الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل سياسية في ميناء !

جمال الخرسان

2011 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


رسائل سياسية في ميناء !

لاشك اننا في العراق لانتعلم من اخطائنا ومصرون على تكرارها للمرة الالف، فهذه واحدة من النتائج الثابتة في معظم تجارب العراق السياسية ومراحل تحولاته الكبرى في القرن العشرين بل ان القصة تكاد تتكرر حتى بعد مرور ثمانية اعوام على سقوط صدام .. ليس في ذلك ما يثير الدهشة فالواقع شاهد حي على ذلك، لكن هذا المرض العضال والظاهرة القاتلة لايبدو اننا نسير فيه عكس التيار ولسنا ممن يغرد خارج السرب، فجيرتنا ومحيطنا هم ايضا يصرون على تكرار اخطائهم للمرة المليون .. وكأن قدرنا ان ندور في دوامة من الاخطاء كلما اردنا الخروج منها سقطنا فيها من جديد!
قد نحتاج شيئا من جلد الذات في هذا السياق .. الصدمة وحدها ربما تكون كافية وقد لاتكون ... ان اخطاء الماضي وخطاياه الكثيرة جدا لاتحتاج اكثر من مجرد تذكير عابر لحقبة زمنية لم يمر عليها سوى بضعة عشرات من السنين! .
ميناء مبارك واحد من تلك الخطوات .. التي لاتثير الا الجدل ولاتؤدي الا الى مزيد من الكراهية، تلخص طريقة تعامل البلدان العربية فيما بينها وكانها لاتفضل الا لغة الاثارة السياسية والضحك على جراحات الاخرين! لايهم ان كان الميناء الكويتي الجديد واقعا في المياه الكويتية او كما يقول بعض المختصين بانه: يقضم شيئا من المياه العراقية المحدودة اصلا والتي لا تتناسب مع بلد كبير مثل العراق. بغظ النظر عن كل ذلك فان الخطوة بحد ذاتها في جميع الاحوال تعد استفزازية لبلدين لم ينتهيا حتى هذه اللحظة من عقبة ترسيم الحدود ولاحتى العلامات الحدودية، كما ان جراحات الحرب والدمار لازالت نازفة عند الطرفين، ولذلك فان المطلوب هو عكس ذلك تماما، بمعنى ضرورة خلق مساحات من المصالح المشتركة تساهم في ترطيب الاجواء وبداية جيدة بين طرفين بينهما ارث من الديون والتعويضات والمواقف المتصلبة. ما هي المصلحة المشتركة بين البلدين في ان تترك الكويت ساحلا يمتد لاكثر من 500 كيلو مترا، وتختار بقعة جغرافية للميناء الجديد في منطقة تمثل فوهة المنفذ البحري العراقي الوحيد الى العالم؟!

ليس المقصود بهذه الوقفة تصحيح طريقة تعاطي النخبة السياسية بضجيجها المعهود مع هذه المشكلة كما هو الحال ايضا مع مشكلات اخرى تتعلق بالكويت او ايران او غيرها من البلدان المحيطة بالعراق لكن انتقاد الموقف المتشنج الذي بدى واضحا في جباه الساسة العراقيين لايعني باي شكل من الاشكال التخلي عن مطالبات العراق بحقوقه الاقتصادية المهدورة وبحماية منافذه البحرية الضيقة والمحدودة جدا.
الغريب ان الطرف الكويتي وكلما اثيرت قضية بينه وبين العراق يلقيها في اطار الخطر الايراني وتنتهي الى نظرية المؤامرة الايرانية الكبرى التي يتطير منها الخليجيون شرّا بشكل يثير الاشفاق! ليس من المعقول ان يصمت العراق عن التجاوزات على ماله من حقوق سياسية واقتصادية لئلا يتهم بانه لعبة بيد ايران .. بعض النخب الكويتية ربطت بين الاعتراض على ميناء مبارك وبين شبكة التجسس الايرانية في الكويت واصبحت هذه اللعبة المكشوفة مملة جدا ومدعاة للسخرية! احيانا يشعرك الاخرون وكأنهم دمى تثير الدهشة في طريقة تعاطيها مع المتغيرات السياسية. من وجهة نظر العديد من وسائل الاعلام الخليجية فان ايران مسؤولة عن كل ازمات الخليج بما في ذلك ارتفاع اسعار ( الفلافل! ) وما الاعتراضات العراقية على بناء ميناء مبارك الا جزء من المؤامرة الايرانية، ويتخلى بذلك كل طرف عما يتحمل من مسؤوليات تجاه نفسه والاخرين!!
للاسف الشديد فان منطقة الشرق الاوسط تقود نفسها وبشكل جماعي مع سبق الاصرار والترصد الى الهاوية فنحن امة لاتريد ان تتعلم من اخطائها .. وما كان في يوم من الايام يدار خلق الكواليس طفى الى السطح وسقطت جميع الاقنعة وليست ثمة افق للخطاب المعتدل فالصراخ والصراخ المتبادل هو من يتسيد الموقف. كل مرة نريد للعراق ان يبتعد عن سياسة المحاور ولكن الخوف كل الخوف ان نكرر خطا عبد الكريم قاسم حينما اراد ان يكون محايدا في زمن لايسمح بالحياد فانسحب من حلف بغداد وانكشف ظهره فتخلى عنه الجميع .. وما يحصل قد يجبر العراق ان لم يستحدث له محورا ثالثا قد يجبره على الانحياز لخيارات يصارع من اجل ان يكون بعيدا عنها.
جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا