الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هدم الأطر الثقافية التقليدية الحاكمة للمجتمع المصري (1)

خالد كاظم أبو دوح
أستاذ جامعي

(Khaled Kazem Aboudouh)

2011 / 5 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يشير مفهوم الثورة إلي شكل من أشكال التغيير الجذري الذي يؤثر علي كل جوانب الحياة، ويعيد تشكيل العلاقات (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية) علي أسس جديدة. وغالباً ما يبدأ هذا التغير الجذري بتغيير شكل الأبنية النظامية للقوة، أي بتغيير النظام السياسي، وهو تغيير قد يتم في وقت قصير نسبياً بحيث لا يصدق المرء أن التغيير قد حدث فعلاً. وينذر هذا التغيير في النظام السياسي بتغييرات تستغرق كل أوجه الحياة، وهي تغييرات تتوالي لتحدث تحولاً بالجملة.

إلا أنه لا يمكن إنجاز هذا التحول الشامل الذي تسعى إليه الثورة وأصحابها بالوسائل السياسية وحدها؛ كما لا يمكن لهذا التحول أن يقتصر على المضامين السياسية فحسب، وذلك لأن المجتمع القديم لن يظل متماسكاً بواسطة القوة والعنف، أو بواسطة الحيل والتدابير وحدها. بل يحافظ المجتمع القديم على بقائه من خلال النظريات والإيديولوجيات. لكونها تؤكد سيطرته على عقول البشر، الذين لا يمسكون ألسنتهم حينئذ عن نقده فقط، ولكنهم يستسلمون له عن رغبة كذلك. ومن ثم سوف يكون من المستحيل تحرير البشر من المجتمع القديم أو بناء مجتمع إنساني جديد، بدون أن نبدأ هنا والآن، في تأسيس ثقافة كلية مضادة، تحتوي على نظريات اجتماعية جديدة ومن المستحيل أن نحقق ذلك بدون نقد النظريات الاجتماعية المسيطرة اليوم.

ولتكن البداية التأكيد على أن جوهر محنتنا هو أنه بأدينا وبطبيعة ثورتنا المفاجئة المتميزة، وبموقعنا على خريطة العالم نعني للعالم الواسع أكثر بكثير مما نقدر على تحمّله. لهذا وجب علينا أن نغير طبيعة العلاقة التقليدية بين الدولة في مصر والمجتمع، لابد للمجلس العسكري أو الحكومة أو الدولة المستقبلية الخروج من المأزق المتفاقم بين مطرقة الخارج وسندان المجتمع، لقد دأبت جلّ أنظمتنا في كل مرة خُيرت فيها بين الرضوخ للضغط الخارجي والاستقواء بمجتمعاتها، على تفضيل التنازل للآخر بدلاً من التنازل لأهلها. لذا وجب الاستمرار في الثورة لقلب المعادلة، وتغير الأطر الثقافية الإمبراطورية الحاكمة لطبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع، والتأسيس للدولة المدنية التي تقوم على العقد الاجتماعي، ذلك العقد المتفق عليه فيما بين أغلبية مقبولة.

ولابد أن يتضمن هذا العقد حقوقاً للدولة على المجتمع في حماية الاستقلال السياسي والمالي والثقافي، ولكنه يتضمن أيضاً واجباً على الدولة باعتبار المجتمع شريكاً، له الحق في مساءلة الدولة على خياراتها، وطبعاً تغيير قياداتها إذا رأي ذلك. هذه أول الأطر الثقافية الحاكمة لطبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع في عالمنا العربي، والتي تحتاج قبل غيرها إلى اقلاب مفهومي عميق، فالثقة بين الدولة والمجتمع شهدت خلال العقود الأخيرة انخفاضاً حاداً بكل المقاييس المتوافرة، تلك الثقة التي لن ينجح بناء دولة الثورة إلا بالإستناد إليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق سلامة منشآت أصفهان النووية من الانفجارات


.. وزير الخارجية الإيراني: نتوعد إسرائيل برد فوري وعلى أعلى مست




.. قتلى ومصابون في استهداف صاروخي روسي لمدينة دنيبروبتروفسك الأ


.. أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر




.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل