الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يرتدي الشيطان ثوب القديس!

يوحنا بيداويد

2011 / 5 / 26
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بعدما تحول العالم الى قرية صغيرة، بفعل التكنلوجيا وتطبيقاتها الكثيرة مثل الموبايل و اس ايم اس والرسائل والمواقع الالكترونية وفيس بوك والراديو والتلفزيون وغيرها من وسائل الاتصال بين البشرية، لم يعد اهل الجبل بعد الان مغفلين عن ما يدور في المدينة وبيئتها، فلم يعد ينخدعون بألالوان البراقية لمنتوجاتهم الصناعية مقارنة بمحاصيلهم الزراعية النقية، ولم يعد يؤمنون الى حلفاناتهم في كل مناسبة او وعودهم الباطلة الكثيرة !.
لقد اصبح الصراع من اجل البقاء اكثر تعقيدا من القبل، وتعددت الطرق للوصول الى الاهداف بين الشريفة والصالحة والمسموحة وبين طرق الملتوية والمزيفة والخادعة الكاذبة. وفي اغلب الاحيان يكون الدولار هو سيد الموقف، فكأن مقولة "الغاية تبرر الوسيلة" اصبحت قاعدة اساسية عندهم. فكثيرون في هذه الايام يرتدون ثوب الامانة والاخلاص و القداسة والمثالية والتضحية والرجولة والبطولة بينما في داخلهم ليسوا كذلك. هؤلاء الذين كانوا يوما ما مثل مسطرة او مقياسا اومثالا يقتدي الناس بهم في حياتهم اليومية، بدات حقيقتهم تنكشف من خلال مقارنة اعمالهم ووعودهم وغاياتهم بفعل التقدم الحضارية والتكنولوجي (1).
هذه الحياة التي اعطى لها الفلاسفة العظماء والانبياء تعاريف واوصاف ووضعت مع الاديان تعاليم كثيرة خيرة، التي تعمل عمل المكيال لدى صاحب الدوكان، لتساعدهم على تقييم او تمييزاعمالهم الفردية والجماعية وتقيم اعمال الاخرين ايضا بصورة واقعية وحيقيقة ، اليوم بدأ الناس يتخلون عن هذه التعاليم ( المكاييل) وفي مقدمتهم المسؤولين، لا بل بدأوا يغشونها ! ولكن الغرابة الاكبر هي ان معظم الناس يعرفون الحقيقة ولكنهم يسكتون ظناُ منهم ان الله يرضي عنهم اكثر عندما يسكتون عن الباطل!.
ان ديانتنا المسيحية التي روضت البشرية وساعدتها للتخلي عن قانون الغابة والقوة والعنف والبقاء للاقوى واحلت محله قانون المحبة والتسامح والتعاون والاصلاح وتحمل المجتمع جزء من مشكلة الفرد او عجزه ، ديانتنا المسيحية التي كانت مصدر اساسي لانبثاق معظم قوانيين حقوق الانسان(2) . هذا اللاهوت العظيم يظهر لنا اليوم وكأنه عاجز عن ايقاف الشر الذي بدأ يسير في شريان الكثيرين منا ، لاسيما من هم في مقدمة الجماعات البشرية والامم.
نعم قدرنا مثل قدر كل الحضارات الماضية دخل السوس الى كيان كل مؤسسات البشرية، الدينية والمدنية من السياسيين ، من الجامعات العالمية ومنابر الاعلام المحايدة والمحاكم الدولية ورجال البوليس ثم رجال الدين في معظم الاديان ومنهم الاكليروس المسيحي واخيرا المفكرين الذين بدأوا يقلدون السفسطائيين في بيع معرفتهم .
المشكلة الرئيسية التي تواجهها الانسانية هي فقدانها للبوصلة الصحيحة والحقيقية، فلم يعد يعرف الناس الى اتجاه يسيرون ؟ والى من يصدقون ؟ وتعاليم من يطبقون؟ . فدخل الشك في قلوبهم من جراء مواقف قادتهم المتضاربة المتناقضة بين الشريعة نفسها وبين التطبيق الذي يخالف جوهر الشريعة او الحقيقة والمصلحة العامة. والسبب بسيط جدا ليس الا اصرار هؤلاء القادة على تحقيق رغباتهم الشخصية وطموحاتهم الفردية واظهار بطولاتهم الباطلة النابعة من عجزهم الفكري والعقلي للانتاج الاعمال الحسنة فيحيطون انفسهم بمن يشابههم او يجري وراءهم.
لكنني مؤمن كل الايمان، في النهاية لا يصح الا الصحيح، وكل هؤلاء سوف ينالون حقهم ، بطريقة ما ، لاحاجة لذكر الامثلة والقصص التي حدثت في الماضي في مثل هذه المناسبات، لان السيد المسيح نفسه يقول: " لا تسقط شعرة من رؤوسكم الا بعلم ابيكم السماوي" . فهل يسكت الله عن الباطل ، بلى ستظهر حقيقة كل الذين يلبسون الاقنعة المزيفة الذين يحاولون اظهار انفسهم انهم برتدون ثوب القداسة والعفة لكن في داخلهم ما هي الا رغبات شريرة لاتهتم اركان المصلحة العامة ، لان اللاهوت المسيحي والمنطق يقول ان الله لا يتنازل عن الحق (2) الا اذا وصل شكنا في عدم وجود هذا الاله نفسه .
..............
1- مثل فضائح الدول ورجال السياسة التي ظهرت في موقع ويكي ليكس الاخيرة.
2- اذا درست هذه القوانين بعمق ستجد ان جوهرها مستنبط من اللاهوت المسيح الذي يعطي الحق لكل انسان بل كل مخلوق حق الوجود وحق في حمايته من قبل الاخرين
3- ان الله مثل النور لا يمكن اخفائه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية