الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظريات ممنوعة

ساطع راجي

2011 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


من المعتاد المقبول ان يتبنى السياسي فكرة ما او منظومة فكرية ويسعى لاقناع المواطنين بها وعندما يجمع التأييد الكافي للوصول الى السلطة سيسعى لتطبيق كل او بعض افكاره بحسب ظروف الواقع ومصالح الوطن، إلا إن الموضة السياسية في العراق هذه الايام هي اطلاق مقولات في عبارات قصيرة لتبدو وكأنها حكمة او نظرية يستخدمها السيد المسؤول الى جانب ربطة عنقه وبدلته وساعة اليد وطاقم الحماية فيكون بذلك قد جمع المجد من أطرافه.
أغبى ما في تنظيرات الساسة هو انهم يعتقدون بأن كل ما ينطقون به انما هو فصل الخطاب ومن درر البلاغة التي لا يعلو عليها شيء وانها تستحق الكتابة بماء الذهب على جدران البيوت والمؤسسات وان تتصدر عناوين نشرات الاخبار والصفحات الاول في الجرائد، وانها تستحق الشرح والتفسير والتعميم حتى لو كانت لغوا لامعنى له، مثل الكلام عن ضرورة الحكمة والعدالة في ادارة البلاد مثلا، او عن حتمية الولاء للوطن!!.
رهان خاطئ وقديم وثبت فشله ذلك الذي يحاول الساسة تسويقه للناس على انه انجاز ما بعده انجاز، وهو رهان على قدرة الكلام في التغطية على الفشل والضعف والفساد، وهو رهان لا سياق ولا مناسبة له في نظام ديمقراطي فيه برلمان واحزاب وصحافة متعددة الاتجاهات وقوى مختلفة المصالح، فالدكتاتور الذي يسيطر على المؤسسة الاعلامية الوحيدة في بلاده هو وحده الذي يتمكن من التباهي بلغطه وثرثرته دون ان يسمع كلمات السخرية والاستهزاء، سواء من المواطنين العاديين او من خصومه السياسيين.
ولأن الساسة المتكلمين لا يميزون بين الكلام الاعلامي وكلام المضايف والمجالس الاخوانية وكلام النظريات، فإنهم يتوهمون بأن ما يقولونه هو نظريات علمية بحتة معضدة بتجربتهم العملية من خلال وجودهم في مواقع السلطة، ومن هنا تفتقت قريحة البعض عن اقتراح الاستعانة بوزراء ونواب سابقين كخبراء في الدولة العراقية بسبب (باعهم الطويل وخبرتهم العملية والتشريعية والرقابية!!!) ومن هنا لا يقبل احد ان يفارق موقعه السلطوي حتى وان كانت المغادرة في باب التداول السلمي للسلطة فهو ببساطة لايريد للوطن والشعب ان يخسرا حكمته التي عبر عنها خلال السنوات الماضية بصولات وجولات اعلامية من التصريحات الفضفاضة ويستشهد على اهميتها بتكرار زملائه لها وهو محق في ملاحظة التكرار هذه، حيث لا يتمتع كل الساسة بلسان مفوه ثم انهم يريدون اشاعة هذه التنظيرات العبقرية، ومن هنا صدق بعضهم نفسه ووضع مؤلفات عن تجربته في السلطة.
لا مجال هنا لافهام الساسة الفرق بين الكلام المرسل على عواهنه المرتبط بالصدف والمناسبات والكلام العلمي الذي يسمى نظرية كل ما يمكن قوله هنا ان الناس سأمت رطانة السلطة التي تتلاعب بالوعود والعواطف، وان هؤلاء الناس لاتريدون وزيرا او مسؤولا امنيا او خدميا او اقتصاديا يواصل قهرهم بنظرياته المتهافتة، فالمنصب يعني عمل، ومن يريد ان يدخل في خانة المنظرين والكتاب والمؤلفين فالأبواب أمامه مشرعة لكنها بالتأكيد لن تكون في غرف الحكومة ولا عند قص اشرطة المشاريع الوهمية او الفاسدة، انها هناك في مراكز البحوث والمكتبات، علما ان الاجادة في التنظير لن يكون اسهل من الاجادة في اي عمل آخر، وهي اجادة استعصت على ساسة العراق في الحقول جميعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل قامر ماكرون بحل الجمعية الوطنية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حل الجمعية الوطنية، سلاح ذو حدين محفوف بالمخاطر




.. كولومبيا تقرر وقف بيع الفحم لإسرائيل حتى وقف الإبادة الجماعي


.. قوات الاحتلال تنشر فرق القناصة على أسطح وداخل عدد من البنايا




.. فيضانات تجتاح جنوب النمسا والسلطات تناشد السكان بالبقاء في ا