الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الانتخابي وأطر المحاصصة في العراق ج1

الاء حامد

2011 / 5 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ارتأينا ان نقدم دراسة موجزة بعدة أجزاء نتناول بها أساسيات ظهور المحاصصة الطائفية العراقية في دائرة العمل السياسي ما بعد التاسع من نيسان عام 2003 .
معتمدين بهذا الطرح على بعض الأبحاث التي قدمها الدكتور حيدر ادهم الطائي الذي تناولها بشكل مفصل مرورا بالنظام الانتخابي في العراق الذي هو ساهم بشكل او بأخر في تكريس المحاصصة الطائفية في البلاد والتي على أساسها يتم توزيع المناصب السياسية والسيادية مع انه لا يوجد هنالك أي نصا دستوريا في آخر سلسة من الدساتير العراقية المؤقتة التي ظهرت بعد عام 1958 على توزيع المناصب الرئيسية في الدولة العراقية على أساس المحاصصة القومية أو الطائفية إلا إن هذه الفكرة وجدت لها مجالا للتطبيق في ظل أول وزارة عراقية شكلت بموجب الدستور الدائم الذي تم الاستفتاء عليه عام 2005 بعد انهيار النظام السياسي الذي حكم العراق بين عامي 1968-2003 والذي أيضا لم ينص في طياته على اعتماد المحاصصة القومية والطائفية ولكن بأعتقادنا ربما كان لطابع تكوين الأحزاب السياسية المشاركة في أول وزارة تشكلت اثر في هذا الاتجاه.

إلا إن التساؤل بقي قائما حول إمكانية إن تتأثر عملية توزيع المناصب السياسية في الدولة العراقية بفكرة المحاصصة , مما يجعل هذه الفكرة تتحول وبشكل تدريجي إلى عرف دستوري ملزم , وتبرر هنا أهمية طرح عدة تساؤلات حول المقصد بالعرف الدستوري وكيفية تكون القاعدة الدستورية العرفية , وفيما إذا كان بالإمكان تتحول المحاصصة الى عرف دستوري , وهذا ما سيفتح الطريق باتجاه لبننة توزيع المناصب السياسية في عراق ما بعد التاسع من نيسان عام 2003 في ضل دستور عام 2005.وهذا ما رأيناه واضحا في الدورات الانتخابية التي اجريت بالعراق.

يراد بالعرف الدستوري : ان تتصرف إحدى الهيئات الحاكمة في مسألة دستورية على نحو معين , فتنشأ من تكرار التصرفات على مر الزمن قاعدة غير مكتوبة يكون لها إلزام القانون (سليمان محمد الطماوي , النظام السياسي والقانون الدستوري ص119) ويعرفه عبد الفتاح حسن في مبادئ النظام السياسي ص 45: بأنه تواتر العمل وفقا للمسلك معين في احد الموضوعات الدستورية بحيث يكتسب هذا المسلك صفة الإلزام.

فالأعراف الدستورية إذن هي قواعد ذات طبيعة قانونية غير مكتوبة في الدستور تتعلق بممارسة الحكام لسلطاتهم , ولكي نكون إمام عرف دستوري لابد من توافر ركنين أساسين هما الركن المادي والركن المعنوي .

فالركن المادي يظهر عندما تسير او تضطرد السلطات العامة في الدولة سواء في علاقتها مع بعضها البعض او مع الإفراد على إتباع منهج او سلوك معين دون ان يصادف هذه المسلك اعتراض حقيقي من احد. اذن بهذه النقطة نذهب مع الرأي الذي تناوله الدكتور حيدر أدهم بمجمل طرحه بهذا الشأن .إذن يسكون الركن المادي يتجسد في العادة التي تتبعها او تسير عليها هيئة من هيئات الدولة في أمر له طابع دستوري دون ان تصادف هذه العادة معارضه من جانب هيئات الدولة الأخرى.

وبالإسناد إلى ما تقدم يبدو ان شروط توافر الركن المادي للقاعدة العرفية يتمثل في العمومية والتكرار والوضوح والثبات , فضلا عن شرط المدة . فالعمومية تعني العادة او المسلك المتبع يجب إن يكون ذا صفة وطبيعة عامتين بمعنى ان جميع هيئات الدولة المعنية تلتزم بمضمونها . وهذا ما نلمسه من الواقع المحاصصي في الحكومة العراقية الجديدة. والتكرار يعني تكرار الوقائع وتطابقها في اتجاه معين ولكي يتكون العرف يتوجب على الواقعة ان تشكل سابقة.كما أنها لابد إن تكون واضحة الاحتمال والمغزى ولا تكون ذات طابع عرفي مبهم إلى حد الغموض ويقصد بشرط الثبات ان يتجه المسلك او تتجه العادة في التعبير عن محتواها ومضمونها في نفس الاتجاه. ومن دون انقطاع .لان واقعة واحدة في اتجاه معاكس سوف تضع العادة موضع شك (انظر في التعريف الركن المادي للعرف .حسان محمد شفيق ص97)

إما حول المدة اللازمة لتحول العادة او المسلك المتبع بطابع السابقة الى عرف دستوري – فالحقيقة أن النظام القانوني الدستوري – لم يحدد مدة زمنية معينه قاطعة بهذا الشأن.

ثم لا يكفي لتوافر قاعدة عرفية دستورية وجود الركن المادي فقط,بل من الضروري ان يقترن هذه الركن بركن أخر هو الركن المعنوي الذي يتجسد في الاعتقاد والإحساس من جانب هيئات الدولة وجميع الإطراف المعنية بضرورة ان تصبح العادة قاعدة واجبة الاحترام مقترنة بجزاء.

بمعنى أن يكون الاعتقاد السائد لدى كل الإطراف المعنية بتنفيذ مضمون القاعدة العرفية او العادة بأنهم يخضعون لقاعدة تملك او تحوز صفة الإلزام بوصفها قاعدة قانونية . والركن المعنوي لاحق لركن المادي حيث يبدأ الأمر بتكرار غير ملزم للعادة ثم يتبعه اطراد على إتباعها والسير بمقتضاها فينشأ الاعتقاد بضرورتها وإلزامها

ان ما تقدم من حيث يشمل الإطار النظري لفكرة العرف وكيفية قيامها ,وهنا يأتي الدور لطرح بعض الأسئلة التي يمكن من خلال تلمس إجابات لها أن نصل إلى فهم ما إذا كان من الممكن إن تتحول المحاصصة القومية أو الطائفية الى عرف دستوري ام لا . سنتطرق لتلك الأسئلة وإجاباتها بشكل مفصل في الجزء القادم مرورا بالنظام الانتخابي الذي سأتناوله في أكثر من حلقه كونه محورا أساسيا في هذا البحث مع اخذ بعين الاعتبار ان هذه الدراسة الموجزة تتحاور في أفق التحليل لدراسات سابقه قدمها أكثر من مفكر وأستاذ جامعي مختص بهذا المجال وذكرنا أسمائهم أعلاه.

انتظرونا في الجز الثاني قريبا ودمتم بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج