الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يأكل المصريون بعضهم بعضا؟

سعد هجرس

2011 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


نام المصريون واستيقظوا لتصدمهم أرقام مخيفة معناها.. علي بلاطة ـ أن مصر علي حافة الإفلاس، وأن رغيف الخبز يمكن أن يكون سرابا نجري للحصول عليه فلا نجده، وهو ما يمكن أن نستنتج منه أن المصريين علي وشك أن يأكلوا بعضهم بعضا، في ظل هذه المجاعة القادمة التي تبشرنا بها الأرقام المشئومة إياها.
وبالطبع.. فإننا لسنا ضد مصارحة الناس بالحقيقة مهما كانت هذه الحقيقة مُرّة، لكن هل هذه هي الحقيقة؟
الإجابة القاطعة هي: لا.. ليست هذه هي الحقيقة.
فمصر قادرة علي تجاوز الأوضاع الصعبة الراهنة، ليس هذا فقط بل إنها يمكن أن تحتل مكانها بين أفضل عشرين اقتصادا في العالم في غضون فترة لا تزيد علي خمس سنوات.
وليس هذا نوعا من خداع النفس أو التمنيات الذاتية، وإنما توجد العديد من الدراسات العلمية التي تؤكد أن مصر تمتلك من الإمكانات المادية والبشرية ما يؤهلها لذلك.
المطلوب فقط لكي يتحول هذا الحلم إلي حقيقة عدة أمور:
أولها استعادة الأمن الذي هو الشرط المسبق لكل نشاط اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي، فبدون هذا الأمن لا وجود لأي نشاط إنساني مثمر علي الإطلاق، واستعادة الأمن المفقود ليس بالأمر المستحيل، بل إن استمرار الغياب والانكشاف الأمني منذ 28 يناير حتي الآن هو اللغز الذي يستعصي علي الفهم، وهناك اقتراحات مدروسة عديدة توضح أن إعادة بناء جهاز الشرطة علي أسس عصرية ومهنية تحقق أعلي درجات الكفاءة وتلتزم في نفس الوقت بمتطلبات حقوق الإنسان والحفاظ علي كرامة المصريين ممكنة.. وبسرعة. وإذا كانت الحكومة الحالية عاجزة عن تحقيق ذلك فيجب عليها أن ترحل.
ثانياً: بالتوازي مع استعادة الأمن يستدعي إدارة عجلة الاقتصاد بكفاءة ـ في إطار دولة مدنية حديثة ـ وجود "رؤية" مستقبلية تشارك في بلورتها كل فصائل الجماعة الوطنية من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار وكل شركاء التنمية من حكومة وقطاع خاص ومجتمع مدني ونقابات عمالية وجمعيات رجال أعمال، ووضع استراتيجيات محددة ببرامج زمنية، لتحويل هذه الرؤية المستقبلية إلي خطط عمل متكاملة بأولويات واضحة.
ثالثا: لنا أن ننتظر من هذه الرؤية المستقبلية ـ التي يمكن أن تمتد لتغطي 30 أو 40 أو 50 عاما علي الأقل ـ أن تضع يدها علي مكامن القوة في الاقتصاد المصري التي يمكن أن تقود قاطرته، مثل مشروع تنمية وتعمير سيناء الذي يمكن أن يخلق فرص عمل للآلاف، ويستوعب كيانا سكانيا لا يقل عن خمسة ملايين نسمة "علما بأن عدد سكان سيناء حاليا لا يصل إلي نصف مليون نسمة"! ويوفر إمكانية زراعة ما لا يقل عن 400 ألف فدان صالحة للزراعة فورا وإمكانية إقامة مشروعات تعدينية هائلة جنبا إلي جنب مع التنمية السياحية.
ومثل مشروع منخفض القطارة الذي تؤكد دراسات علمية أنه كنز حقيقي يمكن أن يدر مليارات الدولارات سنويا.
ومثل الاستثمار الرشيد لقناة السويس التي نتعامل معها الآن باعتبارها مجرد ممر مائي، ودورنا هو "الكمساري" الذي يقوم بتحصيل رسوم هزيلة مقارنة بعشرات المليارات التي يمكن الحصول عليها سنويا، إذا ما تم تقديم خدمات بحرية حقيقية، وتوفير خدمات إصلاح وصيانة السفن، وغير ذلك من تسهيلات تدر المليارات علي مواقع أقل أهمية من حيث الموقع مثل "جبل علي".
ومثل الاستفادة بنعمة الشمس التي لا نستفيد بها وتقول دراسات علمية إنها كنز آخر.
ومثل تعميق الصناعة التي لا تساهم بأكثر من 17% ـ في أحسن الأحوال ـ من الناتج المحلي الإجمالي.
ومثل تحديث الزراعة التي مازالت بالغة التخلف والبؤس.
ومثل رفع طموحاتنا السياحية إلي خمسين مليون سائح "مثل بلد كإسبانيا لا يمتلك عُشر مِعشار كنوز مصر السياحية".
هذا كله ليس سوي غيض من فيض يمكن أن ينقل بلادنا نقلة كبري، ولكنه لن يتحقق من تلقاء نفسه، بل يحتاج إلي عمل شاق وجهد كبير قائم علي أقدام العلم والبحث العلمي، وتدعيم مناخ الاستثمار في مصر بكل ما يتطلبه ذلك من تحقيق للشفافية ومكافحة للممارسات الاحتكارية التي تحكم كل قطاعات الاقتصاد المصري الموروثة من النظام السابق، وإصلاح الهيكل المختل للأجور والدخول بوضع حد أدني إنساني للأجور وحد أقصي، وتعديل السياسة الضريبية بحيث تكفل تصاعدية الضريبة وفرض ضريبة علي أرباح المضاربات في البورصة وعلي أرباح الأموال الساخنة، وهذه بعض الأمور التي تحقق قدرا أكبر من العدالة الاجتماعية الغائبة والتي لا يستقيم أي نظام اقتصادي رشيد بدونها.
كما يستلزم الأمر نسف النظام التعليمي العتيق والبالي الحالي واستبداله بنظام عصري يشجع الابتكار والإبداع، ويلبي احتياجات التنمية من قوي عاملة ماهرة ومدربة تكون هي العمود الفقري للاقتراب من "اقتصاد المعرفة".
وبديهي أن ذلك يتطلب أيضاً التخلص من وصمة الأمية التي تشمل نحو 40% من المصريين، ولا ينكر عاقل مسئولية هذه الوصمة عن التشوهات في كل المجالات سياسية واقتصادية واجتماعية.
هذه كلها ليست "ينبغيات" مثالية، وإنما هي مجرد عناوين تشير ـ ولو من بعيد ـ إلي الآفاق المشرقة للاقتصاد المصري بإمكاناته البشرية والمادية الهائلة.
المهم أن نعمل من أجل تحويلها من عالم الأقوال إلي عالم الأفعال الجادة والمدروسة والمتكاملة.
وهذا ينقلنا إلي المصاعب الحالية ـ والمتوقعة ـ والتي هي جزء من تركة نظام الاستبداد والفساد المترنح.
هذه المصاعب يجب حلها بأسرع وقت، وهذا يحتاج إلي حكومة "إنقاذ وطني" لا حكومة "تسيير أعمال".
وهذا موضوع آخر سنتناوله بالتفصيل في مقال قادم.. وهو موضوع يضعنا أمام واجبات محددة، بينما تضعنا الأرقام المخيفة إياها في أحضان الثورة المضادة التي تقول لنا: ألم يكن ضمان رغيف العيش لكم في ظل النظام السابق ـ حتي لو كان مغموسا بالاستبداد ـ أفضل من مجاعة أبشع من "الشدة المستنصرية".!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العسكر الخونه
على سالم ( 2011 / 5 / 28 - 17:10 )
المشكله فى المجلس العسكرى الفاسد والتمبل والذى لايفهم شئ وهو جزء من نظام مبارك القبيح الدموى ,المجلس العسكرى الغبى افرج عن اللصه سوزان مبارك بعد ان نهبت المليارات ,يجب على المؤسسه العسكريه الثوره على القياده الفاسده وتقديمهم الى المحاكمه مع اللص مبارك وانقاذ البلد من شرورهم


2 - لا بد من إسقاط النظام أولا
سامي المصري ( 2011 / 5 / 29 - 19:09 )
من المؤكد أن مصر لا يمكن أن تتجاوز محنتها، أو يمكن البدء في العمل الوطني لإنقاذ مصر قبل تطهير مصر من الخونة والنظام الفاسد الذي يحميه ويدعمه بكل قوة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فقبل الإطاحة بهذا المجلس لا يوجد حل. المشكلة الكبرى أن هذا المجلس يضع الإسلاميين بل الإرهاب الإسلامي كقوة تحميه من الشعب المصري وثورته، ولذلك أخرجهم من السجون، بل وأحضر الكثير من الإرهابيين الفارين من مصر، والمحكوم عليهم بأحكام غيابية لاشتراكهم في جرائم مروعة ضد مصر، وقام المجلس العسكري بفتح لهم مصر ليدخلوها آمنين، ليكونوا السند للمجلس الموقر ضد الشعب المصري، وثورة الأحرار. لآ حل ل قبل إسقاط النظام الذي يتصدره اليوم المجلس العسكري؛

اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية