الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جحا الذي بيننا..!

محمد المراكشي

2011 / 5 / 25
كتابات ساخرة


نوادر جحا..تلك القصص العجيبة المضحكة التي كانت تؤنسنا في ليالينا القديمة ،حين كان آباؤنا و امهاتنا يطفئون انوار أعيننا عليها في ليل كان الهم فيه ان ننام ! لم يعد لتلك النوادر من اثر على ألسنتنا و لا في مذكراتنا اليومية فاستبدلناها بمهند العظيم الوسيم !
في تلك القصص كثير من الضحك و الذكاء و الغباء ،تجتمع كلها في كيمياء عجيبة لم تتحقق قبله و لا بعده ! فحين شكا يوما جحا من عدم مرافقة أمه لعرس، بغبائه المعهود نفذ وصية أمه قبل أن تذهب بأن اقتلع باب المنزل حاملا إياه على ظهره ليلتحق بها في العرس ! حين تفاجأت الأم بجحاها الصغير حاملا الباب سألته فما كان منه إلا ان أجابها بأنه فعل ما طلب منه ! يحرس الباب جيدا من اللصوص !
بلادنا العربية من أقصاها إلى اقصاها هي تلك الكيمياء العجيبة ،كل يحمل بابه معه ليترك كل شيء عاريا ، و يظن أن الأمن محمي جدا ! لا أمن كامل هناك، فقط أمن متخيل ومختزل في باب خشبي محمول على الظهر !
وفي نادرة اخرى تنم عن ذكائه الغبي ، عالج مشكلة ابنه الذي يكسر الجرة كلما حملها ليسقي الماء من الينبوع بأن أشبعه ضربا ذات يوم دون سبب قبل أن يناوله الجرة ! و حين سأل اناس عن السبب في ذلك كان جواب جحا أن يتذكر ابنه حين يحمل الجرة ما اكله من عصا فيحافظ عليها حتى لا تنكسر !
كسرت وزارة التربية المغربية عظام المعلمين قبل أن تسوي وضعيتهم ،وكأنها استفادت من عبقرية جحا لكي يتذكر المعلمون تكسير عظامهم كلما لم يجدوا حلا في أفق انتظارهم ! وكسرت وزارة الصحة عظام الأطباء الغاضبين لتذكرهم أنه من غير المعقول أن يتركوا أقسام المستعجلات لأجل التظاهر ! فمن سيداوي جراح المتظاهرين و يجبر كسورهم بعد أن يأكلوا ما تيسر من عصا المخزن ! فهي ترى أن في كل مرة سيفكر طبيب في الخروج للشارع لن يحتاج لرؤية ضحايا الهراوة بل يتذكر نفسه يوم زارت الهراوة العجيبة ظهره أو رأسه !
أما أروع ما سمعته عن جحا ،هو حين كان يمتطي حماره و يحسب الناس دون أن يحتسب نفسه ! فيجدهم تسعة.و حين ينزل عن حماره يجد ان العدد ازداد واحدا ! ولم يفهم ابدا أنه في الأعلى لا يحسب إلا من اسفل..
تماما مثل السيد جحا ، فحكوماتنا لا ترى مانعا من تعداد أخطاء المواطنين ،و كانها لا تخطئ..فحين يخرج الوزراء و النواب لمكان ما و يقيمون حفلا أو لقاء لنسمه تواصليا هل يطلب منهم أن يصرحوا بهذه التجمعات لدى السلطة و طبقا للقوانين الجاري بها العمل؟ ! ام أن شباب التظاهر السلمي وحدهم من يخرق هذا القانون الجاري به العمل؟ ! ثم إني أود أن أطرح سؤالا يؤرقني كثيرا عن معنى جريان العمل في القانون أو القانون الذي يجري..به العمل ! ومن تحت القانون و من فوقه يجري ! ومن يجري و من لا يجري !
الذي يقول إن جحا مات ،نخبره اننا لم نشهد له جنازة او حضرنا له تشييعا..و الذي يقول أن نوادره انتهت ،ماعليه إلا ان ينزل من على ظهر حماره كي يرى أن بلادنا كلها جحا.. ! في الوقت ذاته يجتمع فيها الغباء و الذكاء و الضحك على الذقون !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر