريم ان يتوجس من التعاطي من شخص يعاديهم ؟؟ شخص يعمل في خدمة دكتاتور دموي مجرم ؟؟؟


2 - مفاجأة
جاسم الحلوائي ( 2011 / 5 / 23 - 12:12 )
الأستاذ زهدي الداوودي
مقال ممتع ولكن فوجئت برأيك بأن الحزب الشيوعي العراقي -سلم لحيته بيد صدام حسين-. إذا كان الأمر كذلك فلماذا وجه صدام ضربة شاملة وماحقة للحزب الشيوعي العراقي عام 1978 ، بعد تقرير اللجنة المركزية في آذار 1978 ، والتي استمرت حتى سقوط النظام؟ وما الحكمة في ايراد مثل هذه الأحداث الان ونحن نري تجدد العلاقة الودية بين مظفر النواب والحزب الشيوعي العراقي هذه العلاقة التي تفرح الوسط الديمقراطي اليساري والتي لايمكن ان تغيض شخصية مثل زهدي الداوودي، بأي حال من الأحوال.
مع تقديري


3 - القيادة الأنتهازية
نسرين السامرائي ( 2011 / 5 / 23 - 16:37 )
صدام حسين وجه ضرباته الشاملة والساحقة لقواعد الحزب وللعناصر الشريفة من المناضلين الذين نأنقادوا بحسن نية واخلاص للقيادة اليمنية الأنتهازية بقيادة عزيز محمد وعامر عبد الله ومن لف لفهم
فعلا هذه القيادة سلمت لحية الحزب الشيوعي بيد صدام
أما مظفر النواب فهو علامة مضيئة متوهجة على سارية علم الحركة الشيوعية في العراق
وليخسأ كل من ينال من هذه القمة الشامخة ... اقول للذي يطعن بتأريخ مظفر أعلن عن نفسك وأسمك الصريح .. وسأقول لك من أنت ؟


4 - شاعر الصراحة
عزيز بوطلحة ( 2011 / 5 / 23 - 16:39 )
لما قرأت بعض قصائده أحسست بقيمة الشعر الحقيقية ألا و هي تعرية الواقع و كشف المستورو جعله يدور في فكر المثقفين و العاديين على حد سواء.


5 - لحية الحزب
جاسم الحلوائي ( 2011 / 5 / 23 - 22:58 )
إلى نسرين السامرائي
صحيح أن الضربة وجهت في البداية إلى قاعدة الحزب بأمل أن تتراجع قيادة الحزب عن بيان آذار لأن صدام كان هو الآخر يظن بأن لحية قيادة الحزب بيده. ولكن القيادة لم تتراجع بل صعدت من مواقفها إلى أن رفعت شعار اسقط النظام و...الخ والسبب أن لحية قيادة الحزب لم تكن بيد صدام ولا بيد البعض ممن هم في قيادة الحزب وأبدو استعداداً للتراجع، بل كانت بيد أخرى وتحديدا بيد برنامج الحزب الذي أقره المؤتمر الوطني الثالث للحزب والذي ورد فيه ما يشير بوضوح إلى احتمال الارتداد. ( راجعي عزيزي سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي- الجزء الثالث ص 160. راجعي كذلك مذكرات الفقيد الدكتور رحيم عجينة ص 129).
مع تقديري


6 - لحية قيادة الحزب
زهدي الداوودي ( 2011 / 5 / 24 - 17:27 )
بدء أقدم شكري للرفيق العزيز جاسم الحلوائي لأثارته نقطة حساسة لم أكن أنظر إليها بجد. ثم أشكر الأخت العزيزة نسرين السامرائي لصراحتها الشيوعية الجريئة. أما بالنسبة إلى لحية الحزب، فإنني حين وجهت الكلام إلى المرحوم مهدي عبد الكريم، لم أقصد لحية الحزب، بل لحية قيادة الحزب. إنني في الوقت الذي لا أريد أن أتطرق إلى تفاصيل عقد الجبهة مع البعث والنتائج المؤلمة التي أضرت بالحزب حتى يومنا هذا، أؤكد بأن لحية قيادة الحزب في الحقيقة لم تكن بيد لا صدام حسين ولا برنامج الحزب، بل بيد دبلوماسية الاتحاد السوفييتي التي كانت تعتبر حزب البعث ونظامه في العراق (حركة وطنية ثورية ديمقراطية) يجب التعاون معها. على فكرة أن صدام كان يبيع برميل النفط للدول الاشتراكية بثلاثة دولارات فقط. وهنا لابد أن نتطرق إلى مقولة ماركس: إذا بلغت الأرباح 100% لن تبقى أي أهمية للمبادئ والاخلاق والقيم وانطلاقا من هذا المفهوم كان على قيادة الحزب أن تتحرك باتجاه مشروع الجبهة مع قتلة ونصابين. هل نسينا مشروع حل الحزب الشيوعي المصري و العراقي على يد خروشوف والدخول في ما يسمى بالاتحاد الاشتراكي؟
المهم هو الاستفادة من الدروس وليس تغطيتها.


7 - لحية قيادة الحزب والسوفييت
جاسم الحلوائي ( 2011 / 5 / 24 - 23:13 )
رفيقي العزيز زهدي الداوودي
النقطة الحساسة التي أشرت إليها تتطلب وقفة أكثر جدية. أعتقد بأن القول: -كانت لحية قيادة الحزب بيد الدبلوماسية السوفيتية-، هو تبسيط لقضية معقدة. لقد كان للنهج السياسي السوفيتي تأثيره على قيادة الحزب ولكن درجة هذا التأثير كانت متفاوتة وكانت تتناسب مع قناعة قيادة الحزب، وكان هذا التأثير يصل أحياناً، بلا مبالغة، إلى درجة الصفر. فعند عقد الجهة بين الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث، بعد مناقشات دامت سنة ونصف!، كانت درجة التأثير عالية في ظروف الإعلان عن تأميم النفط و صدور جملة من القوانين والإجراءات التقدمية في الداخل، تصب في مصلحة مختلف فئات الشعب بما في ذلك العمال والفلاحين، وكذلك في العلاقات الدولية ضمن مقاييس ظروف الحرب الباردة والمقاييس المقبولة آنذاك. وقيام الجبهة في سوريا كان له تأثير أيضاً في قرار اللجنة المركزية الذي أتخذ لصالح قيام الجبهة، بفارق صوت واحد (سبعة مقابل ستة). كنت غائباً عن الاجتماع لوجودي في موسكو للدراسة. يتبع


8 - بقية لحية
جاسم الحلوائي ( 2011 / 5 / 24 - 23:16 )
وهذه بعض الأمثلة على انعدام تأثير السوفييت على سياسة الحزب الشيوعي :
في نيسان 1965، اجتمعت اللجنة المركزية (الأعضاء والأعضاء المرشحون المتواجدون في داخل الوطن وكنت أحدهم، ورفعت شعار إسقاط سلطة عبد السلام عارف، وذلك خلافا لسياسة السوفيت.
تبنى السوفيت موضوعة التطور اللا رأسمالي والذي سمي أيضاً التوجه الاشتراكي، وشاع استخدام الموضوعة في الحركة الشيوعية العالمية وذلك منذ ستينيات القرن الماضي. وقد تجاهل الحزب الشيوعي العراقي الموضوعة، منذ نيسان 1965 ولم يفتح نقاشاً حولها، على أي صعيد، إلا عند الإعداد لوضع مسودة برنامج الحزب الجديد الذي طرح على المؤتمر الثالث عام 1976.
لم يكن موقف الحزب المعادي لسلطة البعث، بعد حملة القمع الوحشي التي تعرض لها عام 1978، وقراره بخوض الكفاح المسلح لإسقاطه، محل قناعة السوفيت. علماً بأن شعار إسقاط السلطة تقرر في اجتماع اللجنة المركزية الذي عقد في موسكو عام 1980. وقرار خوض الكفاح المسلح هو الآخر تقرر في اجتماع اللجنة المركزية في موسكو عام 1981، في البيت الصيفي ليوسف ستالين. وكنت حاضراً في الاجتماعين. يتبع


9 - بقية لحية
جاسم الحلوائي ( 2011 / 5 / 24 - 23:18 )
في صيف عام 1982، وعلى أثر انسحاب الجيش العراقي من الأراضي الإيرانية التي كان قد احتلها في بداية الحرب العدوانية على الجارة إيران، وصل الحزب عرض من صدام حسين عبر الرفاق السوفيت وقد سلموه للرفيق زكي خيري في دمشق والذي أرسله بدوره إلى قيادة الحزب التي كانت قد تجمعت في كردستان. وكان العرض يتضمن نقداً ذاتياً لأخطائه في السنوات الأخيرة تجاهنا، ويدرك صعوبة استعادة الثقة بين الطرفين، وإنه يعفو عفواً عاماً، ويدعو للعودة إلى الجبهة الوطنية والقومية التقدمية والعودة للدفاع عن الوطن، وهو في كل ذلك لا ينطلق من موقف الضعف
كنت في دمشق ومتوجهاً إلى كردستان فحملني زكي خيري رسالة إضافية تفيد بأن السوفيت متجاوبون مع العرض. ودارت مناقشة بين رفاق اللجنة المركزية انتهت بإرسال جواب قاطع برفض التفاوض أو الحوار .
من جملة الأمثلة أعلاه يجد المرء نفسه أمام ظاهرة تنطوي على علاقات معقدة لا يجوز تبسيطها. بالقول بأن لحية الحزب كانت بيد دبلوماسية الاتحاد السوفييت، حتى في موضوع الجبهة.
مع خالص اعتزازي وتقديري


10 - شكرا جزيلا
زهدي الداوودي ( 2011 / 5 / 25 - 18:19 )
الرفيق العزيز جاسم الحلوائي

شكرا جزيلا للمعلومات القيمة التي اتحفتنا بها. وهذا هو أحد أسرار قوة الحزب وبقائه ودمت في صحة جيدة وعمر مديد.

اخر الافلام

.. مظاهرة حاشدة نصرة لفلسطين في ساحة الجمهورية وسط العاصمة الفر


.. أصوات من غزة| أثمان باهظة يدفعها النازحون هربا من قصف الاحتل




.. واشنطن بوست: الهجوم الإسرائيلي على رفح غير جغرافية المدينة ب


.. إندونيسيا.. مظاهرة أمام السفارة الأمريكية بجاكرتا تنديدا بال




.. -مزحة- كلفته منصبه.. بريطانيا تقيل سفيرها لدى المكسيك