الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة تحركات الشارع العربي في رسم صورة اقليمية جديدة

محمد سيد رصاص

2011 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية




خلال ثمان سنوات مضت ،شهد اقليم الشرق الأوسط ثلاث محطات(:احتلال العراق عام2003،حرب تموز2006،وتحركات الشارع العربي في عام2011)رسمت كل واحدة منها صورة جديدةغيَرت كثيراً في ملامح اللوحة الاقليمية،إن لم يكن قد قلبت معالم الصورة السابقة.
لم تكن حالة الشارع العربي في 2011غير مسبوقة،من حيث مساهمة أحداث داخلية ضمن بلد ،أومنطقة،في رسم لوحة اقليمية جديدة:أعطت ايران1978-1979ذلك،ثم كانت المتغيرات الداخلية في بلدان أوروبة الشرقية والوسطى عام1989مؤدية ليس فقط إلى رسم صورة جديدة للاقليم وإنما للعالم،لماأعلنت انهيار توازن مؤتمر يالطا(شباطفبراير1945)الذي انبنت عليه صورة العالم الثنائي القطب،وأنذرت بتفكك الكيان السياسي لأحد القطبين بعد سنتين من ذلك الانهيار.

في أوضاع من هذا النوع،تكون المتغيرات الداخلية مؤدية إلى انقلابات جذرية في اللوحة الاقليمية،مثلما قادت إليه أدوار ايران في الاقليم أثناء عهد مابعدالشاه ،أوتكون مشجِعة على تسريع اتجاهات سابقة،كانت أبطأ أوأقل دينامية،كما حصل في مصر23يوليو1952من اتجاه نحو زعامة المنطقة العربية،كان كامناً في القاهرة عند تأسيس منظمة الجامعة العربية في عام1945.
في الحالة العربية عام2011،يوجد شيء من الحالتين المذكورتين:هناك استيقاظ في السياسة المصرية تجاه الاقليم، بمرحلة مابعد مبارك،بدأ يدل على توجهات جديدة هي أقرب للتغير الكبير،في مواضيع مثل (اسرائيل) و (حماس) و(السودان).بالمقابل،ساهمت التطورات الداخلية العربية في تسريع اتجاه كان كامناً،أوبطيئاً،عند دول(مجلس التعاون الخليجي)،نحو تفعيل دورها الاقليمي الموحد في أحداث البحرين واليمن،وفي التعامل كمنظومة اقليمية واحدة تجاه ايران،وهو ماساهم في تظهير الدور الاقليمي لدول (مجلس التعاون)،على العكس من سنوات2007-2010لماكان ذلك الدور خافتاً أمام صعود القوة الاقليمية لكل من طهران وأنقرة.أيضاً،ساهمت تلك التطورات الداخلية العربية في تسريع دينامية الدور التركي الاقليمي حتى وصوله لحدود التدخل العلني في قضايا مصر وليبيا وسوريا، وهوالذي كان بادياً تناميه برعاية أميركية في مواجهة صعود القوة الايرانية خلال مرحلة مابعد حرب2006،فيماساعدت تلك التطورات العربية على تسريع تراجعات ايرانية في الدور الاقليمي بدأت بعض معالم ضعفه بالظهور خلال عامي 2009و2010،لتكون تلك التراجعات ملموسة عام2011 في موضوعي(البحرين)و(حماس)،على العكس من قدرة طهران على منع نكسة اقليمية لقوتها في عام2010،لمااستطاعت افشال تشكيل حكومة عراقية جديدة برئاسة أياد علاوي عقب انتخابات برلمان آذارمارس 2010،كانت ستقلقل النفوذ الايراني المكتسب في بلاد الرافدين عقب سقوط حكم صدام حسين.
طبعاً،هنا،أدت تداعيات هذه التحركات في الشارع العربي إلى احداث نتائج مباشرة:تباعد سوري - تركي،ومثيل له بين الدوحة ودمشق ،اقتراب(حماس)من القاهرة وابتعاد نسبي لها عن المحور السوري- الايراني.أيضاً،أدى ذلك إلى اختفاء عوامل،مثل الدور الليبي الفاعل في قضية دارفور،وخاصة مع سحب الغطاء التشادي عن (حركة العدل والمساواة)في ربيع 2010،حيث تولى القذافي ذلك منذ ذلك الحين.في هذا الصدد،لايمكن عزل تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي عن تغير حصل بالقياس إلى ظروف التكليف خلال الأسبوع الأخير من شهر كانون ثانييناير الماضي،لماأدى اقتراب دمشق من الرياض في موضوع (البحرين)،ثم موقف السعودية الداعم للسلطة السورية أمام التطورات الداخلية ،في انشاء صورة سعودية - سورية هي مختلفة عن تلك التي كانت يوم اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري.
على صعيد أوسع،ستؤدي هذه التطورات الداخلية إلى تأثيرات متوسطة وبعيدة المدى اقليمياً: ستكون عملية تسوية الصراع العربي- الاسرائيلي أكثر تعقيداً مع تحول الشارع العربي إلى قوة ملموسة في السياسة العربية،وهو وضع مختلف جذرياً عن الذي كان عليه،مثلاً،الرئيس أنور السادات مع تل أبيب،الشيء الذي يمكن تلمس وجود ادراك له في مرحلة مابعد المتغيرات المصرية(والعربية)عند المحللين وصانعي القرار الاسرائيليين،وربما الأميركان ،أيضاً، على الأقل من خلال مؤشر استقالة جورج ميتشل مؤخراً.في جانب آخر،أدى التقارب السعودي- السوري المستجد،والمصري- السوري بمرحلة مابعد مبارك،إلى ابتعاد نسبي لدمشق عن طهران،بعد أن أدت التطورات العربية الداخلية إلى اضعاف الدور الايراني الاقليمي من خلال ممرات(البحرين)و(اليمن)و(حماس)،كماأن اقتراب الرياض ودمشق سينعكس اضعافاً للدور الايراني في لبنان والعراق:يمكن لهذه التطورات العربية أن تؤدي إلى مسارات تقود إلى احياء ثالوث(الرياض- دمشق- القاهرة)،الذي كان القوة الاقليمية الأكثر فاعلية في فترتي1971-1977و1990-2000،وهو ماسيضع سدوداً عربية أمام صعود القوتين الاقليميتين لطهران وأنقرة، الذي كان متزامناً في السنوات القليلة الماضية مع حالة فراغ القوة عند العرب.
بالمقابل،فإن هذه الصورة الاقليمية الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط،بفعل تطورات الشارع العربي،ستفرض على القوى الدولية الفاعلة(الغرب الأميركي ثم الأوروبي)والاقليمية المؤثرة(طهران وأنقرة) مقاربات وسياسات جديدة مغايرة أكثر حذراً وأقل هجومية تجاه العالم العربي ،والتي وصل بعضها، مثل ايران، للنفوذ والتأثير والتحريك في بعض الأوضاع الداخلية العربية،فيماامتلك (المثال التركي)نوعاً من الجاذبية الفكرية- السياسية- الاقتصادية عند بعض العرب في الأنظمة والمعارضات والمجتمعات.هنا،ربما ستكون عملية صعود قوة المجتمعات إلى سطح السياسة العربية مؤدية إلى تخفيف قوة جاذبية النماذج السياسية الدولية،والاقليمية،في الحياة السياسية العربية،وإلى اضعاف التأثيرات الخارجية على مجريات السياسة المحلية في كل بلد عربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى