الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللقمة العربية

علي لطيف الدراجي

2011 / 5 / 27
السياسة والعلاقات الدولية


اللقمة العربية
بقلم: علي لطيف الدراجي
أخذت قضية القمة العربية التي فتحت لها بغداد ذراعيها مساحة واسعة وجدلاً بين إقامتها ومصادرتها وحظيت باهتمام إعلامي مثير وعلى مستويات شتى ليس لأهميتها القصوى من جهة او كون انعقادها تزامن مع اختمار عجينة التغيير ودخولها فرن الثورة من جهة اخرى وإنما لأنها لم تجد قبولاً لدى قادة الدول العربية الذين اعتادوا ان يجلسوا خلف أعلام دولهم ويتأرجحون بكراسيهم وعيونهم كالثعالب الماكرة ترنو نحو هذا وذاك. فباتت قمة بغداد كالعلكة في أفواه العرب ممن تحيروا من الحضور او عدمه لكي يطرحوا أفكارهم البالية بشأن مستقبل الأمة العربية وحظوظها في أحضان الولايات الأميركية، فالبعض أعرب عن سعادته الخجولة وآخرون التزموا الصمت لأنهم منغمسون في مشكلة الشارع العربي وصحوته بوجه الإرادات السياسية الفاسدة.
اما الإعلام العراقي فنجده يدق على (الرق) تارةً ويصفق تارةً اخرى والإبتسامة تلوح على شفاهه وكأن القمة هي المولود الذي سيأتي بعد رحلة علاج مع العقم وينهي معضلة هذه الأمة الراقدة على سرير الإحتضار وشاطرهم بهذا الأمر عدد من المحللين السياسيين الذي يغنّي كل واحد منهم على ليلاه ويرى مالايراه الآخرون ويطرح أفكاره بدقة المسطرة ويتحدث عن مستقبل العراق وعلاقاته في النطاق الإقليمي وفق مارآه هو ولكن بعين واحدة وبعيداً عن المنطق وحدود العقلانية.
قبل أيام استضافت الفضائية العراقية احد المحللين، ممن يجد نفسه وكأنه واحد من عظماء عصره في مجال التحليل السياسي، اذ حدد من خلال اللقاء الخطوط العريضة للعلاقات العراقية_ الخليجية ووجد ان من مصلحة العراق الإنفتاح اكثر على دول الخليج وتطوير آفاق التعاون معها، وفي مقدمة هذه الدول محور الشر في المنطقة العربية(السعودية) التي جعلت من انتهاك حقوق الانسان رمزاً لها وأعادت إلى الأذهان فكرة الغزو والغنائم والتدخل في الشؤون الداخلية لدول اخرى عن طريق الحل العسكري بواسطة(درعها) اللعين الذي لايميز بين الأعتداء الخارجي وبين ثورة المظلوم على الظالم كما هو حال محللنا السياسي البارع!!
اما الكويت التي لم تترك العراق وشعبه بحاله منذ غزو صدام وحتى يومنا هذا وتريد ان تعاقب بلدا وشعبا على جريمة ليس للعراقيين يدٌ فيها فبرعت في صياغة مصطلحي(الديون والتعويضات) واجادت في النيل من العراق متى استطاعت، والكويت التي تكرم جنودها ممن اشتركوا في احتلال العراق تحت مظلة الغرب يقيناً لن يمر يوم إلا وهي تصلي وتدعو في صلاتها على نسيم العراق فرضاً فرضاً.
ومن بقي من دول الخليج فهم لايختلفون كثيراً عن الشيطان الأب ، فالفساد والكفر والظلم يلم شملهم كالضباع التي تجتمع على بقايا الفريسة وهم ايضاً لايختلفون عن بقية الزعماء العرب في غرس أنيابهم في أرجل الكرسي الذي أرهقته اوزانهم الثقيلة وسنوات حكمهم السوداء وتشبثهم بالحكم ماهو الا دليل قاطع على سطوة الظلم التي جعلها الإعلام المزيف صورة زاهية في عيون الأخرين...
ولم ينسى محللنا دولة قطر التي قال عنها بإنها صغيرة في حجمها كبيرة في جزيرتها ويقصد بقناة الجزيرة وهي واحدة من البنى الطاغوتية التي برع آل ثاني في تشييدها وجعلوا منها مصدراً لتسويق الإرهاب ضد العزّل والآمنين تحت شعار(المقاومة) و(الجهاد) واي مقاومة تلك التي تهدم الجوامع والبيوت وتقتل النساء والأطفال وتنشر الرعب في كل مكان.. حتى غدت المتحدث الرسمي باسم اغلب الجماعات المسلحة المتطرفة..
الم يعي هذا المحلل دور قناة الجزيرة في ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا وكيف تغطي الأحداث هناك بكل(حرفنة) وكأنها(الوصية) على هذه الدول ولكنها تغض البصر عن كل مايجري في البحرين ولم تكترث لما يحصل للشعب البحريني وهو يعاني من جور آل خليفة وتدخل(شر الجزيرة) عسكرياً واحتلاله للأراضي البحرينية لكي تصد "اعتداءً خارجياً" .. علما أن هذا "الاعتداء" يقوده الشعب لا لكي يتقاسم السلطة مع آل خليفة وإنما لكي ينعم بشئ من الحرية ويخلع عن رقبته حديد الظالم وتعسفه.!!!!!
إن أسلوب العرض الإعلامي لهذه القناة هو تعبير عن الموقف السياسي لدويلة قطر تجاه الحركات الشعبية في الوطن العربي وطالما ان قطر هي(ريختر) أميركا التي يقاس به قوة الهزة الأميركية وردة فعلها لكل مايحدث في المناطق التي تعرضت للتغيير،فقطر هي الوجه الثاني لأميركا وماقاله المعلق القطري(خالد جاسم) لايدعو للأستغراب عندما قال بان قطر هي كل العالم عقب خسارة المنتخب القطري امام نظيره الأوزبكي في افتتاح بطولة أسيا 2011التي جرت في الدوحة، لابل كان واثقاً من كلامه ولم يكن للتوتر مكان في طيات تفكيره وهذه هي الحقيقة التي لابد ان ندركها جيداً، فهذه الدويلة الصغيرة في حجمها الكبيرة في جزيرتها،العظيمة في(سيليّتها) حيث تحتظن واحدة من كبريات القواعد الأميركية لها ايضاً رئة تتنفس من خلالها دهاء الصهيونية ومكر إسرائيل...
إن محللنا السياسي هذا كان من الأجدر به ان يختصر الطريق ولا ينظر إلى مصلحة العراق من خلال عين الخليج واجفانها ورموشها المتدلية وانما من خلال(اسرائيل) لكي تنام العيون بهدوء فوق الوسادة ولن نفكر ابداً بعدوٍ يطرق الباب طالما أصبحنا قريبين من(الطاليت) ونشارك أصدقائنا(عيد التلمود)، فالخط المستقيم هو اقصر طريق لكي تصل الى الهدف ولاحاجة لكي تمر عبر نقاط وانحناءات وزوايا، فالطريق معروف وربما لا حاجة إلى الإشارات المرورية التي تحتاج بدورها إلى تفسير....
إن مصلحة العراق ليست مع الطاغوت لأنه عقبة في طريق التقدم وليست مع دول الخليج ممن يستحلون حرام الله ويذبحون كرامة الإنسان بدم بارد، والقمة التي يجلس على طاولتها السفاحون والقتلة وسارقوا اموال المظلوم الى جهنم وبئس المصير، فبغداد لن يشرفها ان تحتظن هؤلاء الطواغيت الذين هدموا الإنسانية وقوضوا العدل وباعوا الإسلام بثمن بخس لكي يحظوا برضا اسرائيل حتى وان سالت انهار من الدماء والدموع.
لقد عشنا سنوات الطاغوت بكل تفاصيل مرارتها وسوداويتها ولانريد ان نجامل من جعل من الطاغوتية كابوساً على صدور الشعوب وعاث بالأرض فساداً ولانريد من بغداد ان تخاصمها الشعوب التي تكابد الظلم وتقاتله في الشوارع ولانريد من بغداد ان تتلاعب بثمن دم الشهيد الذي امسك الطاغية من تلابيبه وانزله الى وحل بؤسه وشقائه وحطم أسوار الخوف والعذاب وقوافل الحزن...
إن العرب الذين رقصوا على جراحات العراق وزرعوا الخوف في شوارعه ومدنه واسالوا الدمع والدم معاً فغرق التأريخ بمآسٍ ناح لها الكون وأرادوا لنا الموت ولهم ان يعيشوا بالحكم المغتصب.. ماذا يعني وجودهم في بغداد وجراحاتها لم تندمل بعد و آماق العيون لم تبرد... وأنت يا محللنا ماذا تعتقد هل ان القادة العرب سيحملون معهم حلولاً لنا وللأمة العربية وهم من أغرقها بالخيبة والخذلان... أم سيزيدون من تراكمات أنّاتها بالمزيد من التنازلات والتقهقر....
أن اللقمة العربية التي تجعل لبغداد لحظة عتاب مع الزمن من الأجدر ان ندعها لمن يستحقها لكي يحظى بها فربما تخنقه....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع