الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين تشكل الهوية ، و جماليات التجاوز .. قراءة في رواية أرضنا و أرض صالح ل أحمد الشيخ

محمد سمير عبد السلام

2011 / 5 / 31
الادب والفن


في نصه الروائي (أرضنا و أرض صالح) – الصادر عن دار الهلال بمصر سنة 2008- يعيد أحمد الشيخ إنتاج العلاقات الإبداعية بين الإنسان ، و الأرض ، و الرؤى الفكرية ، و الصيرورة الجمالية المختلطة بين النص ، و المجتمع ، و الجدل بين العلاقات العائلية العبثية ، و البحث عن كينونة مختلفة للذات في تطورها المعرفي ، و الوجودي ، و الاجتماعي.
و تعزز تداعيات النص السردية ، و دواله من البحث عن الروح الفنية اللامركزية ، و التداخلية في المسافة بين صلابة الأرض ، و جمالياتها ، و تأويلاتها الثقافية ، أو بين الفقدان ، و التحقق الحلمي ، أو الصيرورة السردية ، و المعرفة ، و التأويل .
و يقوم النص على البساطة في اكتشاف المكان ، و الشخوص ذوي التكوين الفريد في السياق المحلي ، و المخيلة الثقافية الجمعية من جهة ، و السياق الإنساني العالمي – بما يحمل من هموم فلسفية ، و اجتماعية ، و ذاتية إبداعية – من جهة أخرى.
يواجه البطل العالم من خلال المفارقة بين اندماجه بالتكوين الروحي / الجمالي للأرض ، و العلاقات العائلية القائمة على الانقسام ، و الاستغلال ، و العداء الدفين بين عائلة الأب ، و أهل الأم من جهة ، و الأخ المنشق / صالح الذي استولى على الأرض ؛ نتيجة للظروف المعقدة للعائلة من جهة أخرى .
و منذ تطور الوظائف السردية الأولى المكونة للنص ، حتى نهايته نعاين تناظر مجالي العلاقات الموروثة ، و ما يرتبط بها من قيم ثقافية ، و اللقاء الجمالي المتجدد بالأرض ، و الوطن ، و الشخوص ، و العالم انطلاقا من البناء المستمر للهوية الذاتية القائمة على التعديل ، و الإضافة في بنية الأنا ، و عوالمه الداخلية ، و أحلامه.
إن البطل يتجاوز صلابة الأرض ، و لكنه يحمل في تكوينه أخيلتها ، و معانيها الإبداعية ، و آثارها المتجددة في العلامات الحياتية ، و الكونية الأخرى ؛ و كأنه يجردها من مركزية مدلول الملكية ، و يعيد إنتاجها في بنية الفعل الأدائي للذات ، و تفاعلها المتجدد بعناصر الكون ، و الحياة ؛ فهي جزء أصيل من تكوينه الروحي ، و صوته الخاص ، و ذاكرته التي تدمجها بالأم المتخيلة ، و بدايات التكوين ، و المعرفة بالعالم.
يجمع نص أحمد الشيخ – إذا – بين تشكيل البنية السردية ، و اتساع هامش التعدد ، و الاختلاف ، و الثراء الإبداعي لدوال الأرض ، و الشخوص ، و الأماكن ، و الانشقاق الدائري عن النماذج الثقافية الثابتة ؛ فهو يجمع بين توثيق العوامل المشكلة للشخصية ، و التحول السردي الديناميكي في عوالمها الداخلية ، و تطورها الجمالي معا .
و يمكننا رصد خمس تيمات رئيسية في النص ؛ هي :
أولا : الأرض بين الأصالة ، و التجاوز الإبداعي .
ثانيا : من الذاكرة إلى صيرورة السرد .
ثالثا : دلالات ثقافية للأرض .
رابعا : تداخل الأزمنة .
خامسا : الروح الجمالية للمكان .
أولا : الأرض بين الأصالة ، و التجاوز الإبداعي :
تختلط لحظات تكوين الصوت المتكلم بمادية الأرض ، و أخيلتها ، و كذلك بلحظات التهديد ، و الفقدان ، و الفقر ، ثم الطرد المجازي ، و ارتباطه في الوعي ، و اللاوعي بالأصالة ، و العقاب معا ، دون مركزية .
لقد اتسعت صورة الأرض رأسيا في تاريخ البطل ، و بدايات تشكل هويته الإبداعية ، و أفقيا في تنامي صورتها المجازية في الآخر ؛ مثل الأم ، و سالي ، و الوطن ، و الأخيلة الفنية ، و الحلمية .
التجاوز في النص هو بديل فني لمركزية الفقدان ؛ فدائما ما تنتمي الأرض للبنية العائلية ؛ و من ثم يتولد الشعور بالفقدان ، و الغياب ، ثم تصير فكرة طائرة تسهم في الإضافة لصوت المتكلم ، و تطور وعيه ، و صيرورته السردية .
تختلط الأرض بمستوياتها الدلالية المادية ، و المجازية ببكارة لقاء البطل بالعالم ، و تتحد باتساع عوالم اللاوعي قبل أن تكتسب حدودها العائلية ، و التاريخية .
يقول :
" يبدو لي أنني – على نحو غامض – كنت قد انعجنت برماد تلك البقعة ، ثم تنفست هواءها ، و أنني لأول مرة سمعت فيه أصواتا ، و صرخات ، و همسات لم أميزها ، تحسست الأرض ، أو تحسستني ، انطبعت على بدني بمثل ما انطبعت أنا على سطحها ، تلقتني بحنو مولود سقط لتوه فوقها " ص 5 .
يحيلنا السارد إلى مجموعتين من الوظائف السردية ، تشيران إلى الأصالة ، و التجاوز في علاقة البطل بالأرض .
و تشير المجموعة الدالة على الأصالة إلى كمون أخيلة الأرض في بنية الصوت المتكلم ، و وعيه ، و لاوعيه ؛ مثل (البطل يندمج برماد الأرض ، و يستنشق هواءها ، و انطباع الأرض على بدنه ، و تمثيلها المجازي لدور الأم).
أما الوظائف الدالة على التجاوز فنستشعر فيها الأرض بصورة غير مباشرة في تطور الضمير ، و تشكله الذاتي ؛ مثل (محاولة تحديد الأصوات انطلاقا من اتحاده بالأرض ، و بحثه عن الأم الواقعية من داخل أخيلة اتساع الأرض في المسافة بين الواقع ، و الوعي).
إن توالي ضمير المتكلم في المقطع يدل على تناظر عمليتي الاندماج الاستعاري بأصالة الأرض ، و تطور تشكيل المتكلم للهوية انطلاقا من التجاوز الإبداعي للحدود التاريخية ، و الحتمية المفروضة عليه سلفا في السياق الاجتماعي.
و قد يعيد السارد بناء علاقته بسالي في حلم مملوء بالورود ، و الأمنيات ، و كأنه يمثل دور العاشق في الأساطير القديمة ، و تاريخ الفن ؛ و من ثم تجدد الأرض وعيه بذاته ، و تطور هويته في التجربة الواقعية .
و قد يؤول جسد سالي انطلاقا من استدارة الأرض ، ثم يصنع منها كونا جزئيا يدور في مداره ، و كأنه يجدد حدث الولادة في الصور البديلة للأرض ، و يتجاوز خلفية الفقر ، و تزايد المظاهرات في إطار علاقته بسالي .
إن أخيلة الأرض تتجاوز الأزمات التاريخية ، و تحقق وجودا مختلفا للبطل ، مثلما تجاوزت حدث الانشقاق ، و الفقدان القديم .
و تقوم أخيلة اليقظة هنا على اتساع الفضاء في الوعي ، و اللاوعي ؛ و من ثم انتشار ضمير المتكلم – بصورة دائرية – في الأحلام ، و الحكايات ، و الأفكار المتعلقة بالمدلول الروحي / الجمالي للأرض.
ثانيا : من الذاكرة إلى صيرورة السرد:
تقع البنية المحددة للحدث – في النص – في حالة من التصارع مع التحولات الذاتية للفرد ، و الدوال الأخرى المتواترة ؛ مثل الأرض ، و العلاقات العائلية ، و الأم ، و غيرها .
إن الصيرورة الإبداعية للسرد تفكك مركزية التاريخ الشخصي للبطل ، و بنية العلاقات العائلية من خلال أصالة التعدد في الحلقات الحكائية الممثلة للوجود نفسه ، دون أي انفصال بين الواقع ، و المجاز ؛ فالأب يخرج من عبثية العلاقات العائلية عبر فعل التسامح ، دون أن تتلاشى آثارها من الذاكرة . أما البطل فيختلط حنينه للأرض ، بالأحداث الصاخبة ، و معاينته للشخوص الفريدة ، و الاتجاهات الفكرية المتباينة ، و رغبته اللاواعية في تخييل صور الأم ، و الأرض في سياق شعري متعال ينبع من أطياف الذاكرة ، و لا ينتمي إليها في الوقت نفسه.
أما صالح فيخرج من بنية التملك إلى عوالم الحلم ، و تنتقل الأرض نفسها من بنية الصلابة إلى كونها فكرة جمالية اختلافية .
تقوم بنية الصراع في النص على الغياب العبثي للحوار بين عالم الجد ، و عائلية الشلبي ؛ و هم أهل الأم ؛ و كأن هذا التعارض في الطبائع ينتقل إلى العوالم الداخلية للشخوص ، و يحدث انشطارا متكررا داخل الذات التي كانت من قبل في مواجهة مع الآخر .
لقد تحولت المأساة إلى شعورين متناقضين داخل البطل ؛ و هما الانتماء الأصيل لروح الأرض ، و الشعور بالفقدان المستمر ؛ نظرا لاستحواذ الأخ / صالح على الأرض ، في حلقة سردية جديدة تعيد تكوين مأساة التعارض بين الأنا ، و الآخر .
و بصدد المآسي القدرية التي ارتبطت بالعلاقات العائلية ، يرى فرويد أنها تكشف عن تأويل تراجيديا الشخصية الإنسانية ؛ فقد ظلت مسرحية (هملت) لشكسبير موضع إعجاب ، دون اكتشاف معناها ، و كشفت مسرحية (أوديب) عن الصفة اللاشعورية لميوله الإجرامية (راجع / فرويد / حياتي و التحليل النفسي / ترجمة مصطفى زيور ، و عبد المنعم المليجي / دار المعارف بالقاهرة / ص 96).
إن مأساة البطل في نص أحمد الشيخ تنبع من أولية الاختلاف الجذري بين عائلتي الأم ، و الأب من جهة ، و درجة استبدال صالح لصورة الآخر في اللاوعي ؛ و من ثم تناسخ العلاقات العبثية من الخارج إلى الداخل ، و لكن النص يمنح الأرض تعددية بنائية تخرجها من مركزية المأساة ، و تطورها في سياق الهوية الإبداعية للبطل / سيد من الذاكرة إلى معرفته الأولى بصوته الداخلي ، و تشكيل منظوره للعالم انطلاقا من المأساة ، و التجاوز معا .
و تتخذ الأرض صورة غول عملاق على هيئة الجد عبد القادر في أحلام صالح ، و لكن تكوينه من الطين ، و ينصحه بالحفاظ على ملكيتها ، ثم يهدده بأن يلقي به في الجب إذا فرط فيها .
إن صالح – بغير وعي – يحاول نقل المأساة إلى البنية الصلبة للأرض ، و كأنها تلزمه باحتوائها ، و لكنه في الوقت نفسه يفكك بنيتها المادية من خلال صوتها الكوني ، و تحولاتها الأسطورية المناهضة لبنية الملكية ، أو بنية الوجود المادي نفسه .
و تنقلب المظاهرات ، و الأفكار الوطنية ، و الثورية في وعي البطل إلى حلم قهري يسأل فيه البطل عن الفرق بين الأنظمة الشمولية ، و الحرة ، و علاقته بالمرأة ، و أي الكلاب يثير فزعه ، و تفضيله لصفار البيض ، أم بياضه ، و الكتب التي قرأها ، ثم توضع غمامة على عينيه ، و يرفع من على الأرض ، ثم يترك مرة أخرى .
إننا أمام تحولات جمالية حلمية تعكس المفارقة بين تشكيل الضمير الشخصي ، و سطو الآخر عليه من خلال ألعاب لغوية تفكك الأنا ، و الآخر من خلال تناقضاتها ، و إعادة تمثيلها للمآسي العبثية في الواقع.
ثالثا : دلالات ثقافية للأرض:
تتراوح الأرض – في وعي ، و لا وعي البطل – بين التمرد ، و الانشقاق الأصلي / الإنساني عن تكوينها المادي ، و الشعور المتكرر بالفقدان المولد عن بنية الملكية في الواقع ، و يكشف النص عن الثراء الثقافي لدال الأرض ؛ إذ تكتسب حضورها السماوي من المفهوم الديني للخلود ، و تلتحم بالفن في انتصار الجانب الجمالي على الحتميات التي تقيد حرية الإنسان ، و قدرته على الاختيار ، و التطور الروحي ، كما تجسد حلم الاتساع الكوني القديم ، و درجة استشرافه في المستقبل .
إن مسار الأرض في النص – يميل إلى فكرة التجدد ، و الانشقاق المستمر عن حالات الفقر ، و الاضطهاد ، و الفقدان ؛ و كأنها تستعصي على التحديد ، و يعاد تكوينها في بنية الجسد نفسها من جهة ، و في الأداء السردي المشكل للهوية الفردية من جهة أخرى .
و يذكر جيمس فريزر بعض الرواسب الثقافية في الذاكرة الجمعية ، و التي تتعلق بالتمثيل المجازي لعلاقة الأنسان بمكونات الأرض ؛ مثل الأشجار ؛ إذ توضع صورة الإنسان الحي بجوار غصن كبير ، أو شجرة ، بحيث يصير كل من الرمزين ترجمة للآخر ، أو كتابة بلغة مختلفة (راجع / جيمس فريزر / الغصن الذهبي ج1 / ترجمة د أحمد أبو زيد / الهيئة المصرية للتأليف و النشر سنة 1971 ص 429 و 430).
و يؤكد التأويل الإبداعي لتلك الممارسات الثقافية الصلة البنائية المستمرة بين الإنسان ، و التجسدات الخيالية المختلفة للأرض ، و مدى ارتباطها بأفكار التجدد ، و التجاوز ، و مقاومة مركزية الموت .
و في سياق بعض المتاعب المادية ، و التوتر ، و البحث عن الحقوق السياسية ، و الاقتصادية ، تبرز الصورة الفنية / الثقافية للأرض من اللاوعي ؛ لتجدد هوية البطل / سيد ، و ذاكرته المتعلقة بالأب .



يقول عن أرض أبيه :
" كانت أرضه بتفاصيلها ثابتة في ذاكرته ، و منقولة لذاكرتي ، ترتسم مساحات خضراء بلا حدود يحق لي أن أرمح فيها بحكم أنها تخصني على نحو غامض ، رغم أنها بحساباته مغتصبة ، و خارجة عن حيازته " .
إننا أمام مجموعتين متصارعتين من الوحدات السردية ؛ إحداهما تؤكد الدلالات الثقافية القديمة الممثلة للأرض في الذاكرة الجمعية ، و ترتكز على حلم الاتساع ، و التمثيل الإنساني الرمزي للأرض ، و الرغبة في العودة إلى دائرية الحياة ، أو الخلود ؛ مثل (الأرض ترتسم في مساحة خضراء – الأرض تبدو بلا حدود – البطل يرمح في ملكية غامضة ، أو مجازية).
أما الأخرى فتؤكد الأبنية الواقعية ، و التاريخية ، و منطق الملكية ؛ مثل (الأب يحفر تفاصيل الأرض في ذاكرته التاريخية – الأب يرى الأرض مغتصبة – تاريخ الأرض ينتقل إلى ذاكرة سيد ، و يستشعر مرارة الفقدان كالأب).
و تظل هذه الازدواجية في الوعي ، مع تأكيد السارد للثراء ، و التجدد ، و التجاوز في بنية الأرض ، و أخيلتها الروحية .
رابعا : تداخل الأزمنة :
دائما ما يكمل الحدث نفسه – في النص – في صياغة دائرية تجمع بين المتناقضات المشكلة للأرض ، و ذاكرة البطل ، و هويته ؛ فتزدوج الولادة – بما تحمل من أصالة ، و بهجة – بالانشقاق ، و الاختلاف ، كما يختلط الترحيب العائلي بتنامي الغربة ، و العبث ، و التاريخ ، بالصياغات المتجددة للوعي ، و أخيلته ، دون حسم واضح ؛ و هو ما يكسب النص ثراء دلاليا .
و يبدو التداخل بين الغربة ، و ذكرى الولادة التي تحمل دلالة الاندماج الكوني بالأرض واضحا في المشهد الأخير من النص ؛ إذ يحاول صالح طمس الماضي ، مع تثبيت العلاقة العائلية بالبطل / سيد ، بينما تختلط في العالم الداخلي للأخير الغربة بالصمت ، و موافقة صالح .
إن الأزمنة تتداخل ، و تتصارع في النص ، ثم تعيد تشكيل نقطة البداية ؛ كي تفسح للأخيلة الذاتية ، و الكونية مجالا مناهضا لحتميات الواقع ، و العلاقات العائلية ، و التاريخية.
خامسا : الروح الجمالية للمكان :
للأرض بنية جمالية تتجاوز الصمت ؛ و كأنها شخصية طيفية يعاد تشكيلها – من منظور تأويلي ذاتي – في الأحداث ، و المعاني ، و الشخوص ، و الإيماءات النصية المتغيرة .
و تصب جماليات الأرض هنا في اللامركزية المميزة للأطياف ، و الدوال الفنية ؛ فأثناء زيارته للقبور تأمل البطل الأرض انطلاقا من تجدد أرواح الموتى فيها ، و تجدد الموت نفسه في نباح الكلاب ، و الاتصال الخفي بين الموتى ، و الأحياء من خلال ذلك الصوت الخفي للأرض ، و هو المحور ، أو التيمة التي تتبلور عندها رؤية السارد للقبور .
للأرض – إذا – عمق روحي في وعي ، و لاوعي البطل ، و منه يتشكل الصوت نفسه ، و يتماس مع الموتى ، و الأحياء في صخبهم ، و صمتهم ، و أدائهم الإبداعي المتجدد على الأرض بمفهومها الواسع.
و يعبر النص عن رؤية المثقف المصري للعالم من خلال تواتر مجموعة من السمات التي تميزه في السياق الثقافي لمراحل التحرر الوطني ؛ فهو يمارس نقدا لرموز السلطة ، و الاستبداد ؛ مثل رجل التوظيف ذي الشارب المبروم ، و القهر السياسي ممثلا في مقتل صديقه السنباطي في إحدى المظاهرات ، و تتجسد بداخله أحلام الاختيار ، و تشكيل الهوية الفردية ، و الاهتمام بالإنتاجية الفنية ، مع معاناة الفقر من الزاوية الاقتصادية .
إننا أمام صوت يمثل مجموعة طليعية ، تحلم بنوع من التعديل في الشروط الاجتماعية انطلاقا من موقعها في الطبقة الوسطى الصغيرة ، و هي تعيد تشكيل عالمها انطلاقا من رؤى تجمع بين الفكر ، و الاختيار ، و الفن .
لقد خرج سيد من مرحلة الخضوع للحتميات العائلية في القرية إلى محاولة تشكيل تأويل متجدد لوجوده الفردي في اشتباكه مع السياق الثقافي للمجتمع .
و قد تشكلت رؤيته انطلاقا من ضغوط السلطة ، و صعود أحلام التحرر معا في الأبنية الاجتماعية ؛ و من ثم تضافرت رؤى الفكر ، و الضغط السياسي ، و الاقتصادي في تكوين وعيه القائم بالتناقضات بين شاعرية الأنا ، و جمود الواقع .
و قد ارتكزت رؤية البطل على الوعي بالشخصيات الفريدة ؛ مثل المتولي الذي كان يقسم العالم إلى ثنائيات متعارضة بينما يلجأ للخدر ، و الغياب ، و يترك دولابه مشاعا لأصدقائه ، و يقترن انتحاره بهزيمة 67 ، و تزايد مشاعر العبث .
و مثلما تعددت البنى الثقافية المؤثرة في الشخصية ؛ فقد تعددت الأفكار ، و تعارضت في مناقشات المثقفين بين الانحياز للاشتراكية ، أو الرؤى الفنية القائمة على الروح الفردية ، أو مناقشة أفكار كولن ويلسون السلبية ، و غيرها ؛ مما يعكس أصالة التعدد ، و دائرية كل من التأثر ، و التجاوز الجمالي للواقع داخل المثقف .
محمد سمير عبد السلام – مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??