الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى العم فيدل

علي شايع

2011 / 5 / 27
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


دهشت صبيحة يوم 2011 / 5 / 25 وأنا أراجع كتابة نشرتها في موقع الحوار المتمدن لأجدها إلى جوار مقال لكم حضرة العم فيدل كاسترو رئيس جمهورية كوبا السابق.
مردّ الدهشة ؛ طموح قديم إلى رؤية رجل صاحب تجربة يكتب وجهة نظره عن ما يحدث، بعد أن تقاعد السياسة كعمل، وبدأ بكتابة تأملاته عن عوالمها. تلك الرؤية التي ينتظر منها أن تكون مختلفة وتعكس وجهة نظر قيد النقاش، وفيها ما يسمح للناس جميعا بتبادل الرأي، خاصة وهي منشورة في موقع يحمل اسم "الحوار المتمدن" ونال جائزة في الفكر الحر للسنة الماضية، وهو منتدى قارع الديكتاتوريات بعمق ووعي كبيرين، وله ما يميّزه بأرشيف واسع، أحتفظ فيه بكتابات منذ (2003 / 7 / 30) والى الآن، سيشرفني تفضلكم بالإطلاع عليها لمعرفة غاية كتابتي لكم.

العم فيدل.. قرأت مقالكم الموسوم (قدر مبارك محتوم)..الكلمات الثلاث في العنوان لهن دلالة لغة دينية في المتداول الأدبي العربي، فالقدر قدر، ومبارك من التبرك، والحتم حتم اللحظة أو الساعة أو القيامة التي لابد منها..أردتُ القول إن كلمات العنوان فيها استقراء وعظي يتجاوز الحكمة الدينية إلى حكمة رجل خرج من السياسية لينظر لها من مشارف العمر والخبرة الكبيرة، ومن نوافذ الحكمة. و في كل الأحول كان المقال نبوءة لأن (قدر مبارك) أصبح بعد عشرة أيام من كتابة مقالكم (مباركاً) لملاين المصريين بل وكل الحالمين بغد أفضل لخرائطنا الضاجة بالبؤس والشقاء، وها أنت ترى وتسمع ما يجري في ليبيا واليمن وسوريا وستطول قائمة الدم في طريق الحرية.

"ليس كلّ ناج حكيماً"..هكذا يقول متصوف عربي قديم، وهؤلاء(القادة) لم يخلصوا لنجاتهم ليكونوا حكماء بعدها.. دعنا من أكثرهم ولنبحث عمن يتسع الوقت الآن ليكونوا من حكماء النجاة في المأزق الصعب..إذ النجاة هنا ليست نجاتهم لوحدهم بل نجاة من يجنبوهم مصير الحرب والدم والعنف.

ليتك وأنت من معشر (الكتّاب) و معشر الناشرين (الصحفيين) ؛ لحظة تنشر معهم، فتكون بينهم حاملاً فانوس (ديوجين) الباحث عن الضوء، او الحقيقة. فكم ذا يتمنى عليكم أكثرنا في مثل هذه الساعة إسماع من سيسمعكم من (قادة) لا زالوا يصرون- ذهاباً- الى قدرهم المحتوم كدكتاتوريين، وليتهم يسمعون منكم، ولعلّكم تشفعون لمصير من يواجهنهم من الكتّاب وخيرة الفكر، كشركاء في التأمل الحرّ، فها هم يا سيدي الكريم يهدمون الحروف بالمعاول، ويطاردون الصحفيين بالدبابات.

العم الفاضل.. أقطع جازما إنكم تدونون تأملاتكم لغاية نبيلة سامية، لذا أعتقد إن أسئلتي -ومن يساند رأيي- ستكون مشروعة..ولست ممن ينطبق عليهم المثل القائل: حتى تصبح رجلاً مشهوراً عليك أن تلقي بنفسك تحت عربة رجل مهم. مثل ساخر جدا، لكنّه لا يحد من إصرار المصرّين على إقحام المشاهير وإنزالهم من عرباتهم إلى شارع تواق للمواجهة الحتمية.

"السيد الرئيس" وأنا أخاطبك بهذا النداء أتذكر عنوان رواية المبدع الكبير(ميكل أنخل أستورياس)، هذا الروائي الفذ حصل على جائزة نوبل في السنة التي ولدت فيها (1967) وبقي ممنوعا في بلدي العراق، لكني اطلعت على الرواية سرّاً في منتصف الثمانينيات القرن الماضي، طالعته وأنا جندي يحمل العتاد والسلاح على ظهره في معارك خاسرة لازال بعض شظايا حديدها في جسدي، يصدر رنينا في المطارات كلما عبرت حواجز التفتيش ظناً منهم بإرهابية وعنف أنا في الأصل من ضحاياه.
كنت في عشرينيات العمر ومعي جمهرة من شباب طالعنا تلك الأعمال الخالدة، أملاً في لحظة اندحار لديكتاتورية أشد رعباً مما خطّه الروائي الصانع الخبير..ذلك الغواتيمالي..أتذكّره وأحتفظ إلى اليوم بنسخة من ذلك العمل وتعريفه لشخصية الطاغية، وهو يصوره بدقة، مبينا معالم وطقوس حياة مستبد يطغي بشهوانية السفاحين، يقرّر الإنتقام والقتل كما لو أنه يتجرّع كأساً من شرابه المفضّل، وهدوء لحظاته وهو يأمر بأصعب الأوامر كما لو أنه يستمع إلى أسطوانات موسيقى كانت تأسره، نسائه كثر، وحاشيته مجاميع من لصوص وقتلة، مقربوه من رعاع وجهلة لا هم لهم غير المال والجنس والصفقات الشائنة. والشعب الذي يقع تحت نير سلطته وبطشه، بائس ومرتهن للحلم والأمل، يكابد ألآمه بمشقة يبدع (أستورياس) أيما إبداع في تصويرها، وأظنّكم من قراء تلك الملحمة لأنها رفعت الأدب اللاتيني إلى مصاف العالمية بمهابة تكرّرت لروائيين لاحقين بعضهم من أصدقائكم مثل غابريال غارسيا ماركيز.

مناسبة الحديث عن "السيد الرئيس" ل أستورياس، أسوقها في سياق الحديث عن نكباتنا العربية تحت المثال ذاته، في ما أمعنت به الحكاية من مشاهد يمكن أن يزيد عليها كلّ مواطن عربي عشرات القصص، حتى ليبدو طاغية (استورياس) متعلم صغير في حضرة طغاتنا العتاة ممن تفنّنوا واستحدثوا طرقاً في الفتك والرعب ما سبقها أليهم من أحد.

العم فيدل..
خطابي لكم خطاب من لا يريد الخوض في سيرة شخصية لأي طاغية، لكنكم بالتأكيد وبحكم تجربتكم الطويلة ونفوذكم في السلطة والحكم في ظروف مختلفة وأكثرها صعب، تمتلكون تصوراً هاماً نريد أن نعرفه من لدن حاكم سابق، وهي مسائل تجدّد في النفس رغبة السؤال:
ترى كيف يرى العم فيدل بعد تجربة العمر، مشروعية حقوق من يطالبون بالحرية والديموقراطية في العالم العربي؟.
وهل ثمة نظرة خاصة غير السائد، تحدد مسارات ما يجري وفق اعتبارات ورؤية مغايرة لما يدور من تحليلات سياسية؟.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة (المشهورة عربياً) برأيكم ألا تمتلك الشعوب الحق في تقرير مصيرها؟.
وهل امتلك العم فيدل أن يكون هو (الآخر) المنتفض لحظة يراه عبر التلفاز؛ يعتصم ويواجه الرصاص لينتصر؟.
على ماذا بحسب رؤيتكم يستند القادة (الطغاة) الآن في رهانهم.. ومن سيربح في النهاية؟.

شكرا لكم أيها العم الفاضل وأهديك السلام محملاً بعبق الحرية والأمل بعالم أفضل.

قبلة لتراب كوبا!..

==========================

قدر مبارك محتوم
فيدل كاسترو
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260424








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يسقط نتنياهو بعد الفشل في تحقيق هدفه المعلن بالقضاء على ح


.. فرحة سورية من عودتها لبلادها بعد 14 عاما من التهجير




.. عائلة الأسير المحرر منيف أبو عطوان تحرم لقاءه جراء إبعاده إل


.. مهرجان لاستقبال 3 أسرى محررين في قضاء جنين




.. -مستر بيست- يدخل معركة شراء -تيك توك-