الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطان متوازيان

رحاب ضاهر

2004 / 11 / 4
الادب والفن


تحدق "زهرة " في السقف, تنظر إلى نقطة محددة لا تنقل بصرها عنها, تبحث داخلها عن شيء ما لكنها لا تجده, ? تبقى تحدق في النقطة. ينطلق منها خطان متوازيان يسيران بسرعة, تتابع الخطين ثم تنقل بصرها إلى النقطة فلا تجدها ? ولا تجد ما تبحث عنه. إنه أبعد ما يمكن لبصرها أن يتقاطع معه.
كانا في لحظات تقاطعهما الجنونية يرتفعان ، ينخفضان ، يستلقيان ثم يتوازيان, يجمع شوقه , حبه وردةً حمراء يرمي بها على قدميها طالباً منها الزواج, تلتقط الوردة و تلتهمها ثم تمسح بقايا الدماء عن فمها و تقول له:
- الحب و الزواج خطان متوازيان لا يلتقيان أبداً, وإذا التقيا لابد أن يُلغي أحدهما الأخر.
كان عليها أن تمحو "سليم" من سقفها, وتبعده من أمامها حتى لا تتحول علاقتهما إلى خطٍ متعرج يسير بكدٍ و مشقة, لا تريد أن تبقى ثابتة لا تتحرك و تقضي زهرة شبابها تدفع أقساطاً للبيت وللعفش, وتحلم بأشياء تبقى بعيدة المنال, وتؤجل ابتسامتها لآخر الشهر أو لأول الشهر, ترسم دائماً خطاً مستقيماً يتجه للأعلى, لا تريد أن تكون نسخة جديدة عن والدتها التي يملأ الذبول وجنتيها, تغض الطرف عن كماليات العيش الضرورية من أجل تأمين لقمة العيش, ولا تريد أن يكتسب "سليم" لون الأفول الذي يسكن جبهة والدها. تريد زواجاً "cash" نقداً, وليس حباً بالتقسيط... المميت.
كان يقف موازياً لها ممسكاً بخلصة من شعرها المتساوي الطول ويسألها لماذا لا تملك من اسمها سوى حروفه "زهرة" تنثر حروف اسمها في الهواء, تصير بلا اسم و لها شراسة اللبوات ، تنشب كلماتها في وجدانه:
- الزهرة تذبل كما الحب بعد الزواج, لن اصبر حتى اصل إلى أرذل العمر ليصبح لدينا بيت و سيارة و مجوهرات و ملابس من أفخم الماركات, عندما يصبح بإمكاني أن أشتري الأحلام تكون أمراض الشيخوخة قد بدأت تنخر جسدي, و يكون الحب فيّ انطفأ و الحلم غاب في زحام الأيام, ولا يبقى سوى انتظار النهاية.
يبتعد عنها حتى لا يشم كلماتها التي لها رائحة الأموات, تبقى شعرة عالقة على إصبعه يحتضنها فربما تكون تؤمن بالتفاعلات الكيميائية التي تمزج المواد مع بعضها بدلاً من نظرية الخطوط المتوازية, يسير معها ، يحاورها, يهب الهواء فتطير الشعرة إلى أعلى متخذة خطاً مستقيماً.
تتابع "زهرة" سير الخطين حيث اتجه "سليم" إلى أستراليا ليتزوج من ابنة خالته المقيمة هناك للحصول على الجنسية, يأكل الشوق جبهتها و هو يقول لها "وداعاً "
تتدحرج دمعتان متوازيتان على خديها تلتقطهما و ترمي بهما من نافذتها تسمع صوتاً يشبه الانكسار, لكنها تتابع سير الخطين, فالوقت يمضي سريعا ولا مجال لالتقاط بقايا الانكسار, والمكان لا يتسع للحزن فثوب زفافها يأخذ مساحة كبيرة من الغرفة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس