الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم نعد نشبهنا

فاطمة عاصلة

2011 / 5 / 29
الادب والفن


كانَت فَوضى مرتبة,ثقيلة على الملل,خفيفة على الروح...كان للفوضى ذلك الهدوء الجميل...تلك الطمأنينة.
ازدحام مهذب ودقيق...ضَجيج..تداخل صور وتراكيب,وفيلم مصورexclusive)) لقناة لا سواها.

ضَجيج "ولاد بلعبوا سوا بالحارة",الديوان,القعدة,لمة وسهر, حكي النسوان وجملهن المحشوة,الاصوات المتداخلة,الجيران الحشريون بلا صفة لصيقة(,فهذه هي الحال التي يجب ان يكونوا فيها والا كانوا عيبا ونقصا.),صوت الاذان,مناداة ابو علي لابو حسين,جدال جميلة وخضرة,ضحك عامر وسمير....
لا مجال للوحدة,لا وقتا للتوحد,لا حيز للانفراد,هو تدافع يمسك بيدك لتلحق...تتماهى.

كان الهواء هواءا,كان كل شيئ كما كان,غربنا الاغراب عنا,ولكل معنى صار معنى اخر:
الصباح يعني ساعة العمل والمضي بكل البرستيج ,رائحته رائحة الاسبرسو وال "هافوخ" واختلاف لونه اختلاف لون ربطة العنق خانقة الرؤية اكثر من الاكسجين الملوث,والليل يعني الاماكن المغلقة بكل صخبها.
اقدام لم تحفظ من الزقاق الا صوت احتكاك العجل حين تدوس المكابح,وسواعد لم تعتد الا ملمس الايقونات .

اكتظاظ فارع...اصطفاف مبالغ فيه للبيوت بزخرفة مزعجة,اشكال مجردة,مربعات,مستطيلات وانحناءات,كقطع ليجو او اقراص بسكويت في صحن .
اشكال مجردة.حيز ضيق,بلا طعم,بلا رائحة,بلا لون طبيعي...باطون, اسفلت وحجارة وخضرة تتاكل ,طبيعة تنزوي وتراب يطوى على كل ما فيه (اعرف...لكن لا ادري ما همي بهذا الان,فليست هنا قضيتنا الرئيسية,كيف افكر اصلا بذلك,ومساحاتنا تضيق ,لم يبق فسحة حتى لتنفس الاكسجين الفاسد,المساحات تضيق وتضيق,ومساحاتهم تتسع وتتسع,فلا حيز للاصطفاف حتى,فالاتهم تتحرش بالموجود ,تتزوج الابنية اغتصابا,وتلد الحجارة,ويصير الهدم ابنا شرعيا,فكيف تترك لنا حيزا لحوض نعناع,او لعريشة دوالي؟؟! )


هي ليست قشور,ولكن للرائحة أثر,للشكل اثر,وللصورة اثر:
لرجل يطرد "الجن" من الجسد ويعالج السحر ,
لجالب الشؤم,وحامي العين,ومفسر الاحلام,
لامرأة تعالج الثألول بحبة قمح وايات من القران وسرة صغيرة ترمى في بئر ماء,
سلاما والف ألف أثر.
هي معتقدات كانت معتقداتنا,هي خزعبلات نعم,لكنها خزعبلاتنا,كما ان حيفا حيفانا والارض ارضنا والدار دار ابونا.

لا يسخر الزمان منا..نسخر من الزمان.
في المتحف "حطة وعقال" سنحافظ عليها وتبقى الى الابد,لكن اين من يلبسها؟!من يبث فيها الف معنى ان مر في الشارع,كيف سيخفق القلب الف مرة وتتردد الخطى رهبة ؟
هو معنى محنط,جسدا بلا روح,...عفوا,جسدا بنصف ذاكرة..قطع في المتحف قطع جامدة,كصورة باقية لشخص مات (لا اقلل هنا من متاحفنا واهميتها,ولكن لا اريد ان اتخيل ختيار فلسطيني كشارلي شامبلن بعكازته بعد ثلاثون سنة!!, كذلك لا اريد ان ارى ورقة خرساء مكتوب فيها ,ما كانت تقول ام لعروسها قبل الزغرودة ,اريد صوتا حي ,رنين كلمات تقولها بكل كبرياء وفخر ,بكل ارتجاج ودمع!!)

لم نعد نحن,ولن نعود..ربما نحن نحن...ولكننا لم نعد نشبهنا. المكان لنا...لكننا لم نعد للمكان!!


لا حاجة لتنقليب المعاني ,لا حاجة للتفتيش عن ركائز او لنصب الدعائم على النقيض.
لا ابحث عن منطق ما اكتب,فلا منطق له سوى لامنطق الحنين لوطن..لاشلاء وطن..لبقية فيها من كل شيئ عبق وذاكرة عساها لا ترحل هي الاخرى.














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر