الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوبات المصالحة

ساطع راجي

2011 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


من وقت لآخر تستعر عملية المصالحة، فنشهد مؤتمرات صحفية ولقاءات داخل العراق وخارجه، واعلانات عن جماعات القت سلاحها وانضمت الى العملية السياسية، ويتم تسريب معلومات عن اتصال بهذه الجماعة او تلك من الجماعات الخطرة، ويرافق كل ذلك امران، الاول الاعلان دائما عن ان الجماعات التي يجري الحوار معها لم تقتل العراقيين وان يدها مبرأة من كل دم عراقي، والامر الثاني، ان كل جولة من جولات المصالحة تتزامن مع جولة من التصعيد الامني الذي يخطف ارواح عشرات او مئات الابرياء.
المصالحة لم تعد منهجا سياسيا في العراق له مؤسساته وسقوفه الواضحة، بل انها عملية اعلامية اولا تريد جذب الاهتمام بعيدا عن ملفات مطروحة ثبت فيها فشل رسمي ذريع، وهي ثانيا عملية لاصطياد غير شرعي او غير مبرر لمناصب واموال لأن هذا الاصطياد هو التفسير الوحيد لعبارة "الانضمام للعملية السياسية"، فرغم تأكيدات الجهات الرسمية المسؤولة عن المصالحة بين وقت وآخر، أن لاثمن يدفع للاطراف المنضوية في المصالحة، لكننا سرعان ما نجد الاسماء التي اعلن عن توبتها تحتل مقاعد خلفية مهمة في عربة السلطة.
ان تتلقى جهة ما ثمنا سياسيا او اقتصاديا مقابل توقفها عن ممارسة العمل المسلح ضد الدولة وضد المواطنين، يبدو امرا مألوفا ( بسياقات السياسة لا القانون) في الحالات المعقدة الشبيهة بالعراق، لكن ان تحدث اعلانات وتدفع اثمان وتستمر وتيرة العنف على حالها فهو الامر غير المفهوم.
الجسد السياسي العراقي مريض، وامراضه عديدة ولذلك تعتريه حالات ذهنية وسلوكية غريبة ومتناقضة تظهر على شكل نوبات، مثل نوبات المؤتمرات الاقتصادية، ونوبات الزعل الشديد بين القوى السياسية، ونوبات قص اشرطة مشاريع وهمية، وايضا هناك نوبات المصالحة التي تعتري الحكومات المتعاقبة منذ سنوات دون ان تتوصل الى نهاية تدفع المواطن الى الشعور بالطمأنينة.
كل الندوات وورش العمل والدورات التدريبية والمنظمات والاصدرات التي انفق عليها باسم المصالحة لم تتمكن من انتاج خطة واضحة لهذه العملية التي سيطر عليها التخبط منذ سنوات ثم تحولت الى اداة سياسية انتقائية تستغل لتوسيع السلطة والحصول على المغانم.
اغرب التفسيرات التي يقدمها المسؤولون السياسيون والامنيون للخروقات الارهابية الدامية، هي ان بعض الجماعات الارهابية تريد اثبات وجودها نتيجة انضمام اطراف منها لعملية المصالحة علما ان هذه الاطراف المتصالحة مع الحكومة ليست متورطة بالدم العراقي، المراقب والمواطن هنا يستغربان من الثمن الباهض الذي يدفع في العراق لمصالحة تؤدي الى مزيد من العنف والخسائر مع طرف لم يكن يستهدف احدا.
هذا نموذج آخر من نماذج التخبط، فالحكومة لا تعرف الاعداء الحقيقيين الذين يمكن ان تؤدي المصالحة معهم الى استتباب الامن او انها لا تريد ان تتصالح مع هؤلاء الاعداء لموانع قانونية او دستورية او سياسية ..الخ، ولذلك تتصالح الحكومة مع جماعات لا تدفع ولا تنفع اذا ما كان توصيف الحكومة لها صادقا، والحكومة لا تريد منا ان نكذبها ولذلك لها الحق في اختيار التحليل الذي يعجبها لتفسر به سلوكها لكن بعض المواطنين يرجونها ان تتوقف عن مبادرات تصالحية تؤدي الى مزيد من العنف والخسائر، وبعضهم الاخر يسألها فيما اذا كان هروب او تهريب الارهابيين المعتقلين جزءا من عملية المصالحة؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟