الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حطابات لفظية ضيّعت فلسطينية الدولة

ماجد الشيخ

2011 / 5 / 24
القضية الفلسطينية


وحده خطاب رئيس حكومة الائتلاف اليميني المتطرف بنيامين نتانياهو في الكنيست، كما في الكونغرس الأميركي مساء الثلاثاء 24 أيار/مايو الجاري، ما يعبّر عن حقيقة الموقف الإسرائيلي، وبالتالي الأميركي، وليس خطاب الرئيس باراك أوباما بنسختيه، سوى الخطاب اللفظي الذي لا يأخذ به الحليف الإستراتيجي، وإن أخذ نتانياهو على أوباما ذكره لحدود العام 1967، وهي الحدود التي لا يمكن الدفاع عنها في نظر المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، الأمر الذي يدفع نتانياهو للتأكيد بين الحين والآخر على ضرورة بقاء الأغوار تحت السيطرة الإسرائيلية، وذلك التزاما بضمانات الرئيس الأميركي السابق جورج بوش عام 2004.

لقد أمل نتانياهو أن يكون خطاب أوباما، مساء الخميس الماضي، نسخة طبق الأصل عن خطابه هو في الكنيست، وهو الخطاب الذي حدد فيه ما أسمي "ستة مبادئ سلام" إسرائيلية من قبيل: الحفاظ على إسرائيل باعتبارها دولة الشعب اليهودي، ودولة فلسطينية منزوعة السلاح لا تسيطر على غور الأردن، واللاجئون لا يمكن حل مشكلتهم داخل إسرائيل، والحفاظ على الكتل الاستيطانية، والحفاظ على القدس، وأخيرا انتهاء المطالب وإنهاء الصراع.

ولهذا لم يختلف خطاب نتانياهو في الكونغرس، عن ذلك الذي ألقاه في الكنيست، وما يحكم الخطابين، تلك المبادئ الستة أو السبعة لمجموع قوى اليمين المتطرف في إسرائيل، إذا ما أضفنا موضوعة حدود العام 1967 المرفوضة، حتى وإن نادى بها أو طرحها أوباما دون تفصيل أو تعريف لهذه الحدود، فالدولة "منزوعة السلاح" الأوبامية؛ لا تختلف عن دولة نتانياهو التي ما فتئ ينادي بتحديدها بين الحين والآخر، فهي دولة "سلام اقتصادي" أو في أحسن الأحوال دولة "حكم ذاتي" تقايض جزءا من أرضها ببعض أراض في النقب، في مقابل عدم التنازل من جانب إسرائيل عن الكتل الاستيطانية الكبرى في القدس والضفة الغربية.

مثل هذه "التسوية العقارية" التي يجري التفكير فيها إسرائيليا وبدعم أميركي، هي ذاتها التي تجعل من "إسرائيل دولة يهودية لشعب يهودي معترف به دوليا"، في مقابل دويلة حكم ذاتي منزوعة السلاح والسيادة، لا يعترف العالم بها؛ إلاّ كونها حلا لتجمعات فلسطينية استبقيت خارج إطار الكيانات القائمة في المنطقة، فإما أن تبقى ككيان حكم ذاتي تحت السلطة الإسرائيلية، أو يمكنها أن تنضم إلى اتحاد فيدرالي أو كونفدرالي مع الأردن، حتى في ظل واقع لا سيادي للطرف الفلسطيني، وذلك باستمرار وجود هيمنة إسرائيلية متواصلة في الأغوار.

أما اللاجئون فهم خارج إطار أي تسوية ممكنة، إلاّ إذا جرى حل مشكلتهم في إطار الكيان غير السيادي المسمى فلسطينيا، وتلك قمة الإجحاف بحقهم، وحق أجيالهم التي لن تنسى ولن تتخلى عن ممتلكات آبائهم وأجدادهم "المتروكة"!، على امتداد الوطن الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب. وقد شهدت ذكرى النكبة الـ 63 هذا العام؛ أحد أكثر الرسائل أهمية تمسكا بحق العودة، وتأكيدا على تجسيد هذا الحق التاريخي الذي لا يمكن المساومة عليه أو التفاوض في شأنه، من دون أخذ اللاجئين أنفسهم لقضيتهم كونها المصير الذي لا بد من أن يقرروه هم بأنفسهم، كحق لهم ولأبنائهم من بعدهم.

ومهما يكن من أمر الخلافات الشكلانية بين نتانياهو وائتلافه اليميني الحاكم وإدارة الرئيس أوباما، فهو لن يرقى إلى خلاف يستفيد منه الفلسطينيون أو العرب، طالما أن قضايا الأمن الإسرائيلي والتحالفات الإستراتيجية القائمة مع الولايات المتحدة، هي من قبيل القضايا التي تتطابق الآراء والمصالح، بل هي تشهد العديد من أشكال المزايدات في شأنها؛ بين داخل إسرائيلي قد تتباين الآراء ضمن صفوف مكوناته السياسية والحزبية والمجتمعية، وبين داخل أميركي تتسابق أطرافه على التنافس بتقديم أفضل شروط الولاء، لأهداف الكيان- المستعمرة الحافظة للمصالح الإستراتيجية الخارجية للولايات المتحدة في قلب منطقة النفط، كسلعة إستراتيجية هامة تطلبت وتتطلب العديد من أشكال الحروب، احتفاظا بها؛ ولها تجري فروض الولاء والطاعة للكيان الإسرائيلي الغاصب.

في خطابه الثاني (الأحد 22/مايو) أوضح الرئيس الأميركي ما لم يكن في حسبان نتانياهو لدى إلقاء خطابه الأول يوم الخميس الماضي، وذلك حين أبدى هذا الأخير ارتياحه لخطاب أوباما الذي حمل توضيحات لا بد منها، كي لا يُفهم موقفه على أنه أقرب إلى المطالب الفلسطينية، لا سيما مطلب إقامة الدولة ضمن حدود عام 1967. بحيث جاء خطابه الأخير، كواحد من خطابات إعلان التأييد لإسرائيل؛ كيانا وأمنا وأهدافا ومطالب تفاوضية مع الطرف الفلسطيني. وهنا بالضبط مربط فرس الارتياح الإسرائيلي الذي كان محط التباس الخطاب الأول.

وهكذا جاءت صياغة الخطاب الثاني لأوباما، بمثابة المذكرة التفسيرية لخطابه الأول، خصوصا في ما خصّ قضية حدود عام 1967، لا سيما وأن صحيفة هآرتس كانت قد نقلت ما بين الخطابين (السبت 21/مايو) عن مسؤول في الخارجية الأميركية تحذيره حكومة نتانياهو من رفضها مقترحات السلام الخاصة بالرئيس الأميركي باراك أوباما. لافتا إلى أن هذا الأمر قد يقود إلى تأييد دول العالم للإعلان عن دولة فلسطينية في إطار الأمم المتحدة، وهو ما يرفضه الجانبان.

من هنا تبدأ الآن حرب الحلفاء الإستراتيجيين على هدف أو محطة أيلول الفلسطينية، قبل أن يحين موعدها، في وقت يعتقد فيه أعداء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، أن زخم التغيير والتحولات في الفضاء العربي العام، بات يقدم للشعب الفلسطيني المزيد من فسحات الأمل، وللشعوب العربية الإيمان بجدوى الانتفاضات والثورات الشعبية السلمية، في مواجهة أنظمة استبداد دموية وقمع بوليسي، وما يخلقه واقع التحرر من أمثال تلك الأنظمة من قلق متزايد داخل الكيان الاحتلالي الإسرائيلي.

وإذا كان هناك من يفكر بأن انتهاء المطالب وإنهاء الصراع، قد بات قاب قوسين أو أدنى، في اقترابه من ذاك المنحى التبسيطي الذي يقيم نتانياهو مبادئه الست عليها، لإسدال الستار على صراع تاريخي متواصل منذ أكثر من قرن على فلسطين، فإن ما يجري اليوم من ثورات على الاستبداد وأنظمته، يؤكد أن الكيان الاحتلالي الأكثر استبدادية وقمعية على الإطلاق، لن يكون في منأى أو منجى من تحولات التغيير التي تصيب هذه البلاد بأكملها، ويمكنها بتداعياتها أن تنتقل إلى بلاد العالم الواسع، فكما للاحتلال والاستبداد وجه واحد مشترك، كذلك لثورات الشعوب وانتفاضاتها وجهها الأكثر نصاعة؛ ضد كل أشكال التحالف الموضوعي مع الاحتلال، أو التغاضي عن جرائم الاستبداد.

ومهما ادعى أوباما عن قربه أو اقترابه من قوى التغيير والثورة في بلادنا، فهو بالتأكيد أبعد ما يكون من مصالح وأهداف التغيير الحقيقية لشعوبنا، إنما هو يحاول الالتفاف على تلك الأهداف والمطالب التغييرية، بهدف استيعاب بعض القوى الانتهازية، وتأطيرها في إطارات من قوى ثورة مضادة، تحاول استعادة السيطرة على زمام المبادرة من جديد في كل من تونس ومصر، بينما تحاول الولايات المتحدة في كل مواقفها تجاه الربيع العربي أن تأخذ الأمن الإسرائيلي بعين الاعتبار، إذ أن كل الاعتبار لما يحيل واقع الاحتلال الإسرائيلي إلى معطى مريح، لا تؤثر فيه ثورات شعوبنا وأهدافها ومطالبها التغييرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا