الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورات العرب وازمة الفكر

حافظ آل بشارة

2011 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ثورات العرب وأزمة الفكر / حافظ آل بشارة
موجة التغيير في العالم العربي تتسع ولكنها تتباطأ ، سرعة التغيير في تونس ومصر لن تتكرر في بقية البلدان سيكون للتغيير ثمن باهض ، قتل وخسف ورعب وريح سوداء ، لكن الموجة لن تتوقف حتى تعم الآفاق ولن يبقى عرش الا انقلب على صاحبه ، احتقان متراكم ولحظة تأريخية تحتقر فيها الشعوب حكامها الذين يحمون انفسهم بقوة الحديد والنار ، أذا فقدت تلك القوة اعتبارها ولم يعد أحد يخشى الموت انتهت سطوة الحاكمين ، كانت شعوب المنطقة تعاني عبودية مقنعة بكل معنى الكلمة ، مجتمع عبودي مغلف بالتطور الشكلي ، رقيق على نطاق واسع ، المواطن الشرق اوسطي يعرف هذه الحقيقة ويعرف انه مملوك لحكامه ، كرامة البشر لا تسمح له بمكاشفة النفس بهذا المستوى من قسوة الاعتراف لكنه عندما يقرر التمرد على العبودية فهذا يعني حدوث متغير تأريخي سيصنع المعجزات ، هذه موجة وعي عربي وتحرر نفسي هائل تشبه الموجة التي رافقت ثورة العبيد التي تزعمها سبارتاكوس سنة 73 ق م ضد الامبراطورية الرومانية وشارك فيها مئة الف متحرر وقد حطموا قلاع الاباطرة واذلوهم وكادوا ان يسقطوا دولتهم ، بقيت تلك الثورة الرائعة في ذاكرة البشرية . تعاني الموجة العربية الجديدة خللا هو فقدان الاطار الفكري ، المعالجة الاعلامية وحدها لا تكفي ، الاعلام ينقل ما يجري وليس من وظائفه البحث في الخلفيات والحاضر وتصور المستقبل . بلدان المنطقة تمتلك حشودا من الاعلاميين وشعراء الزجل والفنانين لكنها بلا مفكرين ، الفراغ الفكري في المنطقة العربية يتم املاؤه بمفكرين موالين للغرب ينسجون على نوله ، وقد اختفت الهوية الفكرية للمنطقة التي تؤطر الحراك الاجتماعي والثقافي وتعطيه بعده ورؤيته الكونية الخاصة به ، المهمة الاولى للتوجيه الفكري لهذه الموجة التمييز بين انجاز التغيير اي انقاذ البلدان من الحكام الجبابرة وبين صناعة البديل ، فالمسافة بين القضيتين طويلة ومتعبة ، التغيير يحتاج الى غضب وشجاعة وايثار ، وصناعة البديل تحتاج الى بصيرة وتأن وتفكير ، في هذه الايام الحساسة من حياة المنطقة يتولى الاعلاميون والساسة التحدث في الشأن الفكري فيرتكبون اخطاء ، لو كان هناك بحث فكري لوجدنا من يقدم توقعات علمية حول الحاضر والمستقبل ، كمثال ، يتوقع احد المفكرين ان صناعة البديل تتطلب عدة معارك تختلف عن معركة اسقاط الحكومات ، معركة لمنع اتباع الانظمة الساقطة من العودة الى السلطة ، ومعركة لمنع المعارضين القدامى القاعدين من سرقة الثورة ، ومعركة ثالثة لتصحيح نهج الثوار الجدد الذين سيستخدمون الديمقراطية باسلوب استبدادي ، أخيرا قد يأتي النظام الديمقراطي المطلوب . هناك فرصة لاحاطة الشعوب بهذه الرؤية مثلا وغيرها عبر وسائل الاعلام السائدة ، يجب ان يبعث المفكر العربي موجة رأي عام لحماية الثورة وتزويد قواها بالوعي التأريخي والبصيرة والصبر ، لكل قوم زرقاء اليمامة التي تبصر لاجلهم عبر مسير يومين والمفكرون هم زرقاء اليمامة لهذه الشعوب السائرة نحو الحرية بأي ثمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق