الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصحيح مسار الثورة

اسلام احمد

2011 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


جاءت جمعة 27 مايو لتمثل أهمية كبرى في المرحلة الانتقالية التى تمر بها البلاد , وقد أُطلق عليها جمعة الغضب الثانية وكذلك جمعة تصحيح المسار , وعن نفسي أفضل المسمي الثاني لما يحمله من دلالة من جانب ولما ينطوي عليه لفظ جمعة الغضب الثانية من مبالغة وخطورة من جانب آخر, وبرغم مقاطعة الإخوان والتيارات الإسلامية لها الا انها كانت مليونية بكل معنى الكلمة وقد تركزت المطالب المشروعة لتلك التظاهرة فيما يلي :
1_تشكيل لجنة تأسيسية لاعداد دستور جديد قبل الانتخابات مع تأجيلها لحين تشكيل أحزاب جديدة قادرة على منافسة التيارات القديمة والمنظمة على الساحة
2_ الاسراع في محاكمة رموز النظام السابق وفي مقدمتهم ال مبارك وقيادات الداخلية , مع محاكمة مفسدي الحياة السياسية بشكل استثنائي
3_إيقاف المحاكمات العسكرية والإفراج عن كل المعتقلين والنشطاء السياسيين
4_إجراء حوار مجتمعي قبل إصدار أي تشريع أو قانون جديد وعدم انفراد المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة بإصدار القوانين

والحقيقة أننى ترددت في المشاركة في تلك الجمعة رغم تأييدي التام لمطالبها وذلك لأسباب تتعلق باستقرار البلاد اذ بلغني عن طريق مصدر أمنى أن ثمة محاولات ستحدث في ذلك اليوم من جانب الثورة المضادة وفلول النظام السابق للوقيعة بين الشعب والجيش على غرار يوم الأربعاء الدامي 2 فبراير , الأمر الذى أثار تخوفي بشدة ومن ثم دعوت الله ان يمر اليوم بسلام , غير أننى عدلت عن رأيي وزال عني الخوف بعد أن علمت بقرار المجلس الأعلى بالانسحاب من ميدان التحرير وترك مهمة تأمينه لشباب الثورة , وهي خطوة تنوعت الآراء حولها فالبعض رأي فيها عدم مسئولية من جانب المجلس العسكري على غرار ما فعلته الشرطة بانسحابها يوم جمعة الغضب الأولى 28 يناير , وهو في اعتقادي رأي خاطئ ولا يخلو من ظلم وعدم فهم لطبيعة المؤسسة العسكرية كمؤسسة وطنية مهمتها الأساسية الحفاظ على الأمن والوحدة الوطنية للبلاد , وفيما اعتقد أنه كان قرارا حكيما من جانب المجلس الأعلى اذ أريد به تجنب محاولات الوقيعة المتوقعة من جانب المندسين من فلول النظام السابق بين الشعب والجيش , وقد أثبت شباب الثورة وشباب حركة 6 أبريل أنهم كانوا على قدر المسئولية اذ قاموا بحماية وتأمين الميدان ولم يحدث أي حادثة بلطجة أو تحرش.

والواقع أن جمعة تصحيح المسار قد خلقت استقطابا حادا بين كل القوى السياسية من جانب وبين جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية من جانب آخر! , وهو أمر تسببت فيه جماعة الإخوان اذ شنت حملة تخوينية عنيفة ضد كل من سيشارك في جمعة تصحيح المسار واصفة إياها بأنها محاولة من جانب القوى السياسية للوقيعة بين الشعب والجيش بل والخروج عن الشرعية التى ارتضاها الشعب في استفتاء 19 مارس , كما قامت بعض التيارات الإسلامية بتوظيف الدين بشكل حقير في السياسة اذ صدرت فتوى من جانب التيار السلفي تحرم الخروج يوم الجمعة معتبرة إياه خروجا على الحاكم! , الأمر الذى أعاد الى الأذهان حالة الاستقطاب السياسي التى شهدتها البلاد ابان الاستفتاء على التعديلات الدستورية بنعم أو لا! , والمؤكد أن جمعة تصحيح المسار قد بعثت برسالة قوية للمجلس الأعلى تفيد برفض سياسته لإدارة المرحلة الانتقالية وهو ما يفسر إطلاق جمعة الغضب عليها , كما بعثت برسالة أخرى للإخوان والتيار الإسلامي مفادها أنها ليست الأكثر شعبية وتأثيرا كما تدعي! , فضلا عن أن جمعة تصحيح المسار قد أثبتت جدوى الضغط الشعبي وأهميته اذ ما أن أعلننا عن تظاهرة الجمعة حتى صدر قرار باحالة مبارك ونجليه علاء وجمال الى محكمة الجنايات

وفي تقديري أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد تسبب بسوء إدارته للمرحلة الانتقالية في حالة الاحتقان السياسي الراهن اذ فضلا عن المماطلة في محاكمة رموز النظام السابق وعلى رأسهم مبارك وحبيب العالي فانه ارتكب جملة من الأخطاء أهمها أنه قام بتشكيل لجنة برئاسة المستشار طارق البشري لتعديل بعض مواد دستور 1971, وذلك دون أن يكون معروفا ما هي المعايير التي تم على أساسها اختيار أعضاء اللجنة؟! , بينما كان من الصحيح أن يقوم بتشكيل لجنة تأسيسية تقوم بعمل دستور جديد للبلاد كما طالبنا منذ البداية بدلا من ترقيع الدستور القديم الذى سقطت شرعيته بقيام ثورة 25 يناير! , ثم قام المجلس الأعلى بعد انتهاء اللجنة من صياغة التعديلات بجرنا الى استفتاء شعبي حولها وأخيرا قام بإصدار إعلان دستوري ينظم إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية , ومن غير المعروف أيضا ولا المفهوم لماذا قام المجلس العسكري بعمل استفتاء شعبي على التعديلات الدستورية ولم يقم بعمل استفتاء على الإعلان الدستوري في صورته النهائية؟! مع أن الأولى أن يكون الاستفتاء على الإعلان الدستوري! , اذا أضفنا الى ما سبق أن لجنة التعديلات الدستورية كانت تضم صبحي صالح القيادي بجماعة الإخوان المسلمين وهو شخص ذو عقلية فاشية متخلفة فان الصورة تبدو لنا مأساوية!

وفي الواقع أن إصدار الإعلان الدستوري بهذا الشكل قد شابهه أخطاء دستورية وقانونية اذ نصت المادة 60 من الإعلان الدستوري على أن يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك ، بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، خلال ستة أشهر من انتخابهم ، لإنتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو ، تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد , في حين كشف الدكتور ممدوح حمزة , وفق ما نشرت صحيفة البديل , عن حكم للمحكمة الإدارية العليا عام 1994م أكدت فيه عدم جواز وضع دستور جديد بواسطة أعضاء مجلس الشعب وقد قالت المحكمة في حيثيات حكمها أن الدستور ينظم أعمال مجلس الشعب ولا يجوز لمن ينظم الدستور أعماله أن يتولى وضع الدستور! , بما يعني أننا صرنا الآن في وضع غير دستوري! , ولأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو من أدخلنا في هذا المأزق الدستوري فانه تقع عليه وحده مسئولية إخراجنا منه , ولأن الرجوع للحق فضيلة يتعين على المجلس الأعلى للقوات المسلحة اتخاذ سلسلة من الإجراءات تتمثل في إعادة ترتيب أولويات المرحلة الانتقالية وذلك بتشكيل لجنة تأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد مع تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية لحين الانتهاء من وضع الدستور الجديد وذلك مع الابقاء على الإعلان الدستوري لتنظيم إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية بعد أن يتم الغاء المادة 60 منه لعدم دستوريتها , وبمجرد الانتهاء من إعداد الدستور الجديد ينتهى شرعية الاعلان الدستوري ومن ثم ننتقل الى انتخابات برلمانية ورئاسية , وهذا في اعتقادي هو السبيل الوحيد لتصحيح مسار الثورة والعودة بها الى الطريق الصحيح والا فستسمر حالة الاحتقان السياسي الراهن وربما تتطور الى حالة من الفوضى والانفلات لن يكون بوسع المجلس العسكري تلافي تداعياتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة السيارات الكهربائية الصينية | عالم السرعة


.. الشرطة الألمانية تطلق النار على مهاجم يحمل فأسا داخل تجمع لم




.. سلسلة جرائم مروعة.. قصة قتل غامضة وسلسلة من الألغاز تقود إلى


.. مسلسل -هاوس أوف ذو دراغن- : متى تعلن الحرب بين الملكتين تارغ




.. -يلوّح بفأس وعبوة حارقة بين المشجعين في #هامبورغ.. - والشرطة