الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الأحزاب السورية ( 1 ) -------- أزمة العقيدة - الحالة الشيوعية مثالاً

فراس سعد

2004 / 11 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


طلب مني بعض الأصدقاء الشيوعيون أبداء الرأي في الورقة السياسية التي أصدرها لقاءهم من أجل مشروع وحدة الشيوعيين السوريين , هنا بعض الأفكار و قد نشر الكاتب بعضها في صحيفة قاسيون بأسماء مستعارة فاقتضى التنويه ...

كل فعل سياسي لا بد أن يقوم على وعي الواقع و القوى الفاعلة فيه , أما إذا كنّا أمام تأسيس لمرحلة جديدة من العمل السياسي أو كنّا نرغب بتأسيس آلية جديدة أو مؤسسة جديدة تضم الفاعلية الشيوعية في سورية فلا بد من اتباع الأساليب العلمية الصحيحة

أولا : العقيدة :
إن العقيدة التي تقدم الحلول للمجتمع باتجاه تقدمه و تحرره و مواجهته للتحديات هي العقيدة الأقرب و الأكثر التصاقاً بالواقع السوري , لذلك فعلى هذه العقيدة أن تعبر عن الواقع السوري حاضراً و أن تستوعب الماضي القريب لأن معظم الأمراض السياسية و الأجتماعية و الفكرية في البنى التحتية و الفوقية نشأت في هذا الماضي القريب و ما زالت تفعل فعلها فيه , لذلك وجب على كل عقيدة سياسية سورية أن تفهم الأنسان السوري عقلاً و نفساً روحاً و جسداً ,
على كل عقيدة سياسية ناشئة في سورية من أجل السوري أن تسأل أربعة أسئلة لتجيب عليها لاحقاً
السؤال الأول : ماذا يريد السوري من الحزب الناشئ ؟
السؤال الثاني : ماذا يريد السوري من الدولة ؟
السؤال الثالث : ماذا يريد لمستقبل بلاده ؟
السؤال الرابع : كيف يحقق الحزب و الدولة آمال المواطن السوري ؟

هنا استطرادا على أسئلتنا الأربعة نقول ما يلي
- العقيدة الناجحة الفاعلة في المجتمع هي التي تستلهم حاجات المجتمع و آمال الناس , أي تراعي الواقع أما العقيدة الفشلة الغافلة عن المجتمع فهي التي يؤلفها حالمون واهمون غافلون عن الواقع و يريدون من الواقع و المواطن السوري أن يراعي عقيدتهم , و الفرق كبير و واضح , إنه الفرق ما بين النجاح و الفشل , بين البناء و الهدم .

إن فشل الأحزاب السورية في تحقيق أهدافها المعلنة يعود في تقديري إلى أسباب ثلاثة :
1- فشل و قصور العقيدة عن استيعاب الواقع و هضمه في مبادئها , لأن عقائد الأحزاب السورية إما عقائد مستوردة و لا بد من أجراء تعديلات جوهرية أو شكلية عليها أو كلاهما معاً , و إما عقائد متأثرة بعقائد غير محلية و غير عربية – و هي تحاكي تلك العقائد – و في الحالتين تبقى بعيدة و منفصلة عن الواقع السوري , أو هي عقائد وضعها رجال لم يدرسوا الواقع السوري كما هو و إنما درسوه تحت تأثير عواطفهم فجاءت العقيدة كما أرادوا لها أن تكون , نركّز هنا على فشل كل العقائد و الأيديولوجيات السياسية العلمانية , فشلها الذريع في التعامل مع قضية جوهرية مثل القضية الدينية باعتبارها جوهر الوجدان السوري و العربي بل و الشرقي عموماً .
- كل عقيدة تتكون انعكاساً للخارج تفشل في فهم الداخل , ثم تفشل في وضع حلول لمشاكله , العقيدة يجب أن تكون انعكاساً صادقاً لآلام و آمال الداخل لتنجح في وضع الحلول و الخطط القابلة للتنفيذ و ليس مستحيلة التنفيذ .

2- أساليب العمل المتبعة من الأحزاب السورية فجّة أو ساذجة أو غير منطقية و لا تحترم الواقع السوري في تبدلاته و تنوعاته , و التعامل مع الأنسان السوري – الحسّاس و الشكّاك و السياسي بالفطرة – يقتضي كوادر و حزبيين متواضعين يحترمون الآخر في رأيه و معيشته و عقليته و عقيدته الدينية و المذهبية و السياسية , و أياً كان موضوع اهتمامه أو أيمانه ( كرة القدم , السيارات .... )


3- بالنسبة للحركة الشيوعية السورية – و العربية - فأهم أسباب فشلها يعود لعدم أقرارها بأنها من الشرق و ليست من الغرب و هي أساساً لا تستطيع أن تكون تابعة له و من هنا كان الشارع السوري و العربي يشعر بالغربة و العداء لهذه الفلسفة و العقيدة الغربية في كل شيء ابتداءً من رفضها للدين وصولاً لرفضها العادات و الأخلاق الشرقية التي عمرها آلاف السنين و انتهاءً بالممارسات المتطرفة و المتحدية للمجتمع التي كان يقوم بها أعضاء سطحيوا المعرفة أو متطفلين و مدسوسين على الحركة الشيوعية .

4- هناك أسباب خارجة عن إرادة الأحزاب السورية منها تدخل السلطة عبر أجهزتها الأمنية و شراء بعض القيادات بالمال أو الجنس أو المناصب الأمر الذي دمر الأحزاب من الداخل عبر أفسادها كلياً بأفساد قياداتها .

نتيجة :
إن الأحزاب السورية و في رأسها الحركة الشيوعية السورية أولاً و العربية تالياً لا بد أن تستوعب تراث الشرق و تاريخه لتكون فاعلة في الواقع السوري – و العربي – و الماركسية كفلسفة غربية لا بد من تطعيمها بروح الواقع و الثقافة العربية ليكون بأمكان الشعب السوري تقبّلها وليتفاعل معها لاحقاً, فليس أصعب من تبني فلسفة يشعر معها الأنسان بالغربة و الغرابة تجاهها , لذلك لا بد من إعادة الأعتبار للقضية الدينية و الأخلاقيات الشرقية – مثل قدسية الأسرة , التواضع , التقشف , العفة الجنسية – لتكون أساساً في سياسة الأحزاب السورية و سلوك كوادرها المخلصة .

و للبحث صلة

كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا