الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة المشاهير في خدمة الثورة المضادة

مصطفى مجدي الجمال

2011 / 5 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


منذ ثورة 25 يناير والشعب المصري يسهر كل يوم حتى الفجر تقريبًا.. متابعًا للبرامج الحوارية التي يطلق عليها في الإعلام الغربي "برامج التوك شو".. وتتسابق هذه البرامج لكسب أكبر عدد من المشاهدين، من أجل الحصول على أكبر حصة من الإعلانات التجارية..
ويبدو أن من أهم أهداف هذه البرامج أيضًا خلق نخبة من المذيعين والسياسيين والصحفيين تحاول جاهدة ملء الفراغ الذي تركه أذناب وأبواق النظام السابق في الإعلام.. وإن كان البعض من أولئك الأذناب المقطوعة والأبواق المخرومة يحاولون تغيير اتجاهاتهم شكلاً وتقديم أنفسهم كأنصار متحمسين للثورة..
من المؤكد أن شخصيات كبيرة كانت تملأ الفضاء الإعلامي قد ذهبت أدراج الرياح مع أولياء نعمتهم السابقين.. فغابت أو شحبت نجوم مثل محمد كمال وتامر بسيوني ومصطفى الفقي وعلي الدين هلال وعبد الله كمال وعمرو عبد السميع وعبد اللطيف المناوي وسيد علي.. وكذلك البعض من ممثلي الإعلام المزعوم أنه كان معارضًا ولكنها كانت معارضة محكومة وقامت بوظيفة شغل المواطنين بالجزئيات والحوادث الصغيرة بعيدًا عن القضايا الرئيسية..
ونشاهد اليوم عدة طوابير جديدة من المتطلعين والمتشوقين يقاتلون بشراسة من أجل احتلال المساحات الفارغة.. ويمكن للكاتب أن يقدر أن هناك ما بين مائة ومائتي شخصية يتم تداولها على القنوات الفضائية الآن فيما يشبه لعبة الكراسي الموسيقية.. وأزعم أن المواطن البسيط الذي كان وقود الانتفاضة وفي صفوفها الأولى.. غائب تمامًا عن كل هذا الصخب الإعلامي.. حتى أن معظم من يدخلون على هذه البرامج عبر الهاتف يتم الاتفاق معهم مسبقًا..
واقع الحال أن القوى الرأسمالية الكبرى المتحكمة فعليًا في مصر تبحث بشغف عن شخصيات جديدة لقيادة الرأي العام، بعد أن انكشف نفاق وفساد الكثيرين ممن ارتبطوا بالنظام البائد.. وتحاول الاحتكارات الاقتصادية الكبرى في مصر خلق وجوه أو نجوم جديدة تكون مقنعة للشعب وقادرة على الالتفاف على الثورة..
وتستفيد هذه الاحتكارات الرأسمالية المصرية، وحلفاؤها في الغرب، من حقيقتين:
الحقيقة الأولى: أنها تملك عددًا كبيرًا من الفضائيات الخاصة التي اكتسبت مصداقية عن القنوات الحكومية التي أهدر النظام البائد جدواها من خلال طريقته الأحادية الغبية في إدارتها، فضلاً عن قنوات أجنبية عديدة بادرت إحداها إلى تخصيص قناة للبث المباشر عن الثورة المصرية.. ويتيح هذا العدد الكبير من الفضائيات الخاصة إمكانية التنقيب عن وجوه إعلامية جديدة لصياغة الرأي العام، وتجربتها عمليًا لاكتشاف من هم الأكثر جدوى.. واليوم هناك مثلاً الفضائيات المملوكة لأغنى أسرة في مصر، والفضائيات المملوكة لزعيم حزب الوفد، ثم الفضائيات المملوكة للتيارات السياسية / الدينية الإسلامية والقبطية بكل تلاوينها..
والحقيقة الثانية تتمثل في أن الثورة المصرية ضمت حركات وجماعات كثيرة جدًا، تتسم غالبيتها بعدم وجود بنية تنظيمية واضحة، أو برامج متكاملة لها.. ومن هنا يبرز دور الأفراد أو الزعماء.. فأصبح على صيادي الإعلام الرأسمالي مغازلة الزعماء الجدد، أو التضخيم العمدي في أدوار بعضهم، ثم إظهارهم بشكل ملح في البرامج الحوارية.. ومن ثم تحويلهم إلى نجوم يمكن استيعابهم في شبكات المصالح فيما بعد، وبالتالي تسخيرهم للتحكم الناعم- إن صح التعبير- في الرأي العام..
والأمر الذي يزعجني شخصيًا هو نجاح تلك الآليات في إثارة التناقضات والمشاحنات وحتى مشاعر الغيرة بين القيادات الشابة الثورية.. بل وأصارحكم القول إن الغرور قد ركب بعضهم حتى أنه أصبح يتعامل مع جماعته المباشرة بطرق إملائية..
والملفت للنظر أن الوجوه القديمة النافذة إعلاميًا قد أصبحت تواجه منافسة حادة من وجوه جديدة تدعي لنفسها تمثيل الثورة.. فإلى جانب عمرو خالد وخالد الجندي وعصام العريان مثلاً تصاعدت بسرعة الصاروخ نجومية صبحي صالح ومحمد حسان والحويني ويعقوب.. وإلى جانب حازم الببلاوي وطارق حجي وأيمن نور ظهرت وجوه ليبرالية لامعة وأكثر مصداقية لدى الغرب مثل البرادعي وعمرو حمزاوي.. بل إن كوكبة من أساتذة العلوم السياسية يتطلعون مباشرة إلى الالتحاق بمجلس الوزراء الحالي والمجلس العسكري فأطلقوا مبادرة اعتبروا أنفسهم بمقتضاها التيار الرئيسي في المجتمع، ورحب عصام شرف بهم، والأدهى أن مذيع قناة الجزيرة هو الذي كان يدير مؤتمرهم الإعلامي..
قد يقول القارئ لندع مائة زهرة تتفتح مثلما يقول المثل الصيني الشهير.. وقد أقول معه ذلك.. فأنا لا أدعو إلى المنع أو التشويه بطبيعة الحال.. وإنما أحاول التنبيه إلى أن صناعة النجوم والمشاهير صناعة معتمدة في الإعلام الغربي والرأسمالي عامة.. وتهدف هذه الصناعة إلى خلق عدد محدود نسبيًا من قيادات الرأي العام، الذين يصبحون مثل الأيقونات أو الماركات "السياسية" الهادفة إلى تنميط الجمهور وحشده على طريقة العلاقة بين الشيخ والمريدين، ومن ثم توجيه دفة الأحداث في اللحظات التاريخية الحرجة..
أما الفقراء والمواطنون البسطاء الذين دفعوا أبهظ الأثمان تحت سياط الدكتاتورية ثم من أجل انتصار الثورة وتأمينها.. فهم مثل الأيتام الذين لا يجدون من يعبر عن مصالحهم المباشرة ومن ثم أدعو إلى حل جذري لمحاولة الإعلام سرقة الثورة.. وأتصور أن هذا الحل يكون عن طريق بناء أحزاب سياسية وروابط نقابية واجتماعية يجد فيها الجمهور نفسه، وتقوم على البرامج السياسية والأنشطة النضالية، ولا تقوم على زعامات كاريزمية الكثير منها مصنوع، وبعضها قابل للشراء والتطويع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ