الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد 22 مايو 2011: تصعيد الكفاح ... بوجه تصعيد القمع

محمود جديد

2011 / 5 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



قبل 20 فبراير 2011 ، كانت الملكية، مدعومة من أحزاب مؤسساتها الزائفة، تدبر الوضع السياسي بآلية ضبطتها وطورتها طيلة عقود. فقد دمجت بالكامل أحزاب المعارضة التاريخية مسندة لها أدورا في حكومة الواجهة، المكلفة بتصريف ما تخططه الحكومة الفعلية العاملة يدا في يد مع الاتحاد الأوربي و البنك و الصندوق الدوليين.

وكان الاحتجاج الشعبي يعالج بالقمع الشديد طالما ظل محليا وفي بلدات صغيرة (ايفني، صفرو...)، فيما يجري التحكم في الساحة العمالية بما تسديه القيادات النقابية من خدمات للدولة، وبتعميم هشاشة التشغيل و البطالة القاتلين للعمل النقابي.

لم يمنع هذا الغضب و السخط الشعبيين من التنامي و الاحتقان. وطبعا لم يكن بد من بلوغ الضغط مستوى يفيض على كل آليات التحكم. لكن التغيير الحاصل بمحيط المغرب منذ شرارة الشهيد البوعزيزي سرع وتيرة التطور. لقد حفزت انتفاضات الجماهير الشعبية بالمنطقة كادحي المغرب وشبابه، ففاض الغضب من حيث لم ينتظره أحد.

بعد مبادرة الدعوة إلى يوم وطني للاحتجاج أمام مقرات السلطة، وما لقيت يوم 20 فبراير من مشاركة شعبية بالمدن و القرى لم يشهد تاريخ المغرب مثيلا لها، تدفق الفعل الشعبي في شكل احتجاجات ومطالب اجتماعية بمختلق جهات البلد، وانتعش النضال النقابي رغم الكبح البيروقراطي.

واجهت الدولة حركة النضال الشعبي و الشبابي بالقمع و التشويه الإعلامي، بقصد ترهيب البعض و تنفير البعض الآخر. قدمت آلة البهتان الرسمي و شبه الرسمي (إعلام الاتحاد الاشتراكي و أشباهه) نضالات حركة 20 فبراير في صورة قلاقل و أعمال حرق و تدمير. ثم بدأ في لحظة معينة التركيز على فزاعة التيار الاسلاموي المساند للحركة بقصد إبعاد الناس عنها.

و مع العصا كانت الجزرة اليابسة، فقد سارع الحكم إلى الوعد بإصلاحات سياسية، بتعديل دستور الاستبداد، مشركا في العملية أحزابه القديمة و الجديدة، و قيادات منظمات العمال النقابية، التي أبانت مجددا عن موقفها الفعلي من كفاح مقهوري المغرب.

و بعد تجريب القمع، لا سيما يوم 13مارس، جاءت مسيرات 20 مارس لتثبت للنظام ان الحركة بلغت من الرسوخ و الانغراس درجة لا ينفع معها العنف و لا فزاعة الاسلامويين. فقام بتليين شدة التدخل العنيف، ريثما يتضح مسار الحركة، و في الآن ذاته الظفر بصورة نظام متسامح مع المظاهرات الاحتجاجية فيما أنظمة أخرى تطلق الرصاص على المسيرات.

أتاح الوقف المؤقت للقمع الشديد امتداد المظاهرات الشعبية إلى الأحياء الشعبية ، لا سيما بكبريات المدن، وتجلت الدرجة العظيمة من التجاوب الذي تلقاه حركة 20 فبراير في أوساط الكادحين، باقتران مطلب الكرامة بالمطالب الاجتماعية وبمطلب إسقاط الاستبداد و الفساد.

اتسعت حركة 20 فبراير جغرافيا بتواصل الإعلان عن تأسيسها بمدن وقرى إضافية عديدة، وتعزز رسوخها في الطبقات الشعبية، بانضمام ضحايا سياسات الدولة في كافة المجالات ، البطالة الصحة، السكن، التعليم... و امتدت شرارة النضال الى أصغر القرى في طول المغرب وعرضه.

و بموازاة الحركات الشعبية المعلنة انضواءها تحت لواء 20 فبراير ، تفجرت حركات نضالية لا تحصى بكافة أنحاء المغرب، خارج حركة 20 فبراير. وتصدى الشعب الكادح لجبروت السلطة لينتزع الحق في بناء السكن، متحررا من ابتزاز الفاسدين، واضطرت الدولة للتراجع بعد إدراكها حجم السخط الكامن واستعداد ضحاياها للقتال حتى الموت.

وانضم الفلاحون إلى دينامية الكفاح، بخروجهم في مسيرات حاشدة بالآلاف في سيدي بنور ضد نهب الرأسمال الكبير لهم، و في السراغنة ضد غلاء ماء السقي، على سبيل المثال لا الحصر.

كما استمر تنامي النضال العمالي بالقطاعين العام و الخاص على السواء، رغم بقائه أسير القطاعات و الفئات بفعل تخاذل القيادات و إلغائها دور المنظمات في توحيد النضالات، وسيدخل رفضها ما دعت إليه حركة 20 فبراير من توحيد لمسيرات فاتح مايو 2011 التاريخ من باب الخيانة لا أقل. ورغم هذا الدور المدمر، ينمو كفاح الشغيلة باطراد، فسارعت الدولة إلى تقديم تنازلات بقصد امتصاص الغضب و وقف تطور المد النضالي.

وطيلة هذه المدة كان النموذج الكفاحي لشعب اليمن، و تزايد الغضب في سوريا رغم استعمال الرصاص و الدبابات، حافزا مستمرا لكادحي المغرب، وها هو المثال الاسباني ينضاف.

على طول هذا المسار، اتضح لدولة الاستبداد و الفساد أن الاندفاع الشعبي إلى الكفاح، لا يكف عن التنامي، و الانتشار جغرافيا، و عن تجذر مطالبه تدريجيا، و تطور أشكاله النضالية.

اتضح لها أن الأمر ليس لعبة شباب يقلدون ما جرى بمصر أو غيرها، اتضح أن خمسون عاما من نظام رأسمالي تابع في ظل استبداد سياسي وقهر اجتماعي قد أثمرت شعبا رافضا لاستمرار المغرب على ما هو عليه، شعبا تواقا إلى العيش في كرامة وحرية وعدالة اجتماعية، شعبا مستعدا للنضال من اجل هذا كله.

أحست الدولة إذن بخطر تنامي الحركة النضالية، بعد توهمها ان الرتابة ستدب في حركة 20 فبراير وتتراجع الموجة تدريجيا، ليتسع الطريق للخديعة التي يسمونها إصلاحا سياسيا.

لقد تحدت حركة 20 فبراير أعلى سلطة في البلاد برفضها لجنة المنوني المنصبة لاقتراح ترميم دستور الديكتاتورية.

وجد النظام نفسه أمام معضلة كيفية يمكن تمرير "الإصلاحات"، و الآجال المرسومة لها تقترب، بينما حركة النضال الشعبي (حركة 20 فبراير وما أيقظت) في اتساع وتعمق متزايدين؟

يجب وقف حركة النضال الشعبي بالقمع، بعد اتضاح أن الوعود بالإصلاحات و التنازلات الزائفة ، لا تخفض وتيرة نموها، ناهيك عن أن توقفها.

لهذا، ولهذا وحده، نزلت قوات القمع يوم 22 مايو لتدك عظام شباب 20 فبراير، سعيا لمنع التظاهر.

هذا القمع لا بد له من مبرر لتسويغه أمام الرأي العام الدولي، و لتحييد قسم من المجتمع متردد إزاء حركة 20 فبراير، لم ينخرط فيها لكنه ليس ضدها.

هذا القسم يجب استعداؤه ضد الحركة النضالية. لهذا ترافق القمع مرة أخرى مع حملة التضليل الإعلامي. بعد أن أبطلت المظاهرات الشعبية أكذوبة التخريب و الشغب، بنجاحها المتكرر في أحياء شعبية بالمدن الكبرى، ابتكر المستبدون أكاذيب جديدة. فسارعت أبواقهم إلى الافتراء ، مدعية، مثلا، أن شباب حي سباتة الشعبي بالدار البيضاء هم من تصدى لمتظاهري 20 فبراير وطردهم. ولجأت من جديد إلى فزاعة الاسلامويين، مع التركيز على عناصر ما يسمى السلفية الجهادية، و الإيحاء أن جماعة العدل و الإحسان هي الماسك بخيوط العملية برمتها ، الخ. و لأن حركة 20 فبراير ابطلت حملة التشويه الأولى، وفرضت نفسها على الجميع، ولم يعد ممكنا الطعن في مصداقيتها، راحوا يروجون ان الحركة تبدلت، كانت جميلة وديعة عند ظهورها، لكنها أضحت الآن تحت سطوة شياطين اليسار المتطرف و الإسلاميين الممنوعين، ومن ثمة فهي تستحق البطش.

ليس مفاجئا أن يشتد القمع، (هو لم يعد، لأنه ما انقطع يوما) لأن الصراع مستمر ومتصاعد. اشتداد القمع رد على تصاعد النضال، على اتساع الحركة و رسوخها و تجذر شعاراتها التدريجي.

المرعب للدولة المستبدة هو المثال المصري، و اليمني، و السوري، مثال الشعب الذي أسقط جدار الخوف و اندفع إلى الكفاح مهما كلف من تضحيات.

صعدوا القمع ، فلنصعد الكفاح.

لا خيار لكادحي المغرب غير الإصرار، و الاستماتة في الكفاح. ردنا على العنف ليس بافتعال المواجهات، بل بتوسيع الطابع الجماهيري للحركة، بتحريك احتياطات قوى النضال التي لم تنهض بعد.

تطوير الطابع الجماهيري للحركة متوقف على توحيد نضالاتها بالاتفاق على أجندة وطنية واحدة تبطل مفعول القمع [ الم يقمعوا مسيرات باستقدام قوات القمع من مواقع اخرى؟]: يجب تركيز قوة الحركة بتوحيد فعلها في الزمان.

بكل تلقائية أعلن كادحو/ ات مناطق عديدة انضواء نضالهم تحت راية 20 فبراير، هذا دليل على قوة جذب الحركة، لكن من واجبنا العمل على انخراط مجموع حركات الاحتجاج المطلبية في حركة 20 فبراير، بما هي حركة عريضة مرنة موحدة لكفاح كادحي المغرب.

كما يتطلب تصعيد النضال، بوجه تصعيد القمع، حل المعضلة التي تكبح إلى حد بعيد قسما مهما من قوى النضال، عنينا انضمام العمال ، بنضالاتهم، إلى الحركة.

إن ما تنطوي عليه إضرابات العمال من قوة ضرب ليس بحاجة إلى إثبات، وسيكون له وقع عظيم في الميزان. هذه مهمة المناضلين النقابيين بالمقام الأول. يجب حفز النضالات الجارية و توطيد أواصر التضامن بين القطاعات المضربة، أيا كانت اليافطات النقابية.

يجب العمل لبناء إضراب عام وطني من تحت، بوجه إصرار القيادات على خدمة الدولة وليس الشغيلة. واجبنا حفز إضرابات عامة قطاعية و محلية وإقليمية، وممارسة مزيد من الضغط كي نفرض انحياز النقابات العمال إلى صف الكفاح الشعبي و ليس إلى جانب دولة الاستبداد و الفساد كما هي فاعلة لحد الآن.

هذه مجرد أراء مناضل بالحركة، ولهذه القدرة على إبداع أشكال نضال وتنظيم كفيلة بإبطال مفعول القمع و السير بالحركة قدما نحو أهدافها، فهي مستندة على تجربة مئات آلاف الكادحين ضحايا الاستبداد و الاستغلال و الاضطهاد، وعلى خبرة آلاف المناضلين على جبهات كفاح متنوعة: طلاب، معطلون، نساء مكافحات، نقابيون، مناضلون بمناطق قروية.

ثقتنا في قدرات الكادحين/ات الكفاحية لا حد لها.

إرهاب الدولة المستبدة لا يرهبنا، وحركة 20 فبراير تشق طريقها بإصرار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تبدأ من مدينة تبري


.. مقاطعة حفل ممثل هوليودي لدعمه للاحتلال الإسرائيلي




.. حزب الله: استهدفنا مواقع إسرائيلية في الجليل الأعلى ومزارع ش


.. الاتحاد الأوروبي يفعّل نظام كوبرنيكوس لمساعدة إيران.. ماذا ي




.. استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين