الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عادة حليمة إلى عادتها القديمة

زكرياء الفاضل

2011 / 5 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بعد فشل أسطورة استثنائية المغرب شنّ النظام المغربي حربا إعلامية، لاتزال مستمرة ختى الساعة، على حركة 20 فبراير، وعندما لم يبلغ مراده منها انتقل إلى أسلوبه القمعي المعهود أي عادت حليمة إلى عادتها القديمة. فقد عرف يوم الأحد الماضي تدخلا بوليسيا شرسا ضد احتجاجات أعضاء الحركة ذكرنا بماضينا مع عهد الرصاص. ولم يكتف النظام بهذا بل عمل على التهديد بالتصعيد من قمعه إن تحرأت الحركة على الخروج في احتجاجات أخرى يوم غد الأحد 29 مايو. إذا نحن على موعد مع مجزرة يوم غد الأحد.
لماذا تعامل النظام مع مظاهرة سلمية بهذه الوحشية رغم أنه كان يسمح بها من قبل؟ الأرجح أن الأنظمة الملكية التي حاولت إنشاء تحالف ضد الربيع العربي قررت التعامل مع هذا الربيع من زاوية سياسة المعيارين أي دعم الاحتجاجات داخل الأنظمة الجمهورية وقمعها داخل الملكيات. فنحن نرى كيف هذه الأنظمة الوراثية تدعم الشعب الليبي ضد نظام ملك ملوك إفريقيا بل وتشارك في القصف الجوي (ربما هذه الخطوة هي ناتجة عن رغبة إعادة الحكم الملكي لليبيا خصوصا وأنّ المتمردون على نظام القذافي يحملون علم الملكية) وكيف تدين العنف ضد الشعب السوري وكيف تحاول إقناع علي عبد الله صالح بالتخلي عن السلطة في حين نراها تبعث الجيوش إلى البحرين لقمع المتظاهرين وتدعو ملكيتين للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي بالرغم من أنّ إحداها تقع في شمال إفريقيا. إذا هو صراع إديولوجي بين مرحلة النمو الإقطاعي والبرجوازي وكأن التاريخ يعيد نفسه في منطقة العالم العربي. فهل ستفلح الأنظمة الإقطاعية العربية في توقيف عجلة التطور التاريخي ببلداننا أم أنّ هستيريتها هذه عبارة عن رقصة الديك المذبوح؟ مهما تكون النتيجة فإنّ البلاد المسماة بالعربية لن تبقى كما كانت وستفرض عليها تحولات مهمة تعيد للمواطن العربي كرامته وتحد من سلطة الحاكم العربي المطلقة في انتظار جولة ثانية تقفز بعالمنا إلى حضيرة الدول الحضارية والمجتمعات المدنية.
هذا عن البلاد عموما أما فيما تعلق بالمغرب خصوصا فإن تراجع النظام عن الخطوة النوعية في مجال حقوق الإنسان فلن تزيد حركة الاحتجاج إلا تشبثا بالمطالب الشعبية المشروعة ولن تؤدي بها إلا إلى الرفع من سقف شعاراتها، وقد آن الأوان، فعلا، للانتقال إلى مستوى أعلى في الشعارات. فقد أفزع النظام نقل ميدان الاحتجاجات إلى الأحياء الشعبية لأن من شأن ذلك فضح أكذوبة الطبقة الوسطى بالمجتمع المغربي. لذلك جنّ جنونه ولم يعد يقوى على التحكم في أعصابه فأظهر وجهه الحقيقي أي المعتاد. وهو لا يدخر في محاربة الجماهير الشعبية وسيلة: الأقلام المأجورة والدعاية الرخيصة وأسلوب الترغيب والترهيب والاعتقال والقمع الوحشي للمتظاهرين. لكن كل أساليبه الجديدة-القديمة لن تنال من حركة 20 فبراير لأنها تحولة، واقعيا، إلى جبهة تضم كل التيارات والاتجاهات السياسية المناهضة للظلم الاجتماعي وسياسة التجويع. كما أن الحركة شجعت قطاعات أخرى على الاحتجاج والمطالبة بحقوقها كالنقابات العمالية والأطباء وموظفوا وزارة العدل بل وجعلت رجال الشرطة عينهم يطالبون بحقوقهم ويهددون بالإضراب وكذلك ضباط الجيش.
إن حركة 20 فبراير لم تعد حركة شبابية فيسبوكية بل باتت ذاك المحرك الإديولوجي والسياسي لنضالات الجماهير وهذا هو ما دفع النظام لخروجه من ثوب الحرباء والظهور بهيأته الأصلية التي لا غبار عليها.
إنّ المغرب لن يظل تحت نظام الحكم الفردي المطلق مهما بلغ بطش النظام وسيلتحق بركب الملكيات البرلمانية مما سيعطي منعطفا جديدا للربيع العربي وهذه هي النقطة التي أخافت الأنظمة الوراثية بالعالم العربي وجعلتها تتكثل وتتحالف وتطلب انضمام المغرب إلى مجلس جغرافيا غريب عنه بل واقتصاديا أيضا. لكن عملية التطور التاريخي لا أحد يملك القدرة على التحكم فيها، كل ما يمكن القيام به هو مهادنتها والاستسلام لها للحفاظ على ملكية تسود ولا تحكم وهو خير من ملكية تدرس في التاريخ لأجيال لا تعرف إلا النظام الجمهوري أليس كذلك يا ملوك العرب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر شيء ندمت عليه بيسان اسماعيل


.. هل ستسبعد حماس من إدارة قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي؟




.. عائلات المختطفين يواصلون الضغط على نتانياهو لتحرير جميع الر


.. لقطات تظهر لقاء الرهينات المفرج عنهن بالجيش الإسرائيلي قبل ا




.. برامج سكاي نيوز عربية المتنوعة بحلتها الجديدة.. تابعونا لتكت