الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيّاري بغداد

عبد الكريم الموسوي

2011 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


شاهدنا عبر شاشات التلفزة وأجهزة الميديا الأخرى ، الاستعراض العضلي في بغداد ، لِجموع قَطِيعيّه من الشباب – الواعي – والشابات المُلطّخات بالقير الأسود تحت شمس بغداد الصيفيّة الحارقة ، وتَخيّل درجة حرارة الجسد وما ينبعث منه من روائح ... !! ، وجاء هذا الاستعراض تنفيذا لأوامر سيّدهم قُبة الإسلام مقتدى الصدر، في الردِّ على رغبة البعض في حكومة المحاصصة الطائفيّة ، لِتأجيل إنسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقيّة . هذا الفصامي المعمم - لا أجد في تاريخ معممي العراق مَثلَه في الأميّة ومرض النرجسيّة وإنعدام الضمير- التابع المطيع لأسياده الجاثمين على أنفاس الشعب الإيراني ، بِأدّعاء ولاية الفقيه ، تبعاً للأسطورة ، الذي يقود هذه الجموع أو الجمهور الغريزي وبالتالي الهمجي الذي يُشبّههُ الفرنسي غوستاف لوبون ( بالمخلوقات البدائيّة في عُنفِها ووحشيّتها ) ، يقودها حَسبَ ما يشاء ، وهذه سَخَريّة القدر وهذا رَحم العراق الذي ينجب أجنّة مُشوّهه، مِثلَ هذه الجموع وقُوادها . هذا ألهذياني يطالب قوات الاحتلال بالانسحاب حَسَب أوامر طهران ، ليتُمَّ ابتلاع العراق سياسياً واقتصاديا وعسكرياً . وهو يَعلم تماما أن لولا هذه القوّات لِما أستطاع ( وغيره من يحكمون العراق اليوم ) ، أن يغادر جُحره عندما كان جرذاً منعزل في عهد النظام البائد .

منذُ السقوط عام 2003 أنشَأ هو وأعوانه ميليشيات عسكريّه دينيّه وطائفيّه مِن تَجمّعات واطئة وغير متعلّمة ومتخلّفة ولا تملك أيَّ واعز أخلاقي ولا شعور بالمسؤوليّة إزاء المجتمع والمؤسسات والبيئة وعُصاب وسواسي إزاء المرأة وجسدها وقيمتها وحقوقها وحريّتها كفرد في المجتمع ، تمّ هذا الإنشاء بِأشراف وِدعم مادي هائل ومعنوي من المخابرات الإيرانية . لعبت هذه الميليشيات دورها ، كَغيرها من ميليشيات الإسلام السياسي السلفي بِفكيهِ السني والشيعي وفلول البعث ، في تمزيق ونحر روابط الشعب بتكويناته المتنوعة وانتهاك واغتصاب الحقوق والأجساد وقتل جماعي على الهويّة الطائفيّة وتهجير مناطقي أحال العراق إلى كونتونات طائفيّة مُلأى بالفضلات والأمراض النفسيّة والجسديّة .

تقول كتب التاريخ، كانت بغداد منذ منتصف القرن الرابع إلى الخامس الهجري، مسرحاً لسلسلة من الفتن الطائفيّة والمصادمات وحروب أهليّة وقتل على الهويّة، وبِشَكلٍ خاص بين الطائفتين السنيّة الحنبليّة والشيعيّة . كتبَ جورج طرابيشي في مُؤلّفهِ – مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام – حول هذه الفِتن ( مما زاد في خطورة هذه المصادمات أن كلتا الجهتين – الطائفتين – زوّدت نفسها بِميليشيا شبه عسكريّة عُرفت في كتب الحوليات باسم – عيَّاري بغداد – وكان الهم ّ الأول لهؤلاء العيّارين ، المُتَكَسّبين من الفتنة ، إشعال نارها كُلّما واتتهم الفرصة ، ليجنوا المزيد من الغنائم من جرّاء نهب الدور وإحراقها ، بل أنّ تلك المواجهات غالباً ما كانت تتطوّر إلى حرب شوارع حقيقية ) .
هذه الفوضى العارمة في عراق اليوم ، بلد الطوائف والميليشيات والعشائر التي تتحكم في مصير المجتمع وثرواته وتَنأى به بعيدا عن القيم الإنسانية والحضارية وتُقهقره إلى عصور الأسطورة والخرافة والحروب الدينيّة .
وأختم هذا الحفر في الهواء والبصاق في البحر، بِكلمة لِبرهان غليون – إن أمّة لا تستطيع أن تستوعب القيم الجديدة للحضارة تخرج من التاريخ وتتقهقر نحو البربريّة - .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ