الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواسم الثلج والنار / 2

كاظم الشويلي

2011 / 5 / 26
الادب والفن


مواسم الثلج والنار / 2

ابتسمت لها ، هززت رأسي بالإيجاب .... نعم يا ستي انا كاظم الشويلي
ضغطت وداد على عتلة الباب الأمامي وسحبتها .... جلست قربي ، وقد نسيت تحذير زوجتي ( إياك يا كاظم ان تجلس هذه المهندسة بالقرب منك ) باغتني العطر الفرنسي الذي نقلني دون سابق إنذار إلى عوالم أخرى ، جاءني صوتها يحيني : صباح الخير .

أجبتها وأنا أتطلع لوجهها لأول مرة بأدب وحياء :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

كانت ترتدي قميص وردي شفاف و بنطال جينز ، استعذت بالله من الشيطان الرجيم ، وراحت أناملي ، دون شعور مني تبحث في المذياع عن اذاعة بي بي سي اللندنية ، جاء صوت المذياع الصاف وهو يقول :
قتل اليوم 17 شخصا وجرح 35 من المارة اثر انفجار سيارة كان يقلها إرهابي في منطقة العلاوي .... وعلى صعيد أخر ....


كان الجو باردا وأنا أتألم للوضع الأمني المنفلت ، كنت أصغي للأخبار وأقود سيارتي على مهل حيث بدأت حبات المطر بالنزول تدريجيا ، قالت وداد :

ممكن أن تغلق النوافذ .

ثم استدركت :

هل يوجد في سيارتك جهاز تدفئة ؟

أجبتها : نعم ست... ألان اشغله .

راحت أناملي تبحث عن التدفئة ... بينما راحت أناملها تضغط على زر النافذة لتغلقها ...
ونحن نجتاز شارع المطار ، وقد اشتدت الأمطار ، أصبت بالإحباط والقنوط ، استغفر الله لا يصاب بالقنوط إلا القوم الكافرون ....
التفت إليها وأنا اخبرها :

اشتغلت التدفئة ياستي .

ابتسمت وهي تشكرني ....

كانت تعلك غير مبالية ، و هناك طبقة كثيفة من احمر الشفاه مرسومة بدقة على شفتيها ، ربطة رأسها تخفي خصلات شعرها الماروني الذي تطاير منه جزء يسير ...

يسرقني صوت الراديو :
وقد اكتشفت الشرطة العراقية 12 جثة في نهر دجلة ...

حدقت في السماء كانت هناك طبقة كثيفة من السحب السوداء ...

امتدت أنامل المهندسة وداد ، إلى المذياع وراحت تعبث بموجاته ...
جاء صوت قران كريم ...
استمرت بالبحث ... دعاء ..... لقاء إذاعي .... طبيب يتحدث عن أنفلونزا الخنازير ... أخبار ثقافية ... صوت مغنية كانت يصدّح بصوت رخيم ، تركت المهندسة وداد المذياع وكأنها اطمأنت للأغنية ، جاء صوت المغنية يهز أركان السيارة :

كان يا ما كان .... كان يا ما كان
الحب مالي بيتنا .... و مكفينا الحنان
زارنا الزمان ... سرق منا فرحتنا و الراحة و الأمان
حبيبي كان هنا ... مالي الدنيا عليا
بالحب و الهنا
حبيبي يا أنا يا اقرب مني ليا نسيت مين أنا
أنا الحب اللي كان ... اللي نسيته قوام .... من قبل الاوان
نسيت اسمي كمان ... نسيته يا سلام على غدر الإنسان
والله زمان يا هوى زمان ...


أحسست ان هناك جبلا من الحزن تحمله هذه المرأة التي سوف اجبر على مرافقتها إلى ان يشاء الله .

لمحتها بزاوية عيني كانت تنقر على حقيبتها برفق مع أنغام الموسيقى ، كأنها تريد أن تنفجر من الأسى ..... لكن يجب علي أن لا أتطفل ... و أقود سيارتي بهدوء ورزانة ووقار ...
قالت دون تنظر لي : هل تدري ؟
أجبت مبهوتا وفي رأسي تجري ملايين المعادلات الرياضية تخمن ، ماذا تريد ان تنطق المهندسة وداد : لا ادري ستي ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07


.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب




.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج


.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت




.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال