الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيلم السياسي .. بين الاتهام و اليراءة

لينا مظلوم

2011 / 5 / 25
الادب والفن


من يقف وراء تمويل الفيلم السياسي ؟ محاولة الاجابة على هذا السؤال تفرض الدخول الى نفس المنطقة الشائكة التي دخلها جميع السينمائيين الذين شاركوا في تقديم هذه النوعية من الافلام . و اذا كانت القاعدة الاقتصادية تؤكد ان راس المال (جبان) فانه يصبح اكثر (جبنا) حين يتعامل مع صناعة السينما و يتحول الى ( فأر مذعور) اذا كان الفيلم المصنوع سياسيا .
و من هنا يبتعد اغلب المنتجين عن الدخول في منطقة الفيلم السياسي و من هنا – ايضا- فان ظهور اي فيلم من تلك النوعية يثير دائما تساؤلات و تكهنات حول مصدر تمويله الذي يتم النطر اليه غالبا بشك و ريبة باعتبار انه لم ينفق بسخاء الا ليعبر الفبلم عن توجهه السياسي حتى لو ادى ذلك لان يصبح المخرج و الممثلون مجرد دمى خشبية تنطق بلسانه. على اختلاف الحال بالنسبة للفيلم العادي الذي يقيم على اساس عناصره الفنية, فان الفيلم السياسي بثبر جدل سياسي و هنا , كما هو الحال في القضايا السياسية طرف يتفق مع القضية السياسية التي يطرحها الفيلم و اخر يختلف معه لتبدا اثارة الاتهام الجاهز (من يقف وراء تمويل هذا الفيلم!!)
لم تنفصل السياسة يوما عن السينما المصرية ..و لكن مستويات تناولها تفاوتت . المستوى الاكثر شيوعا هو الذي تظهر فيه الافكار السياسية كخيط محوري تغلفه فكرة اجتماعية كما حدث في افلام (زينب)(صراع في الوادي)(الفتوة)(بداية و نهاية)(ثرثرة فوق النيل)(ليل و قضبان)(اهل القمة)(الغول)(انتبهوا ايها السادة)(سواق الاوتوبيس)(زمن حاتم زهران)(المواطن مصري)(ايام الغضب) و عشرات غيرها تناولت قضايا اجتماعية من منظور سياسي او قضايا سياسية من منظور اجتماعي و في ذلك المستوى لم يكن التمويل يشوبه اي شبهة لان كل هذه الافلام تناولت قضايا مصرية داخلية و تولى تمويلها منتجون او جهات مصرية .. و الشئ نفسه ينطبق على المستوى الثاني من الافلام التي كانت السياسة همها الاول و الوحيد .. فلم يكن مصدر التمويل هو مشكلة تلك الافلام و انما الرقابة التي جعلت افلاما مثل (رد قلبي)(القاهرة 30)(في بيتنا رجل)(غروب و شروق)لا تظهر الا بعد ثورة 1952لانها كانت تنتقد اوضاعا و شخصيا ت سياسية في العهد الملكي .. و في المقابل فان افلام مثل(ابناء الصمت)(ظلال على الجانب الاخر)(الكرنك)(وراء الشمس)(طائر الليل الحزين)التي انتقدت بعض الممارسات السياسية في عهد جمال عبد الناصر لم تظهر الا في عهد انور السادات الذي لم يتم –ايضا- تقديم افلام تنتقد سياساته الا بعد رحيله .. و منذ اوائل الثمانينيات ازدادت مساحة الحرية المتاحة لصناع تلك النوعية من الافلام فظهر (البرئ)(الهروب)(اللعب مع الكبار)(الارهاب و الكباب)(طيور الظلام)و غيرها من الافلام التي ناقشت علاقة السلطة بالمواطنين . و لم يثر التمويل ايضا اي تساؤلات او شبهات في المستوى الثالث من الافلام التي تعاملت مع السياسة من منطفة الجاسوسية و الدور الذي لعبته المخابرات المصرية في فترات مختلفة فقد جاء تمويل تلك الافلام وطنيا و في الغالب فرديا بداية من فيلم(جريمة في الحي الهادئ) و مرورا ب(الصعود الى الهاوية)(اعدام ميت)(بئر الخيانة) و اخيرا (ولاد العم).
اما الافلام التي تعاملت مع السياسة على مستوى الاسقاط هاربة الى التاريخ او الرمزفقد تباينت مواقفها التمويلية ,ففي حين جاء فيلم (شئ من الخوف)مصري التمويل , و لم يكن هذا الفيلم ليرى النور لولا دعابة ساخرة من عبد الناصر حين قرر وزير الثقافة عرض الفيلم على عبد الناصر بعد ان تكاثرت الاقاويل حول الرواية و ان شخصية البطل الطاغية(عتريس)ترمز الى عبد الناصر , فما كان منه الا ان علق ساخرا( لو كان البطل يرمز لي حتما ساستحق النهاية التي نالها. اعرضوا الفيلم طبعا بلاش كلام فارغ!!). شاركت ايطاليا في تمويل فيلم (الصقر)للمخرج صلاح ابو سيف عام 1949 ليثور التساؤل حول الدافع وراء التموبل خاصة ان الفيلم اظهر العرب في الصورة التي تستهوي الغرب ,صحراء و خيول و قلاع اسطورية و رجال بدو و دسائس و مؤامرات تحاك في الظلام.
المستوى الاخير الذي لم تثار حوله شبهات التمويل , الافلام التي قدمت حياة الرؤساء و ابرزها (ناصر 56)و (السادات)للمبدع الراحل الفنان احمد زكي, وان اخذ النقاش حولها منحنى آخر اصر على تغذيته احمد زكي نفسه حول انقسام الاراء حول الفيلمين بناء على التوجه السياسي لكل فريق بدلا من الحكم على العملين من منظور فني بحت كما اراد احمد زكي و كنت انا طرفا في احدى هذه النقاشات رغم اني كتبت عن كلا العملين من منظور فني بحت.
و ياخذ التساؤل حول الدافع من التمويل الخارجي ابعاده الحقيقية في الافلام الموجهة التي تطرح وجهة نظر سياسية محددة او نظرة خاصة للمجتمع المصري و القضايا العربية. فقد ساهمت فرنسا –مثلا-في تمويل افلام كثيرة للمخرج يوسف شاهين اهمها(الوداع بونابرت)و(القاهرة منورة باهلها)و اتهم المخرج بتشويه الواقع المصري و تزييف التاريخ بما يتفق مع اهداف مموليه , كما اخرج صلاح ابو سيف فيلم (القادسية)بتمويل عراقي و اتهم-ايضا- بانه كان مع الممثلين المصريين في الفيلم مجرد معبرين عن وجهة النظر الرسمية العراقية , وان معركة (القادسية) الاصلية حورت لتصبح عبارة عن (قادسية صدام حسين!!)و الشئ نفسه حدث عندما شارك ممثلون مصريون في الفيلم المغربي (ساكتب اسمك على الرمال)للمخرج المغربي عبد الله المصباحي .اما المخرج توفيق صالح فقد قدم اهم اعماله (المخدوعون)بتمويل سوري , و (الليالي الطويلة) بتمويل عراقي و طبعا لم يسلم توفيق صالح من تهمة كونه يقدم عملا يبرز جانبا مشرقا لنظام فاشي.
عن تجربته مع فيلم(ناجي العلي) –من اكثر الافلام السياسية التي اثارت جدلا- كان الفنان نور الشريف دائما يكرر علي جملة تختصر كل الهجوم الذي تعرض له
( يبدو ان المتهم- و هو في حالتنا الفيلم السياسي- سيظل موضع ادانة حتى يثبت براءته!!!)
لينا مظلوم- كاتبة و صحافية عراقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين


.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض




.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن